: آخر تحديث
لشكر يختار الصمت السياسي للضيوف ويمنح الكلمة للدبلوماسية الحزبية فقط

مؤتمر "الاتحاد الاشتراكي" المغربي يكسر العرف المعمول به في المؤتمرات الحزبية

2
2
2

إيلاف من الرباط: اختار إدريس لشكر، الكاتب الأول ( الامين العام) لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، أن يكسر العرف السياسي المغربي الجاري به العمل لدى كل الأحزاب السياسية في افتتاح مؤتمرات أحزابهم، حين دعا شخصيات قيادية من أحزاب الأغلبية والمعارضة لحضور الجلسة الافتتاحية لمؤتمر حزبه الثاني عشر مساء الجمعة ببوزنيقة (جنوب الرباط )، دون أن يمنحهم فرصة إلقاء كلماتهم كما جرت العادة، مكتفيًا بإعطاء الكلمة لممثل فلسطين أحمد مجدلاني، ونائبة رئيس الأممية الاشتراكية أستريد سبورينغ.

هذا الاختيار، لم يفرضه ضغط أجندة المؤتمر، بل حمل دلالات سياسية متعددة، تؤشر بحسب عدد من الاتحاديين المعارضين لتدبير لشكر، على رغبة الكاتب الأول في ضبط الإيقاع الداخلي للمؤتمر وإبقاء رسائله السياسية تحت سقف الحزب وحده. حتى يُجنّب المؤتمر أي استغلال سياسي أو خطابي من قبل ضيوف الأحزاب الأخرى، وأن يقدم الحزب في صورة التنظيم المستقل، القادر على تأطير خطابه بعيدًا عن المجاملات التقليدية التي غالبًا ما ترافق كلمات المدعوين في مثل هذه المناسبات. 

ويعكس منح الكلمة فقط لممثل فلسطين ونائبة رئيس الأممية الاشتراكية، بحسب يوسف أيذي، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، توجهًا رمزيًا نحو الانخراط الأممي للاتحاد الاشتراكي المغربي، وتأكيدًا على التزامه التاريخي بقضايا التحرر والعدالة الدولية، في مقدمتها القضية الفلسطينية.

ورغم الأصوات المعارضة التي أصدرت أكثر من بيان تندد فيه بما اعتبرته "خروقات تنظيمية وهيمنة على الحزب"، تمكن إدريس لشكر من رسم ملامح افتتاح مؤتمر مختلف في الشكل والمضمون، أعلن فيه عن نهاية مرحلة وبداية أخرى في مسار حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

 وفي تقريره السياسي، اعتبر لشكر أن المغرب يعيش منعطفًا تاريخيًا دقيقًا يتسم بتراكم الضغوط الداخلية والتحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، مما يفرض "إعادة ترتيب الأولويات الوطنية في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية متزايدة". 
وأشار لشكر إلى أن المغرب "يواجه اختبارات تمس العقد الاجتماعي ونجاعة الدولة وتماسك المجتمع"، داعيًا الحكومة إلى إجراء قراءة نقدية عميقة للواقع بدل الاكتفاء بتبرير الأزمات أو تقديم حلول تقنية ظرفية.  

وصب لشكر جام غضبه على الحكومة، وفي حضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بعدما اتهمها "بغياب الوضوح الفكري والجرأة السياسية والمحاسبة، ما أدى إلى تآكل الثقة بين الحكومة والمواطنين، وتزايد الاحتقان الاجتماعي والتفاوتات المجالية"، مشيرًا إلى أن الاحتجاجات الأخيرة تشكل تعبيرا عن قلق مجتمعي شامل وليس مجرد رد فعل شبابي.

 ودعا لشكر  إلى "إعادة بناء المشروع السياسي والاقتصادي على أساس الارتباط العضوي بالمجتمع، لا على توافقات النخب المعزولة"، مؤكداً أن الاتحاد الاشتراكي لا يسعى إلى "تسويق المغرب إعلاميا، بل يسعى إلى إصلاح جذري ومسار جديد يعزز المساواة والكرامة والسيادة الوطنية". وأضاف إن "سلسلة الإصلاحات والاستراتيجيات التي أطلقت خلال العقدين الأخيرين لم تحقق القطيعة المطلوبة مع أساليب الارتجال"، موضحًا أن تفاقم الفوارق وتزايد الهشاشة وتراجع الأمل لدى الشباب كلها مؤشرات على "فشل المنظومة التنموية الحالية". 

وبحسب المنظمين، شارك في المؤتمر المنظم تحت شعار "مغرب صاعد: اقتصادياً… اجتماعياً… مؤسساتياً" حوالي 1700 مؤتمر يمثلون مختلف فروع الحزب بجهات وأقاليم المملكة، فضلاً عن أكثر من 30 وفداً أجنبياً من الأحزاب والمنظمات الاشتراكية والتقدمية عبر العالم.   

ويشكل هذا المؤتمر، الذي ستستمر أشغاله على مدى اليومين المقبلين، محطة سياسية وتنظيمية مفصلية في مسار الاتحاد الاشتراكي، ومناسبة لانتخاب قيادة جديدة برئاسة لشكر نفسه والمصادقة على الاطروحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي سيعتمدها الحزب للجواب على الأسئلة المجتمعية حول القضايا الوطنية الكبرى.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار