غزة: تعالت صرخات الفتيات الصغيرات خلال تدافعهن في جنوب غزة، في محاولة يائسة لبلوغ مقدمة الصف سعيا للحصول على الطعام، وكان الرجال يقومون بتوزيع الأرز والدجاج في وقت قياسي، لتسقط أطباق الطعام على الأرض خلال التدافع.
بالقرب منهم، انتظر الأولاد لملء حاويات بلاستيكية بالماء، ووقفوا لساعات بين الخيام المتلاصقة.
كان الجوع واليأس واضحين، الجمعة، في مخيم الخيام على طول شاطئ دير البلح، بعد شهر من أوامر الإخلاء المتتالية التي دفعت آلاف الفلسطينيين إلى المنطقة التي يطلق عليها الجيش الإسرائيلي "منطقة إنسانية".
كانت المنطقة مكتظة منذ فترة طويلة بالفلسطينيين الذين يبحثون عن ملاذ من القصف، لكن الوضع يزداد سوءا يوما تلو الآخر، مع وصول موجات النازحين وندرة الغذاء والماء.
وخلال الشهر الماضي، أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لجنوب غزة بوتيرة غير مسبوقة.
وفقا للأمم المتحدة، يقع ما لا يقل عن 84 بالمئة من غزة ضمن منطقة الإخلاء، وبحسب التقديرات فقد نزح 90 في المئة من سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة خلال مسار الحرب.
صدر 13 أمرا بالإخلاء منذ 22 تموز (يوليو)، وفقا لإحصاء "الأسوشيتد برس"، مما أدى إلى تقلص كبير في حجم المنطقة الإنسانية التي أعلنتها إسرائيل في بداية الحرب لتدفع المزيد من الفلسطينيين إليها أكثر من أي وقت مضى.
قال محمد القايد، الذي نزح من مدينة غزة ويعيش الآن على الشاطئ: "الطعام الذي يصل إلينا من الجمعية الخيرية يكفي الناس في مخيمنا. من أين سيحصل الأشخاص الذين نزحوا مؤخرا على الطعام، ومن سيوفر لهم الطعام".
وقال نازح آخر يدعى أدهم حجازي: "بدأت أفكر أنه إذا لم يكن هناك طعام، فسوف أذهب وأشرب مياه البحر لأتحمل ذلك. أنا أتحدث بجدية. سأشرب الماء والملح".
عمليات الإخلاء
في آب (أغسطس) وحده، كانت أوامر الإخلاء تصدر كل يومين تقريبا، مما أدى إلى نزوح ما يقرب من 250 ألف شخص، وفقا للأمم المتحدة.
حتى الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة الإنسانية التي أعلنتها إسرائيل في بداية الحرب اضطروا إلى الرحيل.
تأتي عمليات الإخلاء في الوقت الذي يكافح فيه الوسطاء الدوليون لسد الفجوة بين إسرائيل وحماس بشأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يوقف القتال في غزة وتبادل عشرات الرهائن الإسرائيليين بالسجناء الفلسطينيين.