كييف: أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاثنين بنجاح الهجوم المباغت في الأراضي الروسية والذي دفع الكرملين لاستبعاد الدخول في مفاوضات سلام مع كييف.
دخلت قوات ودبابات أوكرانيا في السادس من آب (اغسطس) منطقة كورسك الروسية حيث باتت تسيطر على أراض.
هزّ الهجوم الأكبر على الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية موسكو وفاجأ حلفاء أوكرانيا الغربيين.
وأكد زيلينسكي الاثنين أن العملية تحقق أهداف كييف التي سبق أن قال مسؤولون إنها تشمل الضغط على القوات الروسية وإقامة "منطقة عازلة" والدفع باتّجاه إنهاء الحرب بناء على شروط "منصفة".
لكن المساعد في الكرملين يوري أوشاكوف أكد الاثنين أن هجوم كييف أدى إلى استبعاد احتمال عقد مفاوضات سلام.
وقال "في المرحلة الراهنة ونظرا إلى هذه المغامرة، لن نتحاور".
واعتبر أن الدخول في عملية تفاوضية حاليا هو أمر "غير مناسب على الإطلاق"، مشيرا إلى أن الخوض في أي محادثات مستقبلية "سيعتمد على الوضع في ميدان المعركة، بما في ذلك في منطقة كورسك".
سيطرت موسكو التي تبدو عازمة على عدم السماح للهجوم بالتأثير على التقدّم الذي تحققه في شرق أوكرانيا، على قرية أخرى في منطقة دونيتسك الاثنين.
وتحسّبا للهجوم المتواصل، أمرت أوكرانيا بإجلاء العائلات من بوكروفسك مع اقتراب قوات موسكو من المدينة التي تعد مركزا لوجستيا.
في الأثناء، أقامت القوات الأوكرانية في كورسك مراكز إدارية ونشرت تسجيلات مصوّرة ما كان يمكن تخيّلها من قبل لجنود أوكرانيين يسيّرون دوريات في الشوارع الروسية.
وقال زيلينسكي "نحقق أهدافنا. جددنا هذا الصباح صندوق تبادل (أسرى الحرب) في بلادنا"، في إشارة إلى احتجاز مزيد من الجنود الروس.
والأحد، أكد زيلينسكي أن هدف العملية في الأراضي الروسية هو إقامة "منطقة عازلة".
"عن قرب"
كان احتمال إجراء مفاوضات سلام بعيدا حتى قبل إطلاق أوكرانيا عمليتها في روسيا.
وسبق أن طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا بالتنازل عن أجزاء من أراضيها إذا أرادت وقفا لإطلاق النار.
من جانبه، يطالب زيلينسكي الذي استبعد إجراء مفاوضات مباشرة مع الكرملين بانسحاب روسي كامل من الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك القرم، وبتعويضات.
وفي مسعى للدفع باتّجاه تسوية محتملة، يزور رئيس الوزراء الهندي ناريندار مودي أوكرانيا الجمعة، وفق ما أفاد مسؤولون في نيودلهي وكييف.
وزار مودي مؤخرا موسكو، علما بأنه يقيم علاقات وديّة مع بوتين ولم يخف رغبته في وضع حد للنزاع.
وفي الأثناء، واصلت أوكرانيا الاثنين عمليتها في كورسك.
واستُهدف جسر ثالث فوق نهر سيم في روسيا نهاية الأسبوع، وفق ما أفاد محقق عسكري روسي في تسجيل مصوّر نشره المعلّق التلفزيوني البارز المؤيد للكرملين فلاديمير سولوفيوف.
وجعلت الهجمات على الجسور روسيا أمام خيارات محدودة لإيصال الإمدادات إلى قواتها، بحسب مدوّنين عسكريين روس.
وذكرت وزارة الدفاع في موسكو أن روسيا أحبطت هجمات أوكرانية على ثلاث قرى أخرى.
وأثارت عملية أوكرانيا قلقا واضحا لدى الروس، فيما يأمل البعض في كييف أن يدفع ذلك السكان للاحتجاج على حرب الكرملين المتواصلة منذ أكثر من عامين.
وقال مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخائيلو بودولياك على "إكس" إن "الروس الذي اعتادوا متابعة الحرب وكأنها برنامج تلفزيوني، بدأوا الآن يختبرونها عن قرب وبشكل شخصي".
وأضاف "إذ كنتم لا تريدون رؤية الحرب، فعليكم وضع حد لها عبر إجبار قيادتكم على تحقيق السلام بناء على شروط منصفة".
إخلاء بوكروفسك
في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، أعلنت موسكو السيطرة على بلدة أرتيموفو المعروفة باسم زليزنه في أوكرانيا.
بلغ عدد سكان زليزنه حوالى 5000 نسمة مطلع العام 2022، ما يعني أنها من أكبر المناطق التي تسيطر عليها القوات الروسية منذ أسابيع.
وأطلقت القوات الأوكرانية نيران المدفعية باتّجاه موقف للحافلات في مدينة دونيتسك الخاضعة للسيطرة الروسية، ما أسفر عن مقتل امرأة حامل وإصابة 10 أشخاص بينهم طفلان بجروح، فق ما أفاد حاكم المنطقة المعيّن من موسكو دينيس بوشيلين.
من جانبها، أعلنت أوكرانيا أن الهجمات الروسية أودت بأربعة أشخاص في بلدات على الجبهة الاثنين، إذ قُتلت امرأة تبلغ 71 عاما في حديقتها في توريتسك فيما قتل ثلاثة مدنيين في الستينات والسبعينات من العمر في قرية زاريشنه.
ومع انتقال الجبهة غربا نحو مدينة بوكروفسك، أعلن مسؤولون أوكرانيون الإجلاء الإجباري للعائلات مع الأطفال.
وما زال أكثر من 53 ألف شخص يقطنون المنطقة بينهم حوالى 4000 طفل.
لطالما سعت روسيا للسيطرة على بوكروفسك الواقعة عند محور رئيسي للإمدادات التي تصل إلى الجنود الأوكرانيين.
41 جريحا
في الأثناء، أعلن حاكم منطقة روستوف في جنوب روسيا فاسيلي غولوبيف أن 41 عنصر إطفاء أصيبوا بجروح أثناء محاولتهم إخماد حريق اندلع في منشاة نفطية على مدى يومين عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية.
وأعلنت سلطات مدينة بروليتارسك الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر من الحدود الأوكرانية، حالة الطوارئ الاثنين واستقدمت مزيدا من المسعفين لمعالجة الجرحى.
واشار غولوبيف الى أن 18 من عناصر الإطفاء المصابين نقلوا إلى المستشفى بينهم خمسة في قسم العناية المركّزة.
وعلى صعيد آخر، أعادت أوكرانيا فرض قيود على استهلاك الطاقة في وقت يضغط ارتفاع درجات الحرارة على الشبكة التي أنهكتها أساسا الضربات الروسية، وفق ما أفادت شركة "أوراينيرغو" الرسمية للطاقة الاثنين.
استأنفت موسكو خلال الربيع هجماتها على محطات الطاقة ما أدى إلى تراجع إمكانات توليد الطاقة في البلاد إلى النصف مع انقطاعات كبيرة حتى أواخر تموز (يوليو). وأفاد مسؤولون بأن عمليات إصلاح بعض المحطات وتحسن الطقس أديا إلى تحسن الوضع إلى أن عاودت موجة الحر الضغط على الشبكة.