الأسبوع الماضي، قُتل حسن نصرالله، زعيم حزب الله اللبناني، وتبعت ذلك أخبار تشير إلى مقتل هاشم صفي الدين، خليفته. وقبل ذلك، قيل إنَّ 55 من كبار القادة وأساس الهيكل التنظيمي والعسكري لحزب الله قد قُتلوا.
وصف زعيم المقاومة الإيرانية، مسعود رجوي، هذه الأحداث بأنها ضربة نوعية وقاصمة لظهر علي خامنئي ونظامه. وقال إن مصير نصرالله أثبت أن خامنئي هو الخاسر الاستراتيجي الأكبر في مجال الإرهاب وإشعال الحروب. كنا قد أكدنا منذ 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 أنَّ مرحلة تغيير قد بدأت، وأن النظام دخل في مسار سيكون فيه الخاسر الاستراتيجي. وأكد رجوي في رسالته في 5 تشرين الأول (أكتوبر) 2024 على حجم الضربات التي تلقاها النظام، ومكانة نصرالله بالنسبة إلى النظام، وحاجة النظام إلى إشعال الحروب والصراعات للبقاء. وأخيراً، سلط الضوء على موضوع الاختراق داخل النظام، مؤكداً تكبد خامنئي ونظام ولاية الفقيه الضربة الثانية الكبيرة في حرب لبنان. وتشير الأخبار إلى مقتل خليفة نصرالله قبل أن يتولى منصبه. لو كان خامنئي عاقلاً وفي حالة نفسية مستقرة، لما لُدغ من الجحر نفسه مرتين، أي مرتين من ثغرة الاختراق ذاتها.
ومع ذلك، لم يُظهر خامنئي أي إشارة إلى هذا الأمر في خطبة الجمعة، واكتفى بقراءة خطبة بالعربية ليُظهر أنه لا يزال متماسكاً. يتساءل الناس: لماذا أعلن خامنئي الحداد لمدة ثلاثة أيام على قاسم سليماني، بينما أعلن الحداد لمدة خمسة أيام على نصرالله؟ السبب هو أن نصرالله كان أكثر أهمية بكثير لبقاء النظام في استراتيجيته لتصدير الثورة وإشعال الحروب، واستبداله أكثر صعوبة بكثير من استبدال سليماني.
بحسب النظام، كان نصرالله قائد "محور المقاومة"، أي الوكلاء التابعين لولاية الفقيه، الذين يتمركز ثقلهم في لبنان. وقلنا مراراً وتكراراً منذ سنوات إنَّ إشعال الحروب تحت عنوان "تصدير الثورة" مرتبط بمصير نظام الخميني.
إقرأ أيضاً: ثلاث حكومات في النظام الإيراني
وأكد رجوي في سياق حديثه أن هذا النظام يعتقد، بحسب قوله، أنه إذا لم يرسم حدوده في البحر المتوسط وفي لبنان وسوريا والعراق، فسوف تنهار سلطة ولاية الفقيه في طهران. وفي 11 تشرين الأول (أكتوبر)، قال خامنئي في لقائه مع الطلاب المتميزين بشأن وفاة نصرالله: "نحن في هذه الأيام في حالة حداد، وأنا شخصياً حزين جداً. الحدث الذي وقع ليس حدثاً صغيراً. فقدان السيد حسن نصرالله ليس أمراً بسيطاً، وهو حقاً جعلنا في حالة حداد... هذا جو من الحداد العام في البلاد، وبالمعنى الحقيقي للكلمة هو حداد".
هذه الضربة، أي مقتل زعيم حزب الله، ليست عسكرية فحسب، ولا حتى سياسية فقط، بل هي تأكيد على دور تصدير الأزمات وإشعال الحروب في استراتيجية بقاء النظام، وهي استراتيجية تعرضت اليوم لضربة قوية. كنا نقول دائماً إن النظام يعتمد في بقائه على ركيزتين أساسيتين: القمع الداخلي وتصدير الحرب والأزمات. والآن، واحدة من هاتين الركيزتين قد تعرضت لضربة قوية، والنظام على وشك فقدان أحد أعمدته.
إقرأ أيضاً: التشكيل الوزاري لبزشكيان أو حكومة إبراهيم رئيسي الثانية
ظهور خامنئي في خطبة الجمعة، رغم مظهره الهجومي، كان في الحقيقة خطوة دفاعية للتغطية على هذا الضعف ولإعطاء دفعة معنوية لقواته. هذا المستوى من الاختراق داخل النظام يعكس حقيقة أن القضية تتجاوز مجرد عميل أو اثنين، ويؤكد أن أقوى مؤسسة في النظام الإيراني، وهي الحرس الثوري، قد انهارت وتهالكت من الداخل.