كارولين عاكوم
تنظر المعارضة السورية إلى مؤتمر فيينا كمحطة مفصلية في مسار الحل السياسي وقد تكون انتقالية إذا أظهر النظام ومن خلفه روسيا التزامهما بالعملية السياسية، مع تعويلها على دور أميركي - أوروبي مستجد، في وقت أشارت مصادر عدّة في «هيئة التفاوض» أن اجتماع «فيينا» امتحان حقيقي للروس وللنظام، بإظهار مسؤولية وجدية لإيجاد حلّ، وإذا نجحا فيه قد تعلن بعدها الهيئة مشاركتها في سوتشي.
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أمس، أن محادثات السلام السورية التي تستأنف في فيينا اليوم (الخميس)، تجري في «مرحلة حرجة جداً».
ونقلت وكالة الصحافة لفرنسية عنه، قوله: «بالطبع أنا متفائل لأنه لا يسعني أن أكون غير ذلك في مثل هذه اللحظات»، مضيفاً: «إنها مرحلة حرجة جداً جداً».
من جهته، قال وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، أمس، إنه لا يوجد تصور لحل سياسي في سوريا بخلاف محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة في فيينا، التي قال: إنها «الأمل الأخير».
ولا يتوقّع أعضاء الهيئة أن تخرج اجتماعات فيينا التي تبدأ اليوم وتستمر إلى يوم غد، بأي نتائج عملية معتبرة أنها لن تكون أكثر من محطة للانتقال إلى سوتشي، إذا «نجحت» موسكو في إظهار مدى تأثيرها على النظام. ومع وصول وفد الهيئة المشارك في المفاوضات إلى فيينا يوم أمس وبدء اجتماعاته، لم يكن الموقف من سوتشي قد اتضح بشكل نهائي، مع تأكيد مصادر عدة على أن الهيئة منفتحة على أي مبادرة تصب في خانة الحل من دون أن تستبعد إعلان المشاركة في المؤتمر الروسي بعد الجولات التي قام بها رئيسها وعدد من أعضائها إلى موسكو وتركيا. وكان لافتا اللقاء الذي جمع يوم أمس رئيس الهيئة نصر الحريري بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان بعد ساعات على زيارته إلى موسكو وقبل انتقاله إلى فيينا. وفي هذا الإطار لفتت مصادر في «الائتلاف الوطني» لـ«الشرق الأوسط» «إلى أن المعلومات تشير إلى موافقة الأمم المتحدة برعاية سوتشي وفق شروط محددة قبلت بها موسكو وتركيا، وهو ما يفترض أن يظهر في نهاية مؤتمر فيينا، أهمها توظيف نتائجه في جنيف».
وكانت الأمم المتحدة أعلنت في دعوتها إلى فيينا، أن «أي مبادرة سياسية من قبل الأطراف الدوليين يجب أن تقيم انطلاقا من قدرتها على المساهمة في دعم عملية جنيف السياسية التي تتولى الأمم المتحدة رعايتها والتطبيق الكامل للقرار 2254. وهو خريطة طريق لإنهاء النزاع أعدت في عام 2015».
ويصف نائب رئيس الائتلاف وعضو وفد «الهيئة» إلى فيينا، عبد الرحمن مصطفى، جولة فيينا بـ«المحطة المهمة جدا» التي ستشهد تقويما لكل الوعود الروسية ومدى التزامها بها عبر انخراط النظام بالعملية السياسية، ليبنى بعدها على الشيء مقتضاه، وهو ما يؤكد عليه أيضا عضو الائتلاف، هشام مروة لافتا في الوقت عينه إلى الدور الأميركي الأوروبي المؤثر الذي قد يظهر وهو الناتج عن الاستياء من التفرّد الروسي في الأزمة السورية، ويوضح لـ«الشرق الأوسط» «إذا وجدت مبادرة أميركية أوروبية فهي عمليا في سياق محاولة الحد من التمادي الروسي من دون أن تخرج عن قرارات الأمم المتحدة».
من جهته، يقول المتحدث باسم «هيئة التنسيق الوطنية حركة التغيير الديمقراطي» منذر خدام في حديث لصحيفة «الوطن» السورية: «تحاول روسيا أن تقول من خلال سوتشي: إن السوريين يريدون الحل وهذا هو الحل نقدمه لهم، أما لقاء فيينا فحسب بعض المعلومات الهدف منه هو نوع من التشاور حول مبادرة أميركية أوروبية». ورأى أن مسار جنيف، الذي يأتي اجتماع فيينا في إطاره «متعثر ولن يفضي إلى أي نتيجة خصوصا بعد تغير الوضع الميداني وتغير كثير من المواقف الدولية».
واعتبر خدام أن موسكو ستحاول إقناع وفد الهيئة بالمشاركة في سوتشي «مع ضمان إظهار مخرجاته في جنيف».
وترى «هيئة التفاوض» أن «الإشارات الإيجابية» التي يمكن للنظام المبادرة بها هي على الأقل إعلانه الالتزام بالقرار 2254، وإجراء مفاوضات مباشرة مع المعارضة. ويقول مصدر قيادي في «الهيئة» لـ«الشرق الأوسط»: «مؤتمر سوتشي تحت عنوان الحوار الوطني، وهو ما نعتبره جزءا من القرار 2254، إنما المشكلة تبقى في مقاربة هذا الموضوع من قبل النظام كما محاولة فرضه بديلا عن جنيف». ويوضح: «التوقعات من فيينا هي متوازنة وليست كبيرة وتوازنها ينطلق من الحراك السياسي الدولي الذي شهدته الأزمة السورية في الفترة الأخيرة، إضافة إلى اللقاءات التي عقدها رئيس الهيئة نصر الحريري، من هنا نرى فيها امتحانا حقيقيا للروس وللنظام بإظهار مسؤولية وجدية لإيجاد حلّ، وإذا نجحا فيه قد نعلن بعدها مشاركتنا في سوتشي». من جهته، يحدّد مروة شروط المشاركة في سوتشي، بـ«المفاوضات المباشرة» والالتزام الكامل بالانتقال السياسي، وهو القرار الذي ستتخذه «الهيئة» في اجتماعها الذي سيلي مؤتمر فيينا، ويضيف «أما إذا بقيت المواقف على حالها خاصة لجهة القول إنه لا مكان لكل من يطالب برحيل رئيس النظام، كما محاولة جعل سوتشي مكانا للحديث عن العملية السياسية انطلاقا من وجهة نظر النظام كاقتصارها على تعديل دستوري وحكومي، فعندها سنتأكّد بأنه لا وجود نية لأي تغيير».
كذلك، يقول مصطفى: «قرار الهيئة كان مقاطعة سوتشي إنما تغيّر المعطيات قد يؤدي إلى تبدّل الموقف وهذا كلّه متوقف على صدقية الروس ومدى تأثيرهم على النظام»، مضيفا: «المرحلة دقيقة وقد تكون مؤشرا حاسما لما سيكون عليه الحل السياسي لاحقا في سوريا».