يصادف 22 فبراير من كل عام حلول ذكرى وطنية عظيمة ورائعة على المملكة العربية السعودية وشعبها، بدأت أحداثها المباركة في منتصف عام 1139 الموافق 1727 عند ظهور الدولة السعودية الأولى على الوجود في عهد الإمام الأمير محمد بن سعود، والتي استمرت إلى عام 1233 الموافق 1818، وعاصمتها الدرعية ودستورها القرآن الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
تَمكنت الدولة السعودية الأولى من إرساء الوحدة والأمن والأمان في الجزيرة العربية، بعد قرون من التشتت والفرقة وعدم الاستقرار. وتَمكنت كذلك من الصمود أمام التحديات، التي كانت تحيط بالجزيرة العربية آنذاك، لتأتي بعد سبع سنوات مرحلة أخرى من التَمكين والثبات والإنجاز، عندما أسس الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود في عام 1240 الموافق 1824 للدولة السعودية الثانية التي استمرت حتى عام 1309 الموافق 1891، لتستمر خلال تلك الفترة رحلة بناء وطن قوي وتستمر مسيرة العطاء والثبات.
وبعد مضي عشر سنوات، قيض الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود عام 1319 الموافق 1902 ليؤسس للدولة السعودية الثالثة ويوحدها كيكان دولة مترامية الأطراف تحت مسمى المملكة العربية السعودية في عام 1932، ليسير من بعده على نهجه القويم والحكيم والسديد أبناؤه البررة من الملوك باتجاه تعزيز مسيرة البناء للدولة السعودية والمحافظة على وحدتها وتماسكها حتى يومنا هذا.
واليوم وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- تعيش المملكة عصراً زاهراً يشهد إنجازات حضارية عملاقة غير مسبوقة بقيادة حكيمة بمساعدة عضده وساعده الأيمن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وعراب رؤية السعودية 2030 التي انطلقت في 25 ابريل 2016، لتنقل المملكة اقتصادياً وحضارياً وسياسياً وتكنولوجياً وبجميع مناحي الحياة الأخرى إلى آفاق أوسع وأرحب مما كانت عليه قبل انطلاق الرؤية.، حيث قد حقق الاقتصاد السعودي نمواً في عام 2022 بنسبة بلغت 8.7 % متفوقاً بذلك من حيث الأداء على العديد من اقتصادات دول العالم المتقدم، بما في ذلك اقتصادات دول مجموعة العشرين، كما وتَمكنت المملكة من أن تتبوأ مراتب متقدمة على مستوى دول المجموعة في قدرتها على جذب واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وأيضاً استقطاب السياح والزوار الأجانب، حيث على سبيل المثال؛ ساهمت رؤية السعودية في تحسين مستويات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2022 لتحقق نمواً يقدر نسبته بـ337 % مقارنة بعام 2017، كما وشهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الخارجة انخفاضاً تدريجياً منذ عام 2007 وحتى نهاية عام 2022.
وعلى صعيد السياحة الداخلية، فقد حققت المملكة مستهدفاتها السياحية قبل حلول عام الرؤية، حيث بلغ عدد السياح الأجانب الذين قدموا للمملكة العربية السعودية 27 مليون سائح في عام 2023، وبلغت الإيرادات المتحققة من القطاع السياحي 100 مليار ريال، وبلغ حجم التمويل المقدم للقطاع السياحي 35 مليار ريال من خلال صندوق التنمية السياحية منذ تأسيسه.
إن نجاح الاستراتيجية السياحية السعودية حققت للمملكة أهدافها السياحية قبل أوانها، مما تطلب تحديث لهدف الرؤية الأساسي بلوغ 150 مليون سائح (80 مليوناً من الداخل و70 مليوناً من الخارج) بدلاً من 100 مليون سائح.
كما وقد حقق القطاع السياحي ولأول مرة فائضًا في بيانات بند السفر في ميزان المدفوعات، حيث قُدّر الفائض حتى نهاية الربع الثالث من 2023 بنحو 37.8 مليار ريال وبنسبة نمو بلغت 72 % مقارنة بالفائض في 2022 لنفس الفترة.
وعلى الجانب الصناعي، فقد حققت الصناعة قفزات أيضا نوعية وغير مسبوقة. من 7000 مصنع إلى أكثر من 11000 مصنع والاستراتيجية الوطنية للصناعة سيتم رفع المصانع إلى 36000 مصنعاً.
أخلص القول، إن المملكة منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى وحتى عهدنا الزاهر الذي نعيشه اليوم، وهي تسيير بخطى ثابتة وواثبة باتجاه التغيير والتجديد والتحديث بجميع مجالات الحياة.
وقد ساهمت رؤية السعودية 2030 في تجسيد الأقوال والخطط لتجعلها حقيقة وواقع ملموس على الأرض، حتى أن أصبحت المملكة اليوم مرجعاً مهماً على مستوى المنطقة والعالم في مجال التحديث والتطوير، كما وانعكست رحلة التغيير على جميع الأنشطة الاقتصادية بلا استثناء، وساهمت في خلق الوظائف للمواطنين من الجنسين، وفي نمو الاقتصاد وتنويع الإيرادات، لتنعم المملكة وشعبها برغد العيش في ظل الاستقرار السياسي والاجتماعي والنمو الاقتصادي.