إيلاف من الرباط: استكمل وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، مسار تنزيل قانون المسطرة الجنائية، انسجاماً مع توجيهات الملك محمد السادس الداعية إلى تحديث السياسة الجنائية وضمان عدالة ناجعة وفعالة، وفق ما جاء في دستور 2011 الذي جعل من حماية الحقوق والحريات الأساسية مرتكزاً لبناء المغرب الديمقراطي الحداثي.
ويشكل نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية للمملكة النقطة الفاصلة التي تحول النص المصادق عليه في البرلمان إلى قاعدة قانونية نافذة وملزمة داخل منظومة القوانين الجاري بها العمل. وهو ما يُجسد من الناحية الدستورية المرحلة الأخيرة لدخول القانون حيز التنفيذ، وضمان إعلام العموم بمقتضياته وفق مبدأ العلنية والشفافية، وتكريس الأمن القانوني.
واعتبر وزير العدل المغربي، في بيان له، أن خروج قانون المسطرة الجنائية إلى حيز الوجود يشكل محطة تاريخية تجسد الإرادة السياسية القوية للمملكة المغربية من أجل ترسيخ دولة الحق والقانون وتحديث منظومة العدالة بما يواكب التحولات العميقة التي يشهدها المغرب.
وقال وهبي إن "قانون المسطرة الجنائية الجديد يشكّل ركيزة أساسية في البناء الإصلاحي الكبير الذي تعرفه بلادنا، ويعكس ثقة الدولة في مؤسساتها وقدرتها على تنزيل إصلاحات كبرى تجعل من العدالة المغربية نموذجاً يحتذى إقليمياً ودولياً، وترسّخ الاختيار الثابت للمغرب في بناء دولة الحق والقانون ودعم مسار الديمقراطية والتنمية المستدامة".
وأضاف الوزير وهبي، الذي قاد سلسلة اجتماعات مكثفة مع أعضاء البرلمان ومختلف مهنيي قطاع العدالة من محامين وقضاة ومسؤولين سامين في المصالح الأمنية، أن "الحكومة، انسجاماً مع التوجيهات الملكية، عازمة على جعل ورش إصلاح العدالة رافعة أساسية لنجاح الاستحقاقات الوطنية المقبلة، وفي مقدمتها احتضان المملكة لكأس العالم 2030، حيث يشكل تحديث المنظومة القضائية وضمان أمن قضائي حديث عاملاً حاسماً لتعزيز جاذبية المغرب الدولية وترسيخ مكانته كدولة مؤسسات وقانون".
ويمثل القانون الجديد قفزة نوعية في تكريس ضمانات المحاكمة العادلة وتعزيز الثقة في العدالة، من خلال تحصين حقوق الدفاع، وتكريس قرينة البراءة، وضمان الحق في محاكمة داخل أجل معقول، مع توسيع الاستفادة من المساعدة القانونية. كما يعزز الضمانات المتعلقة بالحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي) عبر إلزامية إخبار المشتبه فيه بحقوقه، وتمكينه من الاتصال بمحام والاستفادة من خدمات الترجمة عند الحاجة.
ويحد القانون الجديد من اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي ويحصره في أضيق الحالات، مع إلزامية تعليل قرارات الإيداع بالسجن وتفعيل بدائل احترازية حديثة. كما يولي القانون أهمية خاصة لحقوق الضحايا، من خلال تمكينهم من الإشعار بمآل الدعوى والدعم القانوني والاجتماعي، مع إقرار تدابير خاصة لفائدة النساء والأطفال ضحايا العنف. كما نص على إحداث مرصد وطني للإجرام كآلية علمية لتوجيه السياسة الجنائية على أسس دقيقة ومعطيات موثوقة.
ويُعتبر اعتماد هذا النص لبنة مركزية في ورش إصلاح منظومة العدالة، إلى جانب مراجعة القانون الجنائي وقوانين المهن القضائية، وتسريع وتيرة التحول الرقمي داخل المحاكم.
هذا الورش الوازن، الذي قادته وزارة العدل حتى استكماله، يعزز مكانة المغرب كبلد رائد في تحديث العدالة، ويواكب طموحات النموذج التنموي الجديد ورؤية المملكة لمغرب 2030.