يوسف الجلاهمة
الجمعة «الزفرة»
الجمعة الفائتة، العالم كله وقف على رجل واحدة حين تعطّلت الخدمات الإلكترونية العالمية لشركة «مايكروسوفت»، والكويت كانت إحدى هذه الدول التي أصابها ما أصاب الغير ولكن الحمد لله مرّ الأمرُ بسلام.
خبر على الصفحة الأولى لصحيفة «الراي» يقول «عاملان أساسيان كانا لهما الدور البارز في تجاوز الكويت العطل»، الأول تفعيل خطة الطوارئ والثاني غرفة العمليات لمتابعة التطورات.
عند قراءة هذه الفقرة من الخبر سرحت قليلاً وقلت في نفسي ما قاله الفنان الكبير سعد الفرج... قوية... قوية وزاد الخيال إلى الانتقال إلى المشهد الأخير من مسرحية «بني صامت» حين خسر حسين وسعد بن صامت كل ثروتهم بلحظة واحدة واجتمع مجلس الإدارة لمتابعة التطورات في أسواق المال العالمية عن طريق الوسيط «براون» فكان هذا المشهد في غرفة عمليات متابعة التطورات في العطل الإلكتروني.
غرفة دائرية وسطها طاولة دائرية وخلفها كراسي وبعض المسؤولين المكلّفين متابعة التطورات، هواتف نقالة بأنواع عدة (احتياطياً) الوقت بعد صلاة الجمعة... يرن الهاتف الأحمر، أحد أعضاء اللجنة يأخذ الهاتف ويتكلم على الجانب الآخر (وكيل وزارة بالتكليف) وهذا الحوار:
المسؤول: ألو، نعم منو معاي تفضل.
الوكيل: معاك وكيل وزارة... بالتكليف طال عمرك إنتو اللجنة؟
المسؤول: نعم تفضل شعندك فيكم شي؟
الوكيل: أبد والله ما عندي شي أنا كل جمعة عندنا جمعة في بيت الوالدة الله يحفظك والوالدة، مسوية لنا على الغداء مطبق زبيدي وعلى جنب عيش مشخول وميد مشوي، كل جمعة زفر طال عمرك.
المسؤول: من بختك الله وكيلك تو الحين طالبين لنا سندويشات فول وفلافل وبطاط بذنجان (خبرك ماكو ميزانية) عموماً الزبيدي غالي؟ كويتي أو مستورد؟
الوكيل: لا طال عمرك كويتي الكيلو بـ (14) ديناراً بس.
المسؤول: ما يصير هذا السعر، وين خطة وزارة التجارة مع تجار السمج ينزلون كميات كبيرة وينزل السعر.
الوكيل: هذي خطة طال عمرك لسنة 2030، بس بينزل لا تحاتي، هل الأيام بس اللي خبرك ياكلون زبيدي بعدين الشعب، ولا تنسى بعد أغلبيتهم (إللي خبرك) مسافرين (كان ونيس وديفون وجنيف ولندن) وغيرها لازم يدزون لهم الزبيدي أول ما ينزل ومعاه (خلال ورطب)، على فكرة الطيران شخباره، لا يخيس السمك والله أحاتيهم.
المسؤول: الله يستر هذيل السانهم طويل أخاف يذوب الثلج عن الزبيدي ويخيس إذا طولت السالفة والرطب يتحول إلى تمر، بسألك الميد تشوونه فاتحين بطنه أو ما تنظفونه؟
الوكيل: لا لا طريقة الوالدة من زمان جيبه من السوق على التاوة على طول، خيره فيه ما نفتح بطنه.
المسؤول: ناطع! عموما نرجع لمحور الاتصال، إنت ليش متصل؟
الوكيل: قلت لك طال عمرك أنا في بيت الوالدة وربعي كلهم دزيتهم الوزارة، قلت اتصل فيكم شنسوي في أجهزتنا؟ شنو الدبرة؟
المسؤول: شنو نوع البرامج اللي تستخدمونها ومنو وكيلكم على الأجهزة والخدمة؟
الوكيل: مثلك عارف أنا بالتكليف طال عمرك يعني قاعد واتلفت ما أدري متى يقولون «يا الله طس» ماني فاضي أتعلم بس اللي أعرفه أن عندنا شاشات وتعطونا بدل شاشة ما تقصرون وطابعة ليزر والأجهزة ندز منها إيميلات وبعض الأحيان ندخل مواقع صينية نشتري أغراضاً للعيال والبيت!
المسؤول: أحد عندكم سوى «UPDATE» تحديث على الأجهزة؟
الوكيل: لا والله ما حدثنا شي، الله وكيلك عاصرين الميزانية ماكو فلوس، هذه أجهزتنا من سنين.
المسؤول: إنت تدري شنو «UPDATE» !! عموماً دام إنك اتصلت خذ هذه التعليمات: قول لربعك «SYSTEMS SHUTDOWN» يعني إغلاق السيستم، وينتطرون تعليماتنا بندزها لكم.
الوكيل: أي سيستم طال عمرك؟
المسؤول: حسبي الله عليك سيستم الكمبيوتر وانتظر مني رسالة وتساب «كلمة السر» عشان تشغل سيستم الكمبيوتر مرة ثانية، الله يستر علينا وعليك.
الوكيل: وشنو كلمة السر؟
المسؤول: مستر براون.
الوكيل: إذا سوينا إغلاق السيستم وأنا أنتظر كلمة السر، ربعي شنو يسوون بعدها؟!
المسؤول: مثل ما إحنا نسوي، ادعو «مولاي سهل علينا... مولاي سهل علينا»، ياللا مع السلامة وصلت السندويشات، أقصد الغداء.
انتهى الخيال والله يقطع ابليس على هذا الخيال، عموماً ما ذكرته خيال وليس الواقع، لأن الواقع يعني أن الشعب كله كل يوم لمدة 24 ساعة يدعو الله «مولاي سهل علينا...».
على خدي أحط إيدي
يقول الفنان عبدالله فضالة، رحمه الله:
على خدي أحط إيدي وأحاسب روحي بروحي
وأقول بيدي جرحت إيدي وزدت جروحي بنوحي
كلمات الشاعر عبدالمحسن الرفاعي، رحمه الله.
ما حدث يوم الجمعة الفائتة يجب ألا يمر هكذا كي لا يأتي اليوم الذي نضع يدنا على خدنا ونحاسب أنفسنا على التقصير، سبق وأن تعرضنا إلى هجمة سيبرانية قوية في وزارات عدة ومنها المالية، وكل ما عرفناه أنها هجمة وتمت السيطرة عليها وسلامتك.
الجمعة الفائتة أيضاً لم تكن التطمينات مريحة وتبين أن الأمر لا حول لنا فيه ولا قوة، نحن يا سادة بحاجة إلى جهاز وطني للدفاع السيبراني (مدني) لا تسيطر عليه الأمزجة السياسية، يتبع لسمو ولي العهد كي لا يخضع لأي ابتزاز، سمو ولي العهد لا يرغب إلا في رضا الله والأمير والشعب الكويتي في عمله.
الجهاز الوطني مهمته الدفاع عن الجهات السيبرانية وتكون قوة دفاعية وقوة هجومية، كذلك يقوم الجهاز بتدريب الجهات الحكومية والقطاع الخاص على الهجمات السيبرانية وكذلك نصائح عند شراء الأجهزة والأنظمة العملاقة.
هذا الجهاز مدني ويمكن تمويله من الجهات المستفيدة منه على أن تكون كوادر كويتية متخصصة شابة ولا مانع من الاستفادة من خبرات عالمية أثناء التأسيس مثل الصين والهند واليابان وكوريا لتدريبهم وتشكيل الفرق الفنية والتقنية لهذا الجهاز، وشكراً.
وعلى الخير نلتقي،،،