: آخر تحديث

المغرب يستيقظ على مجلس نواب جديد

272
273
246

  حاتم البطيوي ولطيفة العروسني

توجه الناخبون المغاربة أمس إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) في ثاني انتخابات تشريعية تجري في ظل دستور 2011، الذي منح صلاحيات أوسع للحكومة والبرلمان.

 وأدلى عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية المنتهية ولايته والأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، بصوته صباح أمس في الرباط بمدرسة معاذ بن جبل، بحي الليمون الذي يضم مقر حزبه وبيته كذلك. ووجد ابن كيران عند وصوله إلى مكتب التصويت عددا كبيرا من المصورين الصحافيين ومراسلي القنوات التلفزيونية المغربية والعربية والأجنبية في انتظاره، وقال عقب الإدلاء بصوته «أرجو أن يكون اختيار المغاربة صائبا لما فيه مصلحتهم ومصلحة البلاد»، مضيفا أن حزبه «تصدر الحملة الانتخابية بجميع مظاهرها، والآن ننتظر النتائج الطبيعية»، وقال أيضا في تصريحاته المتفرقة «هذا اليوم مهم جدا ختم مشوار ولاية حكومية كاملة، وفي نهاية هذه الولاية مرت حملة انتخابية في العموم نظيفة وقوية».

 وانطلقت عملية التصويت أمس منذ الساعة الثامنة صباحا، وأغلقت مكاتب التصويت على الساعة السابعة مساء. وعلى غرار الاستحقاقات الانتخابية السابقة كانت نسبة المشاركة متدنية في الصباح، وبلغت 10 في المائة منتصف النهار، حسب بيان لوزارة الداخلية. وتوقع المراقبون أن تعرف نسبة المشاركة ارتفاعا عقب صلاة الجمعة وبعد صلاة العصر، مع فترة خروج العمال والموظفين من العمل. ومن المتوقع أيضا أن يعلن اليوم (السبت) عن النتائج الأولية للانتخابات، وسط ترقب كبير حول من يكون الحزب الفائز.

 وترجح تقارير إعلامية فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية للمرة الثانية، وترؤسه الحكومة المقبلة، حيث ظهر من خلال الحملة الانتخابية أن شعبية هذا الحزب لم تتأثر بعد مرور خمس سنوات وهو يقود الحكومة، رغم المعارضة الشرسة التي واجهها ومحاولة إسقاط الحكومة عام 2012 بعد أن انسحب منها حليفه الرئيسي حزب الاستقلال.

 ويتوقع أن يحتل حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، والذي يقول عنه «العدالة والتنمية» إنه مدعوم من السلطة، المرتبة الثانية، إلا أن الحزبين لن يجتمعا معا في حكومة واحدة، حسب ما أكده زعيما الحزبين، حيث سينتقل «العدالة والتنمية» إلى المعارضة في حال تصدر «الأصالة والمعاصرة» النتائج، وفي المقابل سيظل «الأصالة والمعاصرة» في موقعه في المعارضة إذا ما فاز «العدالة والتنمية». فيما تبقى حظوظ حزب الاستقلال المعارض وافرة لاحتلال مرتبة متقدمة في هذه الانتخابات.

 

وأدلى عدد من زعماء الأحزاب السياسية المتنافسة في هذا الاقتراع بأصواتهم في العاصمة الرباط، ضمنهم نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، حيث صوت بمدرسة أم البنين بالرباط، وأدلى إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، بصوته في أحد مكاتب التصويت بحي السويسي في الرباط، وقال: إن الانتخابات التشريعية التي تجري اليوم تعتبر محطة حاسمة في مسلسل الديمقراطية بالمغرب، وإن آثار هذه الانتخابات لا تقتصر فقط على المستوى المحلي والإقليمي، بل وتجاوزه إلى المستوى الجهوي والدولي. ودعا لشكر «جميع المواطنين باختلاف سنهم وجنسهم إلى القيام بواجبهم الوطني والإدلاء بأصواتهم». 

بدوره، صوت إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، بأحد مكاتب التصويت بمدرسة جبران خليل جبران في حي السويسي بالرباط. وأدلى صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، في حي أنفا وسط الدار البيضاء، بصوته وسط أجواء عادية واهتمام إعلامي ملحوظ. وقال مزوار إن عملية التصويت تمر في أجواء عادية، مضيفا أن المطلوب في هذا اليوم الانتخابي هو الحفاظ على هذا المسار وسط احترام للضوابط.

 

من جانبه، قال حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال المعارض، إن ما توفر من شروط داخل وفي محيط مراكز التصويت، يبعث على الاطمئنان بأن العملية الانتخابية ستكون شفافة. وأوضح شباط في تصريح صحافي بعد الإدلاء بصوته بأحد مراكز الاقتراع بمدينة فاس، أن «مكاتب التصويت تعرف تطبيقا صارما لقانون الانتخابات، حيث تغيب الإعلانات الخاصة بالمرشحين، وحيث يضطر المواطن إلى مغادرة محيط مركز الاقتراع بمجرد الإدلاء بصوته، وهذا أمر لم يكن في السابق». وعد ذلك دليلا على أن «هناك عملا كبيرا تم القيام به من طرف اللجنة المشرفة على العملية الانتخابية، وكذا الأحزاب السياسية المتنافسة التي تسعى لأن يكون هذا الاستحقاق شفافا». 

وصوتت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد وزعيمة فيدرالية اليسار الديمقراطي، بمركز ثانوية الوفاء الإعدادية بحي سيدي بليوط في الدار البيضاء وسط حضور إعلامي مكثف. وقالت منيب بعد إدلائها بصوتها إنها أدت واجبها الوطني، باعتباره عملية مهمة في العملية الانتخابية وبناء الديمقراطية، فيما دعت المواطنين للإقبال على التصويت لإبداء رأيهم والتعبير عن خياراتهم لصالح البلاد.

 وأصدرت وزارة الداخلية أمس عددا من البيانات تتعلق ببعض الخروقات التي رصدت أثناء عملية التصويت في عدد من المدن، والإجراءات التي اتخذت للتصدي لها لضمان السير العادي للانتخابات.

 

ففي الدار البيضاء، أفادت السلطات المحلية في محافظة عين الشق بأن الادعاءات بتسجيل خروقات تمس بسلامة العملية الانتخابية، والتي وردت في شكاوى توصلت بها من وكلاء بعض اللوائح الانتخابية، تدخل في إطار صراعات الأطراف المتنافسة. وأوضحت السلطات المحلية أنها «توصلت بشكاوى من وكلاء بعض اللوائح الانتخابية تتحدث عن خروقات تمس بسلامة العملية الانتخابية، من قبيل قيام وكلاء لوائح وأعوان سلطة بتوجيه الناخبين للتصويت على هيئات سياسية معينة». وبعد البحث الذي أجري بشأن ذلك أكدت المصادر ذاتها أن الأمر يتعلق بادعاءات من دون إثبات تدخل في إطار صراعات الأطراف المتنافسة.

 في غضون ذلك، راسل حزب الأصالة والمعاصرة اللجنة الحكومية لتتبع الانتخابات بخصوص مسلك السلطة الإدارية في التعامل مع مخالفة انتخابية قام بها صباح أمس أعضاء حزب العدالة والتنمية بالدائرة الانتخابية طنجة - أصيلة. وأعلن الناطق الرسمي باسم حزب الأصالة والمعاصرة، خالد ادنون أن الحزب راسل كلا من وزيري العدل والحريات والداخلية بخصوص مسلك السلطة الإدارية في التعامل مع مخالفة انتخابية قام بها أعضاء حزب العدالة والتنمية أمام مدرسة الحسن الداخل، المقاطعة 15، الدائرة الانتخابية طنجة - أصيلة، تتمثل في توزيع إعلانات انتخابية ودعوة الناخبين إلى التصويت على لائحة حزب العدالة والتنمية يوم الاقتراع.

 وقال ادنون إن أعضاء من حزب العدالة 

والتنمية، قاموا على الساعة 9:30 من صباح الجمعة بدعوة الناخبين إلى التصويت على لائحة حزب العدالة والتنمية أمام مدرسة الحسن الداخل، الكائنة بالمقاطعة 15، بالدائرة الانتخابية المحلية طنجة - أصيلة.

 وأضاف ادنون «عند إبلاغ مرشحة اللائحة الوطنية للحزب، لطيفة الحمود، للسلطة الإدارية المحلية بهذه الواقعة، حضر رجل سلطة إلى باب مدرسة الحسن الداخل، طالبا من أنصار حزب العدالة والتنمية الانصراف من دون أن يستتبع ذلك أي إجراء آخر».

 وعبر ادنون عن استغرابه من هذا المسلك في تدبير السلطة الإدارية المحلية لمخالفة انتخابية منصوص عليها في المادة 39 من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب.

 والتمس حزب الأصالة والمعاصرة من وزير الداخلية إعطاء تعليماته للمصالح المعنية من أجل تطبيق القانون في حال حصول مخالفات انتخابية، والتمس من وزير العدل والحريات إعطاء تعليماته لفتح تحقيق من طرف النيابة العامة بخصوص هذا التعامل الذي يعتبر شكلا من أشكال التمييز بين المترشحين.

 في سياق متصل، قال محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن عملية ملاحظة (مراقبة) الانتخابات التشريعية شملت نحو 20 في المائة من مكاتب التصويت، موضحا في تصريح للصحافة بمناسبة زيارة تفقدية أجرتها صباح أمس اللجنة الخاصة لاعتماد ملاحظي الانتخابات، المحدثة لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان لأحد مكاتب التصويت بالرباط، أن «الأمر يتعلق برقم قياسي». وأضاف الصبار أن عدد الملاحظين المعتمدين وصل إلى أزيد من 4 آلاف و700 ملاحظ موزعين على مختلف أرجاء التراب المغربي من أجل الاطلاع على سير العملية الانتخابية من باب ملاحظة الانتخابات. وأفاد بأن اللجنة الخاصة ستنظم غدا (الأحد) مؤتمرا صحافيا تبسط خلالها أمام وسائل الإعلام نتائج ملاحظة انتخابات السابع من أكتوبر (تشرين الأول). وشارك في عملية مراقبة الانتخابات البرلمانية 37 هيئة مغربية ودولية، من بينها 31 جمعية مغربية، إضافة إلى مراقبي المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

 وحجبت أمس جميع الأحزاب السياسية مواقعها الإلكترونية منذ منتصف الليلة قبل الماضية، وأعادت إطلاقها بعد انتهاء موعد التصويت.

 على صعيد ذي صلة، لفتت اللجنة الحكومية لتتبع الانتخابات انتباه رؤساء مكاتب التصويت والمكاتب المركزية ولجان الإحصاء، بعمالات وأقاليم وعمالات مقاطعات (محافظات) المملكة، إلى ضرورة الحرص على تسليم نسخ محاضر العمليات الانتخابية إلى ممثلي لوائح الترشيح فور إعدادها، بعد إنجاز عمليات الفرز وإحصاء الأصوات، طبقا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل، سواء فيما يتعلق بالمحاضر الخاصة بالدوائر الانتخابية المحلية أو الدائرة الانتخابية الوطنية. 

وقالت اللجنة إنه يجب أن تكون نسخ المحاضر المذكورة مرقمة وموقعا عليها، حسب الحالة، من طرف رؤساء وأعضاء مكاتب التصويت والمكاتب المركزية أو لجان الإحصاء الإقليمية.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد