سلطان ابراهيم الخلف
تعتبر وسائل الإعلام بالنسبة للكيان الصهيوني من أنجع الوسائل في تسويق أكاذيبهم وتضليل الرأي العام العالمي. وأول ما قاموا به بعد عملية «طوفان الأقصى» البطولية، هو نشر افتراءاتهم بأن المسلحين الفلسطينيين قاموا بقطع رؤوس أطفال وقتلوا مستوطنين صهاينة واغتصبوا نساءهم.
وأصبحت تلك الأكاذيب هي عنوان الصحف الأميركية والأوروبية وقنواتهم الفضائية، من أجل تبرير حرب الإبادة الجماعية التي شنوها على سكان غزة المحاصرين. ومع ذلك فقد تبين في ما بعد كذب ادعاءاتهم وعلى لسان المستوطنين الذين اعترفوا لوسائلهم الإعلامية بأن القتلى بمن فيهم الأطفال سقطوا بنيران مروحيات الأباتشي، وعناصر جيشهم الذين أطلقوا النار بشكل كثيف على المهاجمين الذين كانوا متواجدين في منازل المستوطنين، وأن النساء لم يتعرضن للاغتصاب.
وقد اعترف متحدثو البيت الأبيض أنهم لم يشاهدوا صوراً لأطفال صهاينة مقطوعي الرأس، بعد أن طالبهم الصحافيون بتقديم تلك الصور من أجل نشرها والتأكد من حقيقتها.
ويواصل الصهاينة نشر الأكاذيب في تبرير قصفهم للمستشفيات ومراكز «الأونروا» والمدارس والمباني السكنية بادعاء تواجد مسلحي المقاومة فيها، مع أن المقاومة تستخدم الأنفاق التي عجزت الآلة العسكرية الصهيونية عن تدميرها خلال الشهور العشرة الماضية.
بالأمس، شن الصهاينة غارات وبدعم من الولايات المتحدة، على ميناء الحُديدة الشريان الحيوي للشعب اليمني، وأضرموا فيه النيران، وليس قواعد الحوثيين العسكرية، بحجة أن الطائرة المسيّرة التي انفجرت في تل أبيب وقتلت صهيونياً، أطلقها الحوثيون من اليمن. لكن الأمر المستغرب الذي يأبى العقلاء تصديقه، أن الصهاينة حددوا مسار الطائرة، وادعوا أنها قطعت مسافة ألفين من الكيلومترات، ودخلت أجواء فلسطين المحتلة دون أن تشعر بها الرادارات الصهيونية المنتشرة في أرجاء فلسطين، أو تسقطها صواريخ القبّة الحديدية التي كلّفتهم مليارات الدولارات، أو حتى طائراتهم الحربية التي تجوب الأجواء الفلسطينية ليلاً ونهاراً! ولم يوجه الصهاينة أصابع الاتهام إلى النظام الإيراني الذي يعتبرونه عدوهم اللدود، أو حليفه الحزب اللبناني الذي يشتبك معهم بمناوشات حدودية منذ فترة!
ولم يقم الصهاينة بالرد على ايران والحزب مباشرة بغارات جوية، علماً بأن إيران هي مصدر الطائرات المسيّرة التي يمتلكها حلفاؤها في المنطقة، وقد نفّذت هجوماً على الكيان الصهيوني في 13 أبريل الماضي بعشرات الطائرات المسيرة التي تم إسقاط غالبيتها، رداًعلى هجوم الصهاينة على القنصلية الإيرانية في دمشق.
اعتداء الصهاينة على ميناء الحديدة اليمني الذي تدخل منه المساعدات الإنسانية والحيوية والوقود، هو عقاب جماعي مباشر للشعب اليمني العربي الشقيق، الذي سيعاني من تفاقم أزمته الاقتصادية، وتردي حياته المعيشية، وليس الحوثيين الانقلابيين.
ولا يستبعد أن يكون هدف الاعتداء الصهيوني على الميناء البعيد عنهم، هو رد الاعتبار لجيشهم المتعثّر في غزة، ورفع معنوياته المنهارة، ولاستعراض عضلاتهم أمام العالم العربي الفسيح، وتهديده بأن ذراعهم طويلة، تصل إلى أي مكان فيه، حيث أطلقوا على اعتدائهم الإرهابي على الميناء عملية «اليد الطويلة». بينما يصعب تصديق كذبتهم بأن المسيّرة أطلقت من اليمن البعيد، وليس من مكان آخر قريب، كما لا يستبعد أنهم افتعلوها لخدمة أهدافهم الشيطانية في منطقتنا العربية.