: آخر تحديث

كل عام ونحن بخير

17
20
20
مواضيع ذات صلة

هكذا هي أيامنا تنساب مصطفة في الزمن بالتوالي كما تلزمها به حتمية الانتقال من الماضي إلى الحاضر ومن ثم إلى المستقبل. يوم فأسبوع فشهر فعام... إيقاع زماني منتظم ينشئ للتاريخ هيكله الذي يكسوه البشر لحما وينفخون فيه من أرواحهم ما به يبنون الحضارات. ومن عادة المجتمعات الإنسانية، وبحكم تطورها المدني أنها تصنع فرحها وتراكمه وتؤرخ له وتبقيه محفوظا في الذاكرة الوطنية تحتفي به الأجيال وتعود إليه بعد عام من حدوثه لتتذكر منجزها الذي تم في تاريخ معين ثابت من هذا الشهر أو ذاك وتجري له عملية تقييم إن تطلب الأمر ذلك. ونحن في مملكة البحرين معظم أعيادنا الوطنية تتكاثف في شهر ديسمبر، ولهذا فإن شهر ديسمبر في الروزنامة البحرينية هو شهر الأعياد والأفراح.

 إذًا نحن في شهر ديسمبر من كل عام على موعد مع جملة من المناسبات الوطنية المفرحة على صعيد الوطني البحريني. ومن هذه المناسبات العيد الوطني وعيد جلوس جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، ويوم شهيد الواجب، ويضاف إلى هذه الأعياد يوم المرأة ويوم الشرطة، غير أننا منذ عام 2019، وبعد أن تم طيُّ صفحة عام 2011، التي فيها تم وأد الفتنة الطائفية، لم تلقَ هذه المناسبات الوطنية الاحتفال المناسب لها، على عكس هذا العام الذي يبدو أننا بثقة نقول إن وطننا البحرين يستقبل هذه المناسبات مودعًا إلى غير رجعة إن شاء الله وباء كورونا واحترازاته الصحية الواجبة التي كانت سببا في الإغفالات العديدة التي شهدها المجتمع البحرين وتركت ندوبا ظاهرة في الاقتصاد وفي حياتنا الاجتماعية بعدما اختطف الفيروس أعزاء علينا، ناهيك أنه جعلنا غصبًا عنا نحجم عن إقامة الاحتفالات بالشكل الذي يليق بهذه المناسبات العزيزة.

 وبما أننا اليوم نحتفل جميعًا بعيدنا الوطني المجيد، فثمة سؤال لعله يكون على ألسنة الكثيرين، والسؤال هو: ماذا يعني للمواطن أن يكون هذا اليوم، الجمعة، السادس عشر من ديسمبر هو اليوم الوطني لمملكة البحرين؟ مما لا شك فيه أن هذا السؤال يعني الشيء الكثير... يعني استذكار من ضحوا من أجل الوطن، ويعني الفرح ونسج مزيد من الأمل بأن تكون هذه المناسبة الوطنية فرصة للبرلمان ولأصحاب القرار السياسي لمزيد من التعاون لزيادة المكتسبات للمواطنين، وأن يأخذوا على محمل الجد المتغيرات الاقتصادية التي باتت ترهق المواطنين، فمثلما يتم التفكير في إبعاد البلاد عن الصدمات الاقتصادية بمزيد من المشاريع الاستثمارية وزيادة الإنتاج من خلال البحث في باطن الأرض عن البترول والغاز، وترشيد الاستهلاك فإنه من الواجب أن يتم تدارس حال المستوى المعيشي الذي وصل إليه المواطنون ومضاعفة العمل لبلوغ مستويات من المعيشة أفضل.

 المواطنون ممتلئون تفاؤلاً ولا ينتظرون سوى شيء يفرحهم، ينتظرون من نواب الشعب، بتعاونهم مع الحكومة الموقرة، موقفًا صارمًا يحمي حقوقهم ويكرسها وزيادة في أجور موظفي الدولة واستمرارية في دفع المكافأة السنوية للمتقاعدين تخفيفا من سطوة الغلاء الذي بات تأثيره خطيرًا وواضحًا في تآكل الطبقة المتوسطة واصطفاف قسم كبير من أفرادها في عداد الطبقة الفقيرة، ونحن نعلم أن وجود طبقة متوسطة متوازنة وقوية رافعة من رافعات الاستهلاك والتنمية في كل المجتمعات التي تريد أن تنأى بنفسها عن الأزمات والهزات الاقتصادية، فبهذه الطبقة يرتفع نسق الادّخار وتتضاعف أرقام الإنتاج ومن ثم الاستهلاك ويتيسر خلق الثروة. ورغم أن الحكومة تعمل من دون كلل على تحسين خدماتها المقدمة إلى المواطنين، فإن ذلك لا يمنع من المطالبة بزيادة التحسين وجعله هدفًا دائمًا في كل سياساتها وخططها وإجراءاتها على الدوام. فخدمات الإسكان لدينا متطورة جدًا ولكن المواطن يطمح إلى تفعيل عنصر السرعة في تقديمها مع المحافظة على الجودة. ولدينا تعليم مشهود له بالعراقة والقدم ولكن المواطنين يتمنون العمل على تجويد التعليم أكثر فأكثر وعلى تطوير مناهجه ووسائط تنفيذها وعلى تحسين مخرجاته لتستفيد منه فئات مجتمعية أجبرت على الذهاب إلى التعليم الخاص، ولدينا خدمات صحية تليق بسمعة تاريخ الصحة في البحرين الممتد لعقود من الزمن طويلة، ولكننا مع ذلك نطمع في تطويرها حتى لا يُضطر بحريني واحد للسفر خارج البحرين للتداوي أو لإجراء عملية جراحية.

 نحن لا نتحدث هنا طبعا عمن يصطادون في المياه العكرة، ويبحثون عن زلات للتشهير، لننقل ما يطلبون واقعين تحت تأثير أكاذيبهم، فنحن لا نتحدث إلا عن البحريني الوطني بطبعه، عن البحريني الذي يغار على وطنه ومواطنيه ويفتديهم بما ملكت أيمانه. هذا الوطني ومن شدة غيرته وحبه لأرضه وشعبه تراه يعبر وبشكل جهوري تسمعه آذان الحكومة ليلفت نظرها إلى ضرورة الإصلاح. وهذا ما نراه حاصلاً في منصات التواصل الاجتماعي، صوتًا وصورة من أناس لا مجال للشك في وطنيتهم ولا في صدق ولائهم للقيادة السياسية ولا في عمق انتمائهم إلى أرض البحرين الطيبة.

 لا شك في أن رؤوس المواطنين وقلوبهم مفعمة بكثير من الأحلام والآمال وهم يستقبلون احتفالات العيد الوطني المجيد، وكل ما نرجوه هو أن نكون قد نجحنا بهذه المناسبة في تسليط الضوء على بعض أمانيهم وأحلامهم بمناسبة عيدنا الوطني المجيد الذي نتمناه سعيدًا على كل منتم قلبا وقالبا لمملكة البحرين الحبيبة وكل مواطن ومقيم محب لأرضنا الطيبة وشعبنا الأصيل، ونرجوه فرصة عطاء تُشعل جذوة الفرح في مملكة الفرح وتزيدها توهجًا وتألقًا وبهاءً. وكل عام ونحن بخير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد