قطاع غزة: حذّر الأمين العام للأمم المتحدة الاثنين من أن اي هجوم على مدينة رفح الحدودية مع مصر سيعني وقفا تاما لبرامج المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وذلك بعد إعلان رئيس الوزرء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وضع خطّة لإجلاء المدنيين من المدينة المكتظة بالسكّان، تمهيدا لشن هجوم على رفح وتحقيق "النصر الكامل" في الحرب مع حركة حماس.
في لبنان، قُتل عنصران على الأقل من حزب الله جراء غارات شنّتها إسرائيل على موقع في البقاع، في أول ضربة إسرائيلية تستهدف شرق البلاد منذ بدء التصعيد عبر الحدود بين حزب الله وإسرائيل بالتزامن مع اندلاع الحرب في غزة.
وبينما تنشط الاتصالات الدبلوماسية للتوصل الى هدنة في الحرب، والتي تشمل أيضا مرحلة ما بعد الحرب، قدّمت الحكومة الفلسطينية استقالتها الإثنين إلى الرئيس محمود عباس الذي يمارس سلطة محدودة في الضفة الغربية المحتلّة.
وأعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في مستهل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء "وضعت استقالة الحكومة تحت تصرّف السيد الرئيس في 20 شباط (فبراير) الجاري واليوم أتقدّم بها خطيا"، مشيرا الى أن هذه الخطوة تأتي "على ضوء المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على قطاع غزة والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية والقدس".
وأضاف "أرى أن المرحلة القادمة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة تأخذ بالاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحّة إلى توافق فلسطيني فلسطيني مستند إلى أساس وطني، ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين".
وتتناول الاتصالات الدبلوماسية التي تشارك بها دول عدة حول مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة، مسألة "إصلاح السلطة الفلسطينية" التي يرأسها عباس منذ العام 2004.
وأكدّ غوتيريش في كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف أنّ هجوماً شاملاً على رفح "لن يكون فقط مروّعاً بالنسبة لأكثر من مليون مدني فلسطيني لجأوا إلى هناك، بل سيكون بمثابة المسمار الأخير في نعش برنامج مساعداتنا".
وتشكّل مدينة رفح الواقعة على الحدود مع مصر نقطة العبور الوحيدة للمساعدات الإنسانية التي لا تزال "غير كافية على الإطلاق" للقطاع، وفق غوتيريش.
وبعد أكثر من أربعة أشهر على بدء الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس، تسعى دول عدّة، لا سيما الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل، إلى ثني بنيامين نتانياهو عن شنّ هجوم على رفح حيث يتكدّس حوالى 1,5 ملايين فلسطيني، غالبيتهم من النازحين، وفقاً للأمم المتحدة.
ورغم تواصل المحادثات للتوصل إلى هدنة جديدة، وآخرها في قطر حاليا، يتمسّك نتانياهو بتنفيذ عملية برية ضدّ ما يقول إنّه "المعقل الأخير" لـحركة حماس في رفح.
وقال لشبكة "سي بي اس" الأميركية الأحد إنّ العملية العسكرية في مدينة رفح ستجعل إسرائيل "على بعد أسابيع" من تحقيق "نصر كامل"، مؤكداً في الوقت ذاته أنّه "إذا توصلنا إلى اتفاق فسوف تتأخر (العملية) إلى حد ما، لكنها ستتم".
"مساحة" في الشمال
وقدّم الجيش الإسرائيلي الى مجلس وزراء الحرب "خطة لإجلاء المدنيين من مناطق القتال في قطاع غزّة، فضلاً عن خطّة العمليّات المقبلة"، حسبما أفاد مكتب رئيس الوزراء.
وفيما لم يتم تقديم أيّ تفاصيل بشأن عملية الإجلاء، قال نتانياهو لشبكة "سي بي اس"، إنّ هناك "مساحة" للمدنيين "شمال رفح في المناطق حيث أنهينا القتال".
غير أنّ هذه المناطق لا تزال هدفاً للنيران الإسرائيلية. وأفاد مراسل لوكالة فرانس برس عن غارات جوية ليلية على رفح وخان يونس (جنوب) ومناطق واقعة على بعد بضعة كيلومترات شمال رفح، وعلى حي الزيتون في مدينة غزة في شمال القطاع. كما أفاد الجيش الإسرائيلي الإثنين عن معارك عنيفة في هذه المناطق قُتل فيها "حوالى 30 إرهابياً" في اليوم السابق.
وأفادت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس بأنّ الضربات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل 92 شخصاً خلال الليل، مشيرة إلى مقتل 15 شخصاً من عائلة واحدة جراء استهداف منزل في مدينة غزة.
واندلعت الحرب في 7 تشرين الأوّل (أكتوبر)، بعدما نفّذت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا غالبيّتهم مدنيّون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة.
كما احتُجز خلال الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 130 منهم ما زالوا محتجزين في قطاع غزّة، ويُعتقد أنّ 31 منهم لقوا حتفهم.
وردا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل "القضاء" على حماس التي تحكم غزة منذ 2007 وتُصنّفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "منظّمة إرهابية". وتردّ إسرائيل على الهجوم بقصف مدمّر على قطاع غزّة وبعمليّات برّية منذ 27 تشرين الأول (أكتوبر) ما تسبّب بمقتل 29782 فلسطينياً، غالبيتهم العظمى مدنيّون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
تجنّب المجاعة
ويعاني قطاع غزة من كارثة إنسانية كبرى، وأعلنت الأمم المتحدة أنّ 2,2 مليون شخص، أي الغالبية العظمى من السكان، مهدّدون بـ"مجاعة جماعية".
ويخضع إدخال المساعدات إلى غزّة لموافقة إسرائيل، وبات نقلها إلى شمال القطاع شبه مستحيل، بسبب الدمار والقتال. ويواجه 300 ألف شخص مجاعة في هذه المنطقة، وفقاً للأمم المتحدة.
وأعلن مكتب نتانياهو في بيان أنّ مجلس الحرب وافق على خطّة لتقديم مساعدات إنسانية الى غزة "تحول دون تعرضها لعمليات نهب"، من دون إضافة تفاصيل بهذا الشأن.
وتعرضت قوافل مساعدات بين تلك النادرة التي تمكّنت من الوصول إلى الشمال للسرقة من سكان، وأفاد فلسطينيون وكالة فرانس برس بأنّهم اضطرّوا إلى أكل أوراق الشجر وعلف الماشية ولحم خيول بعد ذبحها.
وقال عبد الله الأقرع (40 عاماً) الذي نزح من بيت لاهيا إلى غرب مدينة غزة "أكلَنا الجوع... الجوع قتل الأطفال وكبار السن، لا أحد ينظر إلينا". وأضاف "أمس، أطلقوا النار على ناس جوعى سعوا للحصول على الطحين عندما وصلت مساعدات لأول مرة إلى تل الهوى" جنوب غرب مدينة غزة.
قتيلان لحزب الله
في لبنان، قتل عنصران على الأقل من حزب الله جراء غارات شنّتها إسرائيل في شرق البلاد، لأول مرة منذ بدء التصعيد عبر الحدود. وقال الجيش الإسرائيلي إنها استهدفت منظومة دفاع جوي تابعة للحزب، رداً على إسقاط إحدى مسيّراتها صباحاً.
وطالت غارتان على الأقل، وفق ما أفاد مصدر أمني لبناني وكالة فرانس برس، مبنى ومستودعاً تابعين لحزب الله في محيط مدينة بعلبك التي تعد المعقل الرئيسي لحزب الله في منطقة البقاع (شرق).
وكان حزب الله أعلن صباح الإثنين أن مقاتليه أسقطوا "مسيّرة إسرائيلية كبيرة من نوع هرمس 450 بصاروخ أرض جو فوق منطقة إقليم التفاح" الواقعة على بعد قرابة 20 كيلومتراً من الحدود.
وتتواصل المحادثات الهادفة الى التوصل الى هدنة تتيح إطلاق رهائن محتجزين في قطاع غزة مقابل تهدئة وإطلاق معتقلين فلسطينيين من سجون إسرائيلية.
وأفادت قناة "القاهرة الإخبارية" نقلاً عن مصادر مصرية الأحد أنّ مفاوضات التهدئة في قطاع غزة استؤنفت "من خلال اجتماعات على مستوى المختصّين تُعقد بالعاصمة القطريّة الدوحة، وأخرى تعقبها في القاهرة" حيث التقى مديرو الاستخبارات المصريّة والأميركيّة والإسرائيليّة ورئيس الوزراء القطري في 13 شباط (فبراير).
ولم ترشح اي معلومات عن هذه الاجتماعات بعد.