إيلاف من الرباط: لم يكن سكان حي شعبي بمدينة أولاد تايمة بمحافظة تارودانت (وسط المغرب)، الاثنين ،يتوقعون أن تتحول لحظة مطاردة لصّين إلى مشهد سينمائي، حيث تطايرت أوراق نقدية تقدّر بعشرات الملايين من السنتيمات في الهواء، لتصبح أزقة الحي ساحة تجمع بين الذهول والدهشة والطمع.
القصة بدأت حينما أقدم شابان، أحدهما في مقتبل العشرينات من العمر، على اقتحام منزل قريبة أحدهما بنية سرقة مبلغ مالي مهم من داخل البيت، الذي تستغله سيدة في أعمال الشعوذة تحت غطاء العلاج التقليدي. غير أن عملية السرقة لم تكتمل، بعدما حاصر الجيران اللصين وضيقوا عليهما الخناق.
وفي لحظة ارتباك، صعد المشتبه فيهما إلى سطح منزل مجاور، محاولين البحث عن مخرج. لكن ضغط الجموع المتزايدة عند باب المنزل دفعهما إلى اتخاذ قرار غريب يتمثل في إلقاء كميات كبيرة من الأوراق النقدية في الهواء، علّها تشتت انتباه المتجمهرين وتمنحهما فرصة الفرار.
وتقول سيدة تسكن بجوار المنزل المسروق إن "المشهد كان خيالياً، الناس ركضوا في كل الاتجاهات يجمعون الأوراق المتطايرة، فيما انشغل البعض بتصوير اللحظة بهواتفهم".
غير أن هذه الحيلة لم تنطل على عناصر الشرطة، التي سارعت إلى التدخل، وأنهت الفوضى وألقت القبض على المشتبه فيهما والسيدة صاحبة المنزل. ليتبين بعد التحقيقات الأولية، أن الأموال موضوع السرقة متحصلة من أنشطة الشعوذة، التي ظلّت تُمارس لسنوات داخل الحي، بعيداً عن أعين السلطات.
وبحسب مصادر أمنية، أسفرت عمليات التفتيش عن حجز مواد كيميائية وصور فوتوغرافية وأوانٍ تستعمل في طقوس غامضة، فضلاً عن مبلغ مالي يفوق 600 الف درهم (حوالي 60,000 دولار) إضافة إلى مبالغ بالعملة الصعبة.
وجرى إيداع الموقوفين تحت تدبير الحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي)، بينما يجري التحقيق مع الموقوفة الثالثة تحت إشراف النيابة العامة المختصة، في انتظار الكشف عن جميع ملابسات هذه القضية التي شغلت الرأي العام المحلي.
ورغم أن الواقعة تحمل ملامح الإثارة، إلا أنها تعكس في العمق إشكالات اجتماعية متشابكة، تكرس تفشي الشعوذة تحت غطاء "العلاج التقليدي"، وانجراف الشباب نحو مسارات إجرامية، وتحوّل بعض الأحياء إلى مسارح لمشاهد استثنائية تختصر معاناة صامتة.