إسرائيل لم تنظر في يوم من الأيام إلى الإعلام على أنه من أدوات التثقيف والمعرفة والنشر والتواصل، لا تنظر له إلا بعين واحدة هي عين السلاح الفتاك والقاتل، لذا قتلوا الإعلامية التلفزيونية العربية الفلسطينية: شيرين أبوعاقلة، وهي فلسطينية الوجه والانتماء من مواليد القدس، وتحمل الجنسية الأمريكية، وحتى جنسيتها الأمريكية التي تعتبر الجنسية السوبر والأقوى في العالم لم تحمها، فقتلها الجيش الإسرائيلي برصاص قناص محترف في الرأس، لأنه يعلم أن الصحفيين يرتدون سترة واقية من الرصاص وعليها شعار الصحافة، أما الرصاص الذي يصيب الأقدام غير قاتل، وليست من أهداف الجنود الإسرائيليين، فهم يسعون إلى القتل المباشر وإسكات صوت الإعلام وتعطيل الكاميرا من أن تنقل للعالم بشاعة القتل بدم بارد.
ولدت شيرين أبو عاقلة في 3 يناير 1971 في القدس، تعود جذور أسرتها إلى مدينة بيت لحم، درست تخصص الصحافة والإعلام - فرع العلوم السياسية، وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة اليرموك في الأردن عام 1991، وعادت إلى وطنها فلسطين، عملت بعد التخرج في فلسطين بعدة مؤسسات إعلامية منها: وكالة الأونروا، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح وإذاعة مونت كارلو، وأخيراً عام 1997 في قناة الجزيرة الفضائية تغطي أحداث فلسطين، وقد غطت أحداث الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حتى قُتلت برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في 11-5 -2022 الماضي، خلال مسيرتها غطّت أحداث الانتفاضة الفلسطينيّة عام 2000، والاجتياح الإسرائيلي لمخيم جنين وطولكرم عام 2002، والحروب والغارات الإسرائيليّة على قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن إصابتها بعيار ناري بالرأس، دفنت بالقدس مسقط رأسها.
وكأن شيرين أبو عاقلة تقول للوطن العربي تمسكوا بسلاح الإعلام كما تتمسكون بزناد البندقية، فإسرائيل تحارب وطننا العربي بالإعلام والسلاح، وقتل الإعلاميين أحد الأهداف التي يعملون عليها، كما أن شيرين والعديد من الإعلاميين الفلسطينيين يعتقدون بأن موتهم سيكون برصاص جنود الاحتلال، وأنهم كما يصنعون الخبر سيتحولون إلى خبر، فالجموع من الشعب الفلسطيني التي خرجت لتشييع جنازتها هي رسالة للقتلة أن الضمير الإعلامي سيبقى ينبض في الداخل الفلسطيني وتتناقله الأجيال، وأن شيرين ستبقى رمزية للقدس ودحر الاحتلال.