كييف (أوكرانيا): اتّهمت الولايات المتحدة روسيا الثلاثاء بالسعي لتكثيف هجماتها على أوكرانيا مع دخول النزاع شهره السابع، في حين شدّدت موسكو على أنها ستتعامل "بلا رحمة" مع المسؤولين عن اغتيال ابنة المفكر القومي المتشدد المؤيد للكرملين ألكسندر دوغين في عملية ينسبها الكرملين إلى الاستخبارات الأوكرانية.
والثلاثاء، كشف مسؤول أميركي أنّ الولايات المتّحدة ستعلن الأربعاء عن lساعدة عسكرية إضافية بقيمة ثلاثة مليارات دولار إلى أوكرانيا، في أكبر حزمة دعم أمني أحادية لكييف منذ بدء الغزو الروسي.
وأشار إلى أن هذه المساعدة التي يمكن أن تستخدم لتزويد كييف أسلحة وتدريب قواتها بالإضافة إلى عمليات أخرى، سيعلن عنها البيت الأبيض رسمياً الأربعاء، أي في اليوم الذي تحيي فيه أوكرانيا ذكرى استقلالها عن روسيا ومرور ستة أشهر على بدء الغزو الروسي لأراضيها.
اتهامات متبادلة
وفي مجلس الأمن، تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بتعريض محطمة زابوريجيا النووية للخطر، في حين دعا الأمين العام أنطونيو غوتيريش الجانبين إلى وقف كل الأنشطة العسكرية في محيط المنشأة.
وفي حين دعت فرنسا إلى عدم إظهار "أي ضعف" أمام موسكو، أجرى وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف ونظيرته الفرنسية كاترين كولونا مباحثات حول الزيارة المحتملة لمفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمحطة الطاقة النووية الأوكرانية في زابوريجيا.
وأكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي أن هذه الزيارة الرامية إلى "الحد من خطر وقوع حادث نووي خطير في أوروبا" يجب أن تتم "في غضون أيام قليلة إذا نجحت المفاوضات الجارية"، مشيرا إلى "أضرار إضافية في المنطقة" بعد عمليات القصف التي سجّلت في الأيام الأخيرة.
السفارة
من جانبها، حذّرت السفارة الأميركية في كييف الثلاثاء من أن روسيا قد تضرب منشآت مدنية ومبانَي حكومية في أوكرانيا "في الأيام المقبلة"، داعية المواطنين الأميركيين إلى "مغادرة أوكرانيا اعتبارا من الآن".
منذ تراجع القوات الروسية من محيط كييف نهاية آذار/مارس، تتركّز معظم المعارك في شرق أوكرانيا، حيث تباطأ تقدم القوات الروسية قبل أن يتعثر. وتقدّمها بطيء أيضا في الجنوب حيث تقول القوات الأوكرانية إنها تشنّ هجوما مضادا.
وفي غضون ذلك، تواصل روسيا استهداف المدن الأوكرانية بصواريخ بعيدة المدى، لكن الضربات نادرا ما تستهدف العاصمة أو المناطق المحيطة بها.
مساء قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في رسالته اليومية عبر الفيديو "علينا أن ندرك أن غدا يمكن ان نشهد استفزازات روسية بغيضة وضربات وحشية"، في إشارة إلى احتفال البلاد بذكرى استقلالها عن روسيا.
وتابع "سنرد بالتأكيد على كل عمل إرهابي روسي".
والتقى زيلينسكي خلال النهار نظيره البولندي أندريه دودا الذي وصل إلى كييف في الصباح في إطار "منصة القرم" التي تجمع أبرز الدول الداعمة لأوكرانيا.
ماكرون
وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء أن يتواصل دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا التي تواجه الغزو الروسي "على الأمد الطويل".
وبعد ستة أشهر من بدء النزاع، قال ماكرون في خطاب عبر الفيديو أمام المشاركين في مؤتمر منصة القرم في كييف "لم يتغير تصميمنا ونحن مستعدون لمواصلة هذا الجهد على الأمد الطويل".
وتابع "لا يمكن أن يكون هناك أي ضعف أو روح تنازل في مواجهة ذلك، لأن الأمر مرتبط بحريتنا، من أجل الجميع، وبالسلام في كل مكان حول العالم".
وفي كلماتهم خلال القمة، واصل القادة الغربيون الآخرون إدانة الغزو الروسي بشدة وحذّروا موسكو من ضم أجزاء أخرى من الأراضي الأوكرانية بعد شبه جزيرة القرم.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس الذي من المقرر أن تقدّم بلاده مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون يورو "لن نعترف بأي محاولة لتغيير وضع أي جزء من أوكرانيا"، فيما صرح رئيس الوزراء البريطاني المستقيل بوريس جونسون "يجب أن نواصل تزويد أوكرانيا كل المساعدات الضرورية (الاقتصادية والعسكرية...) حتى تنهي روسيا هذه الحرب وتسحب قواتها من كل أنحاء أوكرانيا".
بوريل
من جانبه، أكّد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يراهن على أن رد الاتحاد الأوروبي الموحّد على غزوه لأوكرانيا سيتصدّع إذ أن الأسعار المرتفعة تؤثر بشدة على الناخبين الأوروبيين.
وأعربت الأمم المتحدة الثلاثاء عن قلقها حيال المحاكمات المحتملة لسجناء الحرب الأوكرانيين في ماريوبول الذين أسرتهم روسيا في أيار/مايو، مشيرة إلى أنه يحظر إنشاء محاكم مخصصة فقط لمحاكمة هؤلاء الأسرى.
وفي روسيا، حضر مئات الأشخاص الثلاثاء في موسكو جنازة داريا دوغينا، ابنة المفكّر الروسي القومي البارز التي اغتيلت في انفجار سيارتها في عملية تتهم روسيا الاستخبارات الأوكرانية بتدبيرها.
دوغين
ويرجّح أن يكون ألكسندر دوغين، وهو من كبار مؤيّدي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ويقول إن علاقة وطيدة تربطه بالرئيس فلاديمير بوتين، هو من كان مستهدفا بالانفجار الذي أودى بحياة ابنته البالغة 29 عاما.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "كانت جريمة همجية لا يمكن التسامح معها (...) لا يمكن أن تكون هناك أي رحمة تجاه أولئك الذين نظّموا وأصدروا الأوامر ونفّذوا" عملية التفجير.
وصرح ألكسندر دوغين في بداية الجنازة "ماتت فداء لروسيا، أمّة وشعبا، في الجبهة. والجبهة هي هنا".
وقالت موسكو إن الاستخبارات الأوكرانية هي من دبّر عملية الاغتيال. لكن كييف تنفي تلك الاتهامات.
لكن كييف نفت صحّة هذه الاتهامات واتّهمت موسكو بارتكاب هذه الجريمة في مسعى لإعادة تعبئة الرأي العام الذي يتراجع تأييده للحرب.
وقال الرئيس الأوكراني مساء الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي "لسنا مسؤولين" عن ذلك، مضيفاً "ليست مواطنة في بلدنا. لا يهمّنا أمرها".