: آخر تحديث

استطلاع في دماغ التنّين

17
15
22
مواضيع ذات صلة

هل يُعقل ألّا تكون قد ساورتك الحيرة في شأن الصين، التي لا تحرّك ساكناً إزاء عنتريات إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ؟ لم يَعد في ساحات التقانات الجديدة صوت أو صدى غيرهما. هل يُصدّق عاقل أن التنين غافل عمّا يفعلان؟ في بلاد الله دول إذا أنعم عليها بنك النهب الدولي ببضعة ملايين من الدولارات، قرضاً يمتص به دمها ويقصم ظهر ميزانيتها، غنّت: «جادك الغيث»، بينما إذا خسر إيلون أو مارك بضع عشرات من المليارات، تذكّر طرفة: «بعوضةٌ حطّت على نخلة، فلمّا أرادت أن تطير، قالت: استمسكي يا نخلة، فإنني أريد أن أطير، قالت: والله ما شعرت بك حين حططت، فكيف أشعر بك وأنت تطيرين»؟

لا يمكن أن تكون الصين ساهيةً أو لا مباليةً برجلين طموحهما يتجاوز مطامح الكثير من الدول، وفي ميادين هي اليوم ومستقبلاً شريان حياة العصر، بل أبعد مدى، فالحديث عن الخلايا العصبية الاصطناعية يعني الحديث عن القوة الوحيدة التي تتقدم بقفزات مذهلة على طريق منافسة الدماغ البشري. مبدئيّاً، والآلة الذكية في خطواتها الأولى، لم يعد للإنسان أيّ أمل في الندّية الحسابية. هل تُسابق آلةً تنجز مئتي تريليون عملية حسابية في الثانية؟ «فعاند من تطيق له عناداً».

محال أن تنام عين التنين عن «شجبت» (شات جي.بي.تي)، في حين يتوقع له مؤسس شركة «إنفيديا» بأنه سيصبح بعد عقد أقوى مليون مرّة. في المقابل، لا يجرؤ أيّ خبير على القول إن دماغ الإنسان سيصير أقوى عشر مرات ممّا هو الآن. محال تصوّر كيف سيغدو الذكاء الاصطناعي أقوى مليون مرّة من أذكى آلة ذكيّة.

ههنا مطرح السؤال: ما الذي يدور في الدماغ الأسطوري لدى التنين؟ لا بد من تذكّر المثل الصيني القديم: «اجلس إلى ضفة النهر وانتظر، فسوف يمرّ يوماً حاملاً جثة عدوّك». تلك كانت خطة استراتيجية مريحة، أيّامَ لم يكن العدو إمبراطورية لا تغيب عنها شمس ولا قمر، ولها استراتيجية لكل بقاع المعمورة، إلى أن تتجلّى فيها صورة أبي الطيب: «أبداً غرابُ البيْن فيها ينعقُ». خماسي العمالقة «جافام»(جوجل، آبل، فيسبوك، آمازون، مايكروسوفت)، كلها لا تحرّك شعرةً في مفرق التنين. همّه أن يقع الفيل بما حمل، وأن ينهض نظام عالمي جديد سيضم أكبر كتلة في آسيا، وجلّ إفريقيا، وأغلبية أمريكا اللاتينية. الأمل كبير في أن يقتحم العرب المستقبل بقوة، وأن يدركوا هذه المرّة الأهمية الاستراتيجية للتكتلات، ليضعوا حدّاً لمهزلة الدومينو. يقيناً، سيكون البريكس الموسّع أهم للعالم ألف مرة من الاتحاد السوفييتي.
لزوم ما يلزم: النتيجة التكميلية: هل كان الحديث عن العمالقة الخمسة منقوصاً؟ كلّا، ألم نقل إن التنين مشغول بوقوع الفيل والحمار بما حملا؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد