باريس: رُفعت شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية تتهم الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو بالضلوع في "جرائم ضد الإنسانية" على خلفية دوره المفترض في تدمير الأمازون، وذلك في أول قضية تسعى لإقامة صلة واضحة بين إزالة الغابات ووقوع خسائر بشرية.
وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري من جراء إحراق مساحات من الأراضي والزراعة على نطاق واسع جدا في الأمازون، أعلى من إجمالي الانبعاثات السنوية في إيطاليا أو إسبانيا. كذلك يؤدي قطع أشجار الغابات في هذه المنطقة بالفعل إلى إطلاق كميات من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما يمكن لباقي منطقة الأمازون امتصاصه.
رفعت المنظمة النمسوية المدافعة عن البيئة "أولرايز" شكوى رسمية أمام المحكمة ومقرها لاهاي صباح الثلاثاء. وتطلب الشكوى إطلاق إجراءات قانونية في حق بولسونارو وإدارته على خلفية أنشطة "تتعلق مباشرة بالتداعيات السلبية للتغير المناخي في أنحاء العالم".
مخاطر قطع الأشجار
وتتهم الشكوى الرئيس البرازيلي بشن حملة واسعة تسببت في قتل مدافعين عن البيئة وبتعريض سكان العالم للخطر من جراء الانبعاثات الناجمة عن قطع أشجار الغابات.
وتسعى الشكوى للاستفادة من المجال المتنامي لعلم المناخ، والذي يسمح للباحثين بإثبات صلة بين ظواهر المناخية القصوى من جهة، والاحترار العالمي والتدهور البيئي من جهة أخرى.
ويقول الفريق الذي أعد الشكوى إن إدارة بولسونارو سعت "بشكل ممنهج للتخلص من القوانين والوكالات والأفراد الذين يسهمون في حماية الأمازون وتحييدهم والنيل من مصداقيتهم".
وتحمّل الشكوى بولسونارو مسؤولية خسارة قرابة 4000 كيلومتر مربع من الغابات المطرية كل عام، وتقول إنه أشرف على إزالة غابات بمعدلات شهرية تسارعت بنسبة 88 بالمئة منذ توليه الرئاسة في الأول من كانون الثاني/يناير 2019.
ولم يرد مكتب بولسونارو على طلب للتعليق من وكالة فرانس برس.
قدر فريق الخبراء أن الانبعاثات المنسوبة إلى إدارة بولسونارو بسبب إزالة الغابات ستسبب أكثر من 180 ألف حالة وفاة ناجمة عن الحرارة على مستوى العالم هذا القرن.
وقال روبرت ستيوارت سميث من برنامج القانون المستدام بجامعة أكسفورد لوكالة فرانس برس "في السنوات القليلة الماضية، قطع علم المناخ شوطا كبيرا فيما يتعلق بقدرته على تقديم دليل على علاقات سببية محددة بين انبعاثات غازات الدفيئة والتداعيات التي تظهر في العالم نتيجة لذلك ".
ومع وجود ما لا يقل عن ثلاث شكاوى أخرى من قبل مجموعات السكان الأصليين ضد بولسونارو في المحكمة الجنائية الدولية منذ العام 2016، يقول المنظمون إن هذه الشكوى هي الأولى التي تسلط الضوء على الصلة الواضحة بين خسارة غابات وصحة الإنسان على مستوى العالم.
وقال مؤسس منظمة أولرايز يوهانس ويسمان لوكالة فرانس برس "نريد أن نفهم العلاقة السببية لما يحدث في البرازيل، أي إزالة الغابات على نطاق واسع، بالمناخ العالمي".
تدميرٌ متعمد للبيئة
أضاف "إنه بالضبط ما يعرّفه نظام روما الأساسي بأنه جريمة ضد الإنسانية: التدمير المتعمد للبيئة والمدافعين عن البيئة."
وقال ويسمان إن الغرض من الشكوى "عدم التحدث نيابة عن أي برازيلي، بل إظهار الخطورة العالمية لإزالة الغابات على نطاق واسع".
قال المحامي نايجل بوفواس الذي تولى مقاضاة بعض أشهر المجرمين الدوليين، إن الشكوى رفعت ضد العديد من الأفراد داخل إدارة بولسونارو.
وقال لوكالة فرانس برس "نركز على كبار الفاعلين المسؤولين".
أضاف "نحن نقول إنه نتيجة لسياسات الدولة التي ينتهجونها، فإنهم يساعدون عن قصد ويحرضون الجناة على الأرض على ارتكاب جرائم مثل القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية".
المحكمة الجنائية الدولية غير ملزمة النظر في الشكاوى المقدمة إلى المدعي العام من قبل أفراد أو مجموعات، ولا تعلق عليها حتى تعلن النيابة أنها بدأت فحصا أوليا في مسألة معينة.
وقالت مود سارليف المحامية المتخصصة في حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي إنه في حال تقرر المضي قدما بالشكوى في حق بولسونارو فإن ذلك سيوجه رسالة تحذير واضحة إلى أفراد مثل الرؤساء التنفيذيين لشركات الوقود الأحفوري..
أضافت "القانون يسمح لنا الآن بملاحقة أولئك الذين ينتهجون بقسوة سياسات ينجم عنها بوضوح دمار بيئي وتداعيات على المدنيين".