دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، إسرائيل إلى السماح بمرور المزيد من المساعدات والمساهمة بإنقاذ الأرواح في غزة، في وقت يؤكد فيه مسؤول في الجيش الإسرائيلي يشرف على نقل المساعدات "عدم وجود نقص في الغذاء في غزة".
وقال كاميرون، في مقاله الذي نشرته صحيفة الغارديان: "من خلال فتح المعابر لفترة أطول، واستعادة إمدادات المياه وتمكين موظفي الأمم المتحدة من توزيع الغذاء بأمان، يمكن الحد من حجم هذه الكارثة".
وأضاف: "الوضع يائس، ومن المتوقع أن يزداد سوءًا". "لقد كان من المفجع قراءة أحدث تقييم مستقل للجوع في غزة"، فوفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، 9 من كل 10 فلسطينيين في شمال القطاع يتناولون أقل من وجبة واحدة في اليوم.
"الموت يطارد الأطفال"
"الموت واليأس يطاردان حياة الأطفال، كلنا نعلم أننا يجب أن نتصرف، والسؤال هو كيف ؟... حيث إنّ ما يقرب من 40 في المئة من سكان غزة تقل أعمارهم عن 15 عامًا"، ويضيف كاميرون أنّه مع نزوح العائلات وانعدام الصرف الصحي، ستنتشر الأمراض.
وأكّد كاميرون أنهّ لا يريد لهذا الصراع أن يستمر لوقتٍ أطول من اللازم، ويجب تحقيق وقفٍ مستدامٍ لإطلاق النار، مما سيجنّب جيلًا آخر من الأطفال العيش تحت تهديد الحرب المستمر.
وأشار كاميرون في مقاله إلى المطالبة بمزيد من الهدن الإنسانية، من أجل إخراج المزيد من الرهائن من غزة وإيصال المزيد من المساعدات، ولكن تساءل "ماذا لو لم يحدث أي من هذه الأشياء قريبًا؟ كيف نتجنب تحول الجوع إلى مجاعة؟ كيف يمكننا تخفيف المعاناة مع دعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس؟".
مساعدات عالقة
ويشير كاميرون إلى أن الكثير من المساعدات عالقة ومتراكمة في العريش في مصر، ولا يمكن دخولها إلى غزة، وقال: يتعين علينا أن نساعد الأمم المتحدة، التي يحاول موظفوها الشجعان إدارة التوزيع في ظل ظروفٍ يائسة داخل قطاع غزة، وليس من الجيد الحصول على المساعدات إذا لم يكن من الممكن توزيعها بشكل آمن وفعال.
وأكّد أن المزيد من التأشيرات واستيراد المركبات لهم سيعني أنّ موظفيهم سيتمكنون من دخول غزة، مما يعزز ثقتنا في أنّ المساعدات ستصل إلى من هم في حاجة حقيقية إليها.
وبحسب كاميرون، دخلت الأسبوع الماضي نحو 131 شاحنة إلى غزة يوميًا عبر معبري رفح وكرم أبو سالم، والرقم يزحف إلى نحو 200 يومياً، موضحاً أنّ ذلك ليس كافياً على الإطلاق، فالعدد يجب أن يقترب من 500.
472 طائرة مساعدات منذ بدء الحرب
صحيفة اليوم السابع المصرية، كشفت عن ارتفاع عدد إجمالي الطائرات التي هبطت بمطار العريش لنقل مساعدات لغزة منذ بدء الحرب إلى 472 طائرة، بعد استقبال أولى رحلات نقل المساعدات جواً في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ونقلت هذه الطائرات مساعدات ووفود رسمية، بينها 388 طائرة حملت أكثر من 12 ألف طن من المساعدات المتنوعة ومواد الإغاثة إلى قطاع غزة.
وأوضحت بيانات حركة استقبال طائرات المساعدات والأفراد أنّ الدول التي وصلت منها الطائرات هي؛ الجزائر والنمسا والبحرين وبلجيكا وبولندا والبرازيل وبريطانيا وكولومبيا والدنمارك وإنجلترا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا واليونان والهند وإندونيسيا والعراق وإيطاليا واليابان والأردن وكازاخستان وكينيا والكويت وليبيا وماليزيا والمغرب ونيروبي والنرويج وعمان وباكستان وقطر ورومانيا وروسيا وسنغافورة وجنوب أفريقيا وسويسرا وهولندا وتونس وتركيا وتركمانستان والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا وأمريكا وفنزويلا والمملكة العربية السعودية وكينيا والأرجنتين.
وتسلم الهلال الأحمر المصري شحنات المساعدات التي نقلتها الطائرات، ونُقِلَت للمخازن اللوجستية في مدينة العريش ومنها لقطاع غزة على شاحنات عبر معبر رفح الحدودي.
متطلبات حياة مسلوبة
مع تواصل النزوح إلى مدينة رفح التي كان يقطنها قبل الحرب نحو 300 ألف نسمة، بحسب صحيفة اليوم السابع المصرية، أصبحت المدينة ذاتها تستوعب قسراً نحو 1.3 مليون نسمة، ما حوّل حياة المقيمين على أرضها إلى كارثة غير مسبوقة سلبت من المواطن كافة مقومات ومتطلبات الحياة الكريمة.
غالبية النازحين الجدد لم يجدوا لهم مكاناً وسط ازدحام واكتظاظ الخيام التي غطى انتشارها الأراضي غير المأهولة وكذلك التي كانت مزروعة بالأشجار الحرجية وباتت أراضي مقفرة بعد أن اقتلع النازحون أشجارها ليستفيدوا من كل ورقة وغصن وجذر في إشعال النار اللازمة لطهي طعامهم.
ومع هذا الواقع وعدم قدرة المقيمين في الخيام على استضافة المزيد من أقاربهم في خيامهم التي باتت الخيمة الواحدة تؤوي نحو عشرة أفراد، لم يعد هناك سوى أرصفة الطرقات والجزر الفاصلة بين الاتجاهين المعاكسين لكل شارع من الشوارع الرئيسة كي يقيموا عليها خيامهم.
ومع هذه الحال، انتشرت البسطات التي تبيع فتائل مصابيح الكاز للإضاءة وانتشرت بشكل ملحوظ أفران الطين على امتداد الشوارع لإنضاج الخبز، إضافة إلى بسطات بيع الفلافل والوجبات المنزلية والمعلبات والألواح الخشبية والصفيح المهترئ وما إلى ذلك من متطلبات تأسيس وإقامة الخيام من بسطات النايلون المقوّى والشفاف والمسامير والأسلاك.
ولم يغب عن المشهد بسطات بيع الإطارات المطاطية المهترئة (الكوتشوك) لتلبية احتياجات النازحين في تأسيس حفرة امتصاصية مجاورة لخيمتهم كي تكون بمثابة دورة مياه، كما أصبح شراء لوحة الطاقة الشمسية بمثابة رأس مال لمشروع صغير يعمل صاحبه على كسب قوته اليومي من خلال ما يتقاضاه نظير شحن الهواتف النقالة والبطاريات صغيرة الحجم.
لا يوجد نقص في الغذاء
صحيفة تايمز أوف إسرائيل نشرت مقالاً للجيش الإسرائيلي، قالت فيه الوحدة التي تشرف على نقل المساعدات الإنسانية إلى غزة، إنه "لا يوجد نقص في الغذاء في القطاع وأنّ المشاكل القائمة ناجمة عن عدم قدرة الأمم المتحدة على توزيع البضائع بشكل صحيح بمجرد دخولها إلى القطاع".
وفي حديثه عن معبر كرم أبو سالم الحدودي، الذي أعيد فتحه الشهر الماضي، قال موشيه تيترو، رئيس إدارة التنسيق والارتباط في غزة في وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، إن إسرائيل تعمل يومياً على تعزيز المساعدات لغزة.
وقال تيترو "يتم تفريغ الشاحنات التي تمر عبر التفتيش الأمني هنا على الجانب الغزاوي من المعبر، ثم يتم استلام المساعدات من قبل المنظمات الدولية وتسليمها إلى سكان غزة".
وخلافاً لتقارير الأمم المتحدة التي تزعم انتشار المجاعة في القطاع، أصر تيترو على أنه "لا يوجد نقص في الغذاء في غزة".
وأضاف "فيما يتعلق بالغذاء، فإنّ الاحتياطيات في غزة كافية على المدى القريب. ومع ذلك، إذا كانت هناك أيّ منظمات ترغب في جلب المزيد من الغذاء، فسنكون سعداء بتسهيل ذلك – إلى الجنوب والشمال".
ونفى تيترو أيضاً وجود أيّ صعوبات من الجانب الإسرائيلي تمنع وصول المساعدات إلى القطاع، مؤكداً بدلاً من ذلك أن "المشكلة تكمن في المنظمات الدولية التي تقوم بتجهيز المساعدات واستلامها".
زيادة عدد الشاحنات
وقالت الوحدة، إنها تعمل على زيادة عدد الشاحنات التي تعبر الحدود يومياً، مشيراً إلى ارتفاع عن متوسط ما قبل الحرب البالغ 70 شاحنة يوميا إلى متوسط الأسبوع الماضي، 110.
وأشارت تايمز أوف إسرائيل، أنه في البداية، قامت إسرائيل بتقييد دخول المساعدات إلى غزة في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
وتضغط الولايات المتحدة على إسرائيل منذ أسابيع للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وعُقد المؤتمر الصحفي في كيرم شالوم/ معبر كرم أبو سالم على خلفية الزيارة الرابعة التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل منذ بداية الحرب.
وفي الشهر الماضي، أفادت الأمم المتحدة ووكالات أخرى بأن أكثر من نصف مليون شخص في غزة، أي ربع السكان، يعانون من المجاعة بسبب عدم وجود كميات كافة من الغذاء الذي يدخل إلى القطاع.
وأصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً في أواخر ديسمبر/ كانون الأول يدعو إلى "إيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ودون عوائق" إلى المدنيين في قطاع غزة.
وقال كارل سكاو، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، الأسبوع الماضي، إنّ سبب التأخير هو "الاختناق الخطير عند معبر رفح الحدودي"وليس نقص موظفي الأمم المتحدة. "تجلس فرقنا على الجانب الآخر من الحدود في انتظار استلام ما يأتي، لذلك لا يتم ذلك بطريقة مستدامة".