لا مفاجآت في ما انتهت إليه، حتى الآن، الانتخابات التمهيدية، في الولايات الأمريكية المختلفة بين مناصري الحزبين المتنافسين، الديمقراطي والجمهوري. كل شيء جرى حسب التوقعات. الرئيس الحالي بايدن يتفوق على منافسيه من داخل حزبه للظفر بترشيح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، لأن الناخبين الديمقراطيين يرون أنه الوحيد القادر على منازلة خصمه الجمهوري اللدود، الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي بات، وفيما يشبه اليقين، المرشح الجمهوري القادم، بعد أن «سحق» بما ناله من أصوات في الانتخابات التمهيدية كل منافسيه من داخل حزبه، الذين اضطروا للانسحاب من السباق واحداً تلو الآخر، ولم تبق سوى ممثلته السابقة في هيئة الأمم المتحدة، نيكي هايلي، المصرّة على مواصلة منازلة ترامب، مع أن كل الآفاق أمامها مسدودة.
حقق ترامب ما يكفيه من الانتصارات في «الثلاثاء الكبير» ليضمن بأكثر من 90 في المئة خوض غمار الانتخابات الرئاسية، حيث حصد، حتى الآن، أكثر من 1000 مندوب مقابل 80 لمنافسته هايلي، ويحتاج ترامب لضمان ترشحه عن حزبه لحصد 1215 مندوباً على الأقل، وهو رقم في متناوله، حيث يواصل، وبنجاح، إقناع ناخبيه أنه بعودته رئيساً للولايات المتحدة سيجعل الحزب الجمهوري وأمريكا «أفضل وأقوى»، فيما لا يجد منافسه الديمقراطي، بايدن، من ورقة يُلوّح بها أمام ناخبيه سوى التحذير من مغبة «عودة الانقسام والظلام اللذين ميزا عهدة ترامب» السابقة.
ورغم أن موقف ترامب من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة لن يختلف، من حيث الجوهر، عن موقف إدارة بايدن، بل إنه سيكون أسوأ وأكثر فجاجة، وهو ما أعلن عنه مؤخراً حيث قال إنه يدعم إسرائيل في حربها على القطاع، فإن بايدن دفع، وسيدفع، فاتورة موقف إدارته من تلك الحرب، إذ تجد الجاليات العربية والمسلمة في مختلف الولايات والتي دعمت بايدن في الانتخابات السابقة، نفسها محمولة على التصويت ببطاقات بيضاء تعبيراً عن استيائها من فشل بايدن في فرض وقف إطلاق النار في غزّة.
أثار اهتمام المراقبين تصميم المنافسة الجمهورية لترامب، نيكي هايلي، على مواصلة ترشحها رغم أنها لم تفز سوى في ولايتين، إنها فشلت فشلاً ذريعاً حتى في ولاية كارولينا الجنوبية التي حكمتها من 2011 إلى 2017، وهناك ما يشبه الإجماع على أن هايلي، رغم كل ما واجهته من فشل، تعوّل على أن يدين القضاء دونالد ترامب لتحل محله، وهذا أيضاً ما يرتكز عليه داعموها الماليون، في خطة بديلة في حال استبعد ترامب، لكن هناك من يُذكّر هايلي بأن الدستور الأمريكي يتيح لترامب أن يصبح رئيساً حتى لو دانه القضاء وسُجن.