حسين شبكشي
منذ حقبة السبعينات الميلادية من القرن الماضي والعالم بات يعتبر أن الركض (العدو والجري) هو أهم وسائل التريض المفيدة لصحة الإنسان بشكل عام، وأن له عوائد وفوائد جمة أهمها تحسين الدورة الدموية وتخفيض ضغط الدم والسكر والكوليسترول ورفع كفاءة وظيفة القلب.
وكان جيم فيكس العداء الأمريكي الشهير أهم المبشرين بهذه الظاهرة عبر كتابه الأكثر مبيعاً وقتها «الجري»، وانتشرت هذه الظاهرة حول العالم وبات مألوفاً مشاهدة عشرات العدائين في ساعات النهار الأولى في مدن العالم أو مع نهاية اليوم.
واليوم هناك حديث علمي طبي متزايد عن أهمية العناية بالنوم لما لذلك من انعكاسات وتداعيات في غاية الأهمية والخطورة على صحة وعافية الناس إلى درجة تشبيه العاملين في القطاع الصحي النوم بأنه الجري الجديد، أي أنه الآن يروج بفوائده الكثيرة تماماً كما كان يروج للجري قديماً.
قيل قديماً في الأمثال الشعبية إن النوم دواء، وهذا صحيح، حاجة الإنسان إلى ثماني ساعات من النوم منها ثلاث ساعات تصنف بالنوم العميق لها علاقة مباشرة بعمل الأنسولين وتنظيم نشاط الغدد وأداء الكلى والكبد وانتظام عضلة القلب وإعادة شحن الأنسجة العصبية في الدماغ وراحة الجهاز الهضمي.
هناك تخصصات طبية في مجال علاج اضطرابات النوم تقدم تقييماً دقيقاً وتحليلاً عميقاً لكفاءة النوم لدى الإنسان. وأصبحت الأسواق مليئة بالعشرات من المنتجات التجارية التي تقدم حلولاً لتحسين النوم مثل المراتب والوسادات وأجهزة تحسين التنفس ومنع الأصوات وعزلها، بالإضافة إلى المغذيات المصاحبة مثل الميلاتونين والفيتامينات.
هناك كتاب قيّم وفي غاية الأهمية للمؤلفة الأمريكية شيريل هانتر مارتسون بعنوان: «النوم دواء الخالق»، يحكي عن قيمة النوم كعلاج ودواء طبيعي للكثير من العلل والأمراض والمشاكل الصحية متى ما أعطي حقه كاملاً بعناية واهتمام.
النوم لا يزال عالماً غامضاً مليئاً بالألغاز والشيفرات التي لا يزال الإنسان في بدايات الطريق للتعرّف عليها، والدخول في أغوار هذا المجال والانطلاق في فك غموضه وطلاسمه سيكون نقلة نوعية جديدة في الطب البشري أشبه بالهبوط على سطح القمر. ولكن ما هو مثبت ومعروف لدينا علمياً اليوم أن صحة الإنسان باتت مرتبطة بشكل أساسي ونوعي بجودة وساعات النوم والعكس صحيح. السؤال قديماً كان كم عدد الخطوات التي مشيتها اليوم؟ اليوم علينا الاستعداد لسؤال: كم عدد ساعات نومك الليلة الماضية؟