في أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي، أعلن عن معدلات تدعو للأسف في نمو إجمالي الناتج المحلي للاقتصاد العالمي الذي بلغ 104.47 تريليون دولار بنهاية العام الماضي، ووصفها بأنها الأدنى والأبطأ على مدى 30 عاماً. وتشير التوقعات إلى أن معدل النمو العالمي سيبلغ 3.1 في المئة العام الحالي، ثم يرتفع إلى 3.2 في المئة العام المقبل. أما البنك الدولي، فوصف الاقتصاد العالمي بوضع أفضل مما كان عليه قبل عام من الآن، حيث تراجعت مخاطر حدوث الركود.
وعزا ذلك إلى قوة الاقتصاد الأميركي، لكنه أشار إلى أن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، يمكن أن تخلق أخطاراً جديدة، وسط تباطؤ معدلات النمو في معظم الاقتصادات الكبرى، وتباطؤ التجارة العالمية. وفي هذا السياق، فقدت اليابان تدريجياً قدرتَها التنافسية والإنتاجية، وتراجع موقعها إلى المرتبة الرابعة بين كبرى اقتصادات العالم، إذ بلغ ناتجها الإجمالي المحلي 4.2 تريليون دولار بنهاية العام الماضي.
وحلت محلها ألمانيا في المرتبة الثالثة بناتج بلغ 4.4 تريليون دولار.علماً أن اليابان توصف تاريخياً بأنها «معجزة اقتصادية» بعدما نهضت من رماد الحرب العالمية الثانية، لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، وبقيت حتى عام 2010 عندما تراجعت إلى المرتبة الثالثة، نتيجة تقدم الاقتصاد الصيني الذي لا يزال يحتفظ بالمرتبة الثانية بناتج بلغ 17.7 تريليون دولار، بعد الاقتصاد الأميركي الذي بلغ ناتجه المحلي 26.9 تريليون دولار.وإضافة إلى ضعف «الين» الذي ساهم في تراجع الأداء الاقتصادي بانخفاض قيمته بنسبة 7 في المئة مقابل الدولار، هناك عوامل عدة يواجهها الاقتصاد الياباني، لعل أهمها «الشيخوخة»، وانخفاض عدد الأطفال وقلة العمالة.
ولوحظ أن عدد سكان اليابان بدأ بالانخفاض عام 2011، وقُدر في عام 2014 بنحو 127 مليون نسمة، ويتوقع أن يتقلص إلى 107 ملايين عام 2040 وإلى 97 مليوناً عام 2050، ويشكل الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم خمسة وستين عاماً، أو أكثر حوالي ربع إجمالي السكان، وسيصلون إلى الثلث عام 2050. وتواجه اليابان كذلك مشكلة نقص في العمالة، وتعد الهجرة إحدى الخيارات المتاحة. أما بالنسبة لألمانيا، فإن وضعها ليس أفضل من اليابان، وعلى الرغم من أن اقتصادها هو أكبر اقتصاد في قارة أوروبا (العجوز)، فهي تحمل لقب «رجل أوروبا المريض».
وإضافة إلى الأعباء الكبيرة التي يتحملها من تأثير تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، فهو يواجه حالة من الركود، وارتفاع حدة المخاوف من تراجع النمو، في ظل ارتفاع معدل التضخم، وأسعار الطاقة، فضلا عن نقص الأيدي العاملة، وهي بدورها تعتمد على الهجرة المتاحة لتغطية هذا النقص. ومع ارتفاع نسبة «الشيخوخة»، سيتضاعف عدد كبار السن ليصل أكثر من 5 ملايين شخص بحاجة إلى الرعاية عام 2030، ثم إلى 7.25 مليون عام 2050.
وبما أن الفارق ضئيل بين الناتج المحلي الياباني والألماني، ومع أخطار المشاكل التي تواجه مستقبل الاقتصادَين، تبرز قوة الاقتصاد الهندي الذي يحتل المرتبة الخامسة عالمياً بناتج محلي يبلغ 3.73 تريليون دولار، ويتطلع إلى المرتبة الثالثة بتحقيق أسرع وتيرة للنمو، خصوصاً أن الهند أصبحت أكبر دولة في العالم بعدد سكانها البالغ 1.428 مليار نسمة، وهي دولة «فتية» لأن أكثر من 40 في المئة تقل أعمارهم عن 25 عاماً، وهناك أكثر من 900 مليون في سن العمل، ويتوقع أن يتجاوز المليار خلال العقد المقبل. وهي قوة عاملة كبيرة، ومؤثرة في رأس المال البشري، وذات أجور منخفضة نسبياً، ما يجعلها نقطة جذب للشركات الغربية التي تبحث عن مركز تصنيع بديل للصين.