إيلاف من لندن: يتجه مجلس الأمن إلى اعتماد مشروع قرار جديد بشأن الصحراء المغربية، يحمل في طيّاته تحولاً سياسياً ودبلوماسياً نوعياً، إذ يؤكد بوضوح أن مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 هو الأساس الأكثر جدية ومصداقية وواقعية للتوصل إلى حل سياسي دائم ومقبول من جميع أطراف نزاع الصحراء.
وعلمت “إيلاف” من مصادرها الخاصة أن هذا المشروع تم تداوله في نيويورك قبيل التصويت المرتقب على تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو)، ليعيد التأكيد على الدعم الدولي المتنامي للمبادرة المغربية، باعتبارها الحل العملي الوحيد الكفيل بإنهاء نزاع عمره خمسون عاماً.
وينص مشروع القرار، الذي تدعمه الولايات المتحدة، على ضرورة الانخراط الجاد والفوري في مفاوضات مباشرة بين الأطراف، على أساس مقترح الحكم الذاتي ومن دون شروط مسبقة، بهدف التوصل إلى حل نهائي قبل نهاية ولاية “مينورسو” الجديدة في 31 يناير 2026.
ويشدد نص المشروع على أن الحكم الذاتي الحقيقي في إطار سيادة الدولة المغربية هو الحل الأكثر قابلية للتحقق، مع ضمان مبدأ تقرير المصير ضمن الوحدة الوطنية. كما يعترف القرار بشكل صريح بـ”الدور الريادي لجلالة الملك محمد السادس” في الدفع نحو حل سياسي دائم يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل.
ويرحب مجلس الأمن، في مشروع قراره، بمبادرة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، لعقد جولة جديدة من المفاوضات، مؤكداً استعداد الولايات المتحدة لاستضافة هذه الجلسات، انخراطاً منها في دعم المسار السياسي وفق الرؤية المغربية.
ويُثمن النص كذلك القيادة الأميركية خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب، الذي أعلن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية، داعياً إلى اعتماد مقترح الحكم الذاتي المغربي كـ”الإطار الوحيد للتفاوض” من أجل تسوية النزاع.
كما يُبرز المشروع تزايد الدعم الأوروبي للموقف المغربي، خاصة من فرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، وهي دول ترى في المقاربة المغربية نموذجاً واقعياً يعزز الاستقرار الإقليمي ويحدّ من التوترات الجيوسياسية.
وفي ما يتعلق ببعثة “مينورسو”، يقرر مشروع القرار تمديد ولايتها إلى غاية نهاية يناير 2026، مع تكليف الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم توصيات حول مستقبل البعثة، سواء بتحويل مهامها أو إنهائها، بناءً على نتائج المفاوضات المنتظرة.
ويؤكد هذا التوجه أن المجتمع الدولي بات يتعامل اليوم مع النزاع في الصحراء المغربية من زاوية الحل السياسي النهائي، لا من باب إدارة الأزمة، مما يضع الأطراف الأخرى، وخاصة الجزائر وجبهة البوليساريو، أمام اختبار الإرادة السياسية الحقيقية للانخراط في مسلسل الحل.
وجاء مشروع القرار الجديد بلغة مختلفة عن المقاربات السابقة التي كانت تترك هامشاً مفتوحاً لتأويلات متعددة، إذ أصبح أكثر وضوحاً في ترجيح الحل المغربي القائم على الحكم الذاتي كخيار وحيد وواقعي.
ومع اقتراب موعد تصويت مجلس الأمن على هذا المشروع خلال الأسابيع المقبلة، يبدو أن المجتمع الدولي يتجه نحو مرحلة حاسمة في ملف الصحراء المغربية، تُكرّس الرؤية الواقعية التي تقودها الرباط منذ سنوات، بدعم من شركائها الاستراتيجيين في واشنطن وبروكسل وباريس.