المنامة: يجلس السبعيني محمد غريب أمام قدر كبير وفي يده عصا خشبية سميكة، يحرّك بها مزيجا من السكر والمواد الاخرى لصناعة الحلوى البحرينية التقليدية التي تتحوّل خلال شهر رمضان إلى طبق رئيسي في المملكة الخليجية.
وفيما يتصاعد البخار من المزيج الأحمر اللون الذي يُطبخ على نار قوية، يقوم غريب بانتقاء المواد المختلفة من نحو عشرة قدور ويرميها الواحدة تلو الاخرى في القدر الحديدي الكبير ثم يعود لتحريك المزيج.
وقال غريب وهو مسؤول المبيعات في أحد أقدم شركات تصنيع الحلوى التقليدية المسماة "حلوى" لوكالة فرانس برس "امتازت البحرين منذ القدم بعدد من الصناعات ومن ضمنها الحدادة والحياكة وصناعة السيوف".
وأضاف "لكن الذي تبقّى منها قليل، وعلى رأسها صناعة الحلوى".
تشتهر البحرين بمطبخها التقليدي والذي يتميّز بمأكولات شعبية عُرفت منذ القدم ولا تزال تُطهى في كثير من البيوت. ولعل أبرزها هذه الحلوى التقليدية التي بدأت صناعتها، بحسب باحثين، قبل حوالى قرنين.
وقديما كانت تؤكل مع خبز التنور لتشكّل وجبة دسمة، ولكن مع تطور أسلوب تناولها، أصبحت تقدّم وحدها في المناسبات والأعياد والاحتفالات وخصوصا خلال رمضان، حتى أن بعض البحرينيين يردّدون مقولة "لا قهوة بدون حلوى".
أمام صور للحلوى التقليدية ولحلويات أخرى عُلّقت عند مدخل محله قرب المنامة، ينهمك صالح الحلواجي بدوره في مزج خليط فوق نار هادئة مستعينا بعصا حديدية، فيما تتصاعد أصوات غليان المزيج.
ويؤّكدالحلواجي الذي ورث المهنة عن والده، أنّه سينقلها إلى أولاده أيضا.
وقال لوكالة فرانس برس "عمل والدي في صناعة الحلوى، وكنا نساعده بعد الانتهاء من المدرسة في صغرنا. اليوم نعمل في هذه الصناعة مع أبنائنا، ونحرص على توريث هذه المهنة وحفظها من الاندثار".
يسعى الحلواجي لنقل "الحلوى" إلى خارج المملكة الصغيرة، قائلا إنّها قادرة على منافسة الحلويات التي تُصنع في الدول الخليجية الاخرى في المنطقة المعروفة بحبها للأرزّ واللحوم والأكلات الدسمة.
وأوضح "لقد انتشرنا على مستوى الخليج العربي ويقصدنا الكثير من زوار المملكة" السعودية.
من بين أبرز منافسيها التمور السعودية والإماراتية التي أصبحت تقدّم محشوة بالفستق والشوكولاتة وغيرهما، والحلوى العمانية التقليدية الشبيهة بجارتها البحرينية والتي تعدّ طبق الضيافة الرئيسي في سفارات السلطنة حول العالم.
وبحسب الباحثة في التراث الشعبي دلال الشروقي، فإنّ العديد من مصنّعي الحلوى التقليدية البحرينيين عملوا على إدخال "بعض التحديثات" على صناعتها وبينها إضافة "الآيس كريم والكعك".
لكن "على الرغم من محاولات تحديثها وتطويرها، الا أن الجميع لا يزال يفضّل الحلوى بالشكل التقليدي"، وفقا للباحثة.
في شهر رمضان في منطقة الخليج، غالبا ما تقدّم الحلويات المحلية التقليدية بعد الفطور، إلى جانب القهوة العربية الشهيرة.
ويقول الموظف المصرفي محمد الفردان (51 عاما) وهو يشتري الحلوى في المنامة "أميل للحلوى في شهر رمضان أكثر لأن المجالس مفتوحة وهي من أهم عناصر الضيافة"، مضيفا "برأيي، الحلوى لا تزال هي الطعام الرئيسي على المائدة".