في جولة ميدانية لمدينة ما، وكان من ضمنها القيام بزيارة قلعة سياحية أثرية. نزل أحد الأعضاء للمكان وفي يده زجاجة ماء، بدَأتْ الجولة، وبَدَأ معها بشرب شيئاً من الماء، كان المسؤولون يتحدثون عن الدور الذي قاموا به لترميم المكان والحفاظ عليه، وأثناء ذلك انتصف تقريباً في شرب الماء. النفايات في أركان المكان وبعضها خلف الأبواب الأثرية، والاتهامات تذهب للمواطن، ووعي المواطن، وثقافة المواطن.
انتهى من شرب زجاجة الماء، أكمل الجولة وهو ممسك بالزجاجة الفارغة، كانت هناك أمور لافتة في القلعة التاريخية من الناحية الجمالية والتراثية، ومع الأسف تم العثور على بعض النفايات في أماكن أخرى.
والزجاجة...
لا تزال في يده...
طبعاً الحديث يدور تارة حول القلعة وقيمتها التاريخية، وتارة حول «وعي» المواطن، ومستمعاً كان يقّلب زجاجة الماء بين يديه، تارة في اليمين وتارة في الشمال، انتهت الجولة، والزجاجة... لا تزال في يده.
وبعد نهاية الجولة التفت إلى المسؤولين قائلاً: لنا فترة ونحن نتكلم عن وعي المواطن، وثقافة المواطن، وأن المواطن لا يهتم بنظافة المكان، ولا يحس بقيمة المكان التاريخية... إلخ. وأنا طوال الرحلة أمسك زجاجة ماء فارغة أبحث عن سلة مهملات واحدة لم أجد، هل بعد ذلك نلوم المواطن؟
يقول الراوي:
أي شعب في العالم يتكون من ثلاث فئات:
1 - فئة المتعاونين: وهي فئة لديها إحساس عالي بالمسؤولية الاجتماعية، فلو كان موقع سلة المهملات يبعد 1000م ، فهي ستذهب لإلقاء النفايات إحساساً منها بالمسؤولية.
2 - فئة العابثين: وهي عكس الأولى، لا يوجد لديها أي إحساس بالمسؤولية، ترى في النظام تقيد، وفي القوانين حبال تستلذ بالهرب منها. هذه الفئة لو كانت سلة المهملات تبعد عنها 10م فهي بكل مهارة سترمي نفايتها في مكان آخر، وأحياناً ومن باب العناد سترمي نفاياتها بجانب سلة المهملات حتى ولو كانت خالية!
3 - فئة الطبيعيين: وهي فئة إحساسها عادي بالمسؤولية الاجتماعية، سهلة الانقياد متى ما وجدت ما يستحق أن يُتّبع، أكثر ما يستفزها أن تضع لها قوانين دون أن تهيئ لها كيف تطبّق هذه القوانين.
أخيراً...
الفئة الطبيعية فئة قائمة على ردة الفعل...
تحترمها... تحترمك...
تهملها... تهملك.
ما بعد أخيراً...
التخطيط والتنمية يجب أن يركز على الفئة الثالثة. لأنها متى ما وجدت الجو الملائم للتطور والتقدم والحفاظ على المرافق العامة فإنها ستفعل، ومتى ما وجدت العكس فهي لا تكلِّف نفسها بأي شيء. فيما يخص الفئة الثانية فالقانون كفيل بالتعامل معها، أما الفئة الأولى، فكثر الله من أمثالها.