روما: يقيم ائتلاف الأحزاب اليمينية في ايطاليا، والذي يرجّح أن يحقّق فوزًا بسهولة في الانتخابات التشريعية الأحد، تجمّعًا انتخابيًا مشتركًا الخميس في روما في ختام حملة قد توصل إلى السلطة معجبة سابقة بالدكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني.
وبعد تخصيص الاتحاد الأوروبي مبلغًا لتمويل تعافي ايطاليا بعد الجائحة، يتوقّع أن يصبح مصير الايطاليين في أيدي جورجيا ميلوني، زعيمة حزب "أخوة إيطاليا" (فراتيلي ديتاليا) ذو الجذور الفاشية.
ويتابع الاتحاد الأوروبي الانتخابات التشريعية الايطالية عن كثب بعدما فاز اليمين واليمين المتطرّف في الانتخابات التشريعية السويدية، إذ قد تُصبح ميلوني أول امرأة تتولى رئاسة أول حكومة يمينية متشددة في البلاد.
الائتلاف اليميني
ويضم الائتلاف اليميني حزب "أخوة إيطاليا" وحزب "الرابطة" المناهض للهجرة بزعامة ماتيو سالفيني و"فورتسا ايطاليا" بزعامة سيلفيو برلوسكوني.
ويتوقّع أن يحصل الائتلاف على الأغلبية المطلقة في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، متقدّمًا بسهولة على الحزب الديموقراطي (يسار وسط) بزعامة إنريكو ليتا والذي فشل في تحقيق وحدة بين الوسط واليسار.
واستحضرت ميلوني اقتباسًا للمهاتما غاندي في تغريدة نشرتها الأربعاء وأرفقتها بصورة تظهر فيها وهي تشير بعلامة النصر. وكتبت "كان غاندي يقول +في البداية يتجاهلونك، ثمّ يشوّهون سمعتك، بعدها يحاربونك. وفي النهاية، تفوز".
وتقيم ميلوني وسالفيني وبرلوسكوني تجمعا انتخابيا في روما مساء الخميس عشية اليوم الأخير من الحملة الانتخابية قبل فترة الصمت الانتخابي.
وتتجه ميلوني إلى مدينة نابولي الجنوبية الجمعة، وسط مؤشرات إلى أن حركة "الخمس نجوم" الشعبية تحقّق نجاحات فيها.
استطلاعات
ويمكن الاستناد إلى آخر الاستطلاعات التي نُشرت لتوقّع نسب الفوز في الانتخابات التشريعية، علمًا أن إجراء الاستطلاعات يتوقّف في الأسبوعين السابقيْن للاقتراع.
وترجّح الاستطلاعات حصول "أخوة ايطاليا" على ما يتراوح بين 24 و25% من نوايا التصويت، مقابل بين 21 و23% من نوايا التصويت للحزب الديموقراطي، وبين 13 و15% لـ"حركة 5 نجوم" الشعبوية و12% لحزب "الرابطة" و8% لـ"فورتسا ايطاليا".
وقد يحصل ائتلاف اليمين واليمين المتطرّف على 45إلى 55% من المقاعد في البرلمان.
لكن حتى لو يبدو الفوز الساحق للمحافظين محتّمًا، يذكّر مارك لازار، الأستاذ المحاضر في جامعة "سيانس بو" الفرنسية وجامعة "لويس" في روما، بأن نتائج الانتخابات في الماضي "تناقضت مع الاستطلاعات".
ومن المتوقّع أن ينخفض معدّل المقترعين في هذه الانتخابات إلى أدنى مستوياته تاريخيًا في ايطاليا، أي إلى ما دون 70%.
ويرى المحلّل فلافيو شيابوني من جامعة "بافيا" أن الحملة الانتخابية هذا الصيف كانت "إحدى أسوأ الحملات في فترة ما بعد الحرب".
ويشير إلى أن، باستثناء مواجهة بين ميلوني وليتا ستبثّها القناة التلفزيونية التابعة لصحيفة "كورييري ديلا سيرا"، "لم تحصل أي مواجهة بشأن أفكار ورؤى كل منهما".
ويدعو اليمين إلى تخفيف البيروقراطية وإغلاق الحدود ورفع نسب الولادات والتخفيف من تدفّق المهاجرين وتعزيز القيم "اليهودية والمسيحية" وتخفيض الضرائب.
لكن كلّ طرف يتعهّد بالعمل على مسائل محددة أكثر من الآخر. فرغم تعهّد ميلوني وسالفيني بإغلاق حدود ايطاليا من أجل حمايتها من "الأسلمة" وبوضع "الايطاليين أولًا"، تؤمن ميلوني بالتدخّل الاقتصادي للدولة فيما يدعو سالفيني وبرلوسكوني إلى تحديد ضريبة ثابتة تبلغ 15% و23% على التوالي.
مناهضة الشيوعية
في المقابل، تدعم ميلوني، المنحدرة من عائلة سياسية تأسست على مناهضة الشيوعية، العقوبات المفروضة على روسيا على خلفية غزوها لأوكرانيا، فيما يعارضها سالفيني المؤيّد لبوتين، معتبرًا أنها تضرّ بالايطاليين خصوصًا وسط أسعار الطاقة بالنسبة لهم.
وغرّدت السفارة الروسية في ايطاليا الخميس أربع صور يظهر فيها بوتين مع جميع رؤساء الأحزاب المرشّحين لانتخابات الأحد، باستثناء ميلوني.
وكتبت السفارة "(صور) من التاريخ الحديث للعلاقات بين روسيا وايطاليا. لدينا بعض الذكريات".
وقد تهدّد الخلافات الشخصية بين ميلوني وسالفيني فوزهما بالأغلبية.
وتقول آنا بونالوم، مؤلفة كتاب "شهر مع شعبوي" (Un mois avec un populiste) عن سالفيني، إن ميلوني قارنت نفسها "براهب تيبيتي لتبدو متوازنة وقادرة على قيادة الأمّة" وطمأنة القادة ودوائر الأعمال في ايطاليا وفي الخارج. في المقابل، "رفع" سالفيني المعروف باسم "إل كابيتانو" نبرته.
اليسار
أمّا اليساري إنريكو ليتا، فقام بحملته حصرًا "بطريقة دفاعية، وكأنه هُزم بالأساس"، فيما كانت تجول ميلوني في جميع أنحاء ايطاليا وكأنها أصبحت رئيسة الوزراء، حسبما يرى فلافيو شيابوني.
ويقدّم إنريكو ليتا، الذي ترأس الحكومة الايطالية لفترة وجيزة قبل عقد تقريبًا، نفسه على أنه من سيضمن تجذّر ايطاليا في أوروبا أكثر من أي وقت مضى، ما يشكّل نقطة قوة له بعد منح الاتحاد الأوروبي نحو 200 مليار يورو من المساعدة لايطاليا لتمويل إنعاش اقتصادها بعد الجائحة.
لكن غالبًا ما يغري الإيطاليين شكل من أشكال "إسقاط النظام". لذلك، تبدو ميلوني التي لم تشارك في أي حكومة منذ 2011، بعيدة عن الوعود الكاذبة للسياسيين الايطاليين.