: آخر تحديث

دردشة أوضاع عالمية قططية

15
14
16
مواضيع ذات صلة


ما هي المواقف الإيجابية الفعالة المنتظرة من الإعلام والثقافة في الأزمات التي لا تلوح لها من كاشفة؟ العالم اليوم مجموعة صور قططية متداخلة متلونة. أمل البشرية أن يكون العالم قطة بسبع أرواح، فشكسبير يقول: «أنْ يموت المرء مئة مرة خير من أن يموت مرة واحدة».


غير أن الأوضاع المتأزمة، لكثرة الشرور المتحزمة، والمعضلات المترزمة، والعزائم النبيلة المتقزمة، جعلت العالم «قطة على سطح صفيح ساخن». جو بايدن يقول: «لن تنتصر روسيا أبداً»، ونظيره الروسي بوتين يردّ: «روسيا لا يمكن أن تُهزم»، ما يعني أن الصورة التي رسمها الرئيس الأمريكي لروسيا هي ضرب من الجناس الكامل: «من راسبوتين إلى رأس بوتين». ها هو العالم يشبه قطة شرودينجر في فيزياء الكم، الحية الميتة في آن.

نستطيع الجزم بأن العالم ليس راسياً على قرني ثور، كما تُصوره الأساطير، فهو اليوم جالس على أريكة «حضارية» تحتها أحد عشر ألف قنبلة نووية لروسيا والولايات المتحدة، فقط لا غير. هل تذكر ما قاله ألفريد هيتشكوك حين سئل عن سر فن التشويق في السينما؟ قال: «أجلِسْ شخصين على أريكة ودع المشاهد يعلم أن تحت الأريكة قنبلة موقوتة، حينئذ لهما أن يقولا أي هراء، فالمشاهد لا يكترث لأي كلام. هل يصغي الأقوياء لصوت العقل؟ هل يرون عواقب النوائب؟

عتاولة الواقعية في السياسة والجغرافيا السياسية لا يقيسون التقدم الذي حققته الإنسانية عبر التاريخ، بالقفزات النجومية من ألواح الطين المسمارية، إلى الألواح الحاسوبية التي تعد مرحلة حبو قياساً على الحواسيب العملاقة وحواسيب الكوانتوم، وإنما يقيسونه بالسنين الضوئية التي تفصل السيف الذي قال عنه أبو تمام إنه «أصدق إنباءً من الكتبِ»، وبين الترسانات النووية التي بدأنا نوقن أنها لم تُصنع لمجرد تبديد الميزانيات الدفاعية. الآن أدركت شعوب العالم المغلوب على أمره، أن القنابل الذرية كانت في أذهان صانعيها «القرش» الأبيض الذي سينقضّ بأنيابه على الكوكب في يوم حالك السواد.

ألا تكفي هذه المشاهد للبرهنة على صدق أبي تمام؟ ماذا تستطيع سود الصحائف في الإعلام والثقافة أن تفعل إذا لمعت بيض الصفائح كبارق ثغر عبلة؟

لزوم ما يلزم: النتيجة التجهيلية: إذا فقد الإعلام والثقافة القدرة على التوعية السليمة، فالسكوت أفضل من التجهيل الذي يمارسه عدد كبير من وسائط الإعلام الغربية في حرب أوكرانيا وتداعياتها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد