بدأ نظام الملالي، الذي لا يستطيع البقاء إلا من خلال خلق الخوف والرعب واعتقال الناس وسجنهم، أول موجة قمع عامة له في العام الفارسي الجديد.
في العاشر من نيسان (أبريل)، أصدر المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي أمر القمع بحجة مكافحة "الإخلال بالدين" لمنفذي "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، ثم أعلن قائد قوات إنفاذ القانون القمعية في طهران أنَّه "سيتم متابعة خطة الحجاب والعفة بجدية أكبر في جميع الشوارع والأماكن العامة اعتبارًا من 13 أبريل".
تم الإعداد لهذه الموجة من القمع من قبل أئمة صلاة الجمعة التابعين للنظام، وقد بدأوا بتهديد النساء منذ عطلة عيد النوروز. ووصف أحدهم "الحجاب غير اللائق" بأنه "حرب فكرية، مزيج معقد وغامض من جهود" العدو، فيما وعد آخر بـ"إدارة" أي شكل من أشكال "انتهاك الحرمات"، واعتبر آخر "فضح حرمات الحجاب" باعتباره "جريمة" وهدد باتخاذ إجراءات ضده.
فكما أن النظام دائمًا ما يكون تحت تصرفه العديد من الأبرياء لإعدامهم، ويستخدم بعضهم، حسب الظروف المضطربة التي تمر بها البلاد، لبث الخوف والرعب في المجتمع، فإنَّ قضية الحجاب هي أيضًا إحدى الذرائع التي يستخدمها نظام الملالي لخنق المجتمع.
وفي حين أنَّ التهديدات والترهيب والقمع الداخلي هي ركائز متأصلة وأساسية لنظام الملالي، إلا أنه لا ينبغي اعتبارها ظاهرة ثابتة وخطية، تتحرك بشكل موحد على طول طريق مستقيم. بل إنَّ الاختناق والخوف والرعب داخل هذا النظام كان دائماً ذا طبيعة متقلبة ومتذبذبة، يرتفع وينخفض مع الظروف السياسية والاحتجاجات الاجتماعية.
ومن هذا المنظور، لا بد من إيجاد أسباب أو عوامل لموجة القمع الممنهج الجديدة التي يقودها خامنئي وعملاؤه، وهو ما يتطلب دراسة الوضع الحرج للنظام في العام الجديد. وفي هذا العام، يحمل خامنئي العبء الثقيل، ليس فقط للأزمات القائمة، بل وأيضاً "أسوأ حدث في العام الماضي"، وهو المقاطعة الجماعية للانتخابات البرلمانية في آذار (مارس). ولا تزال قواته تعتبر هزيمته الانتخابية أكثر تأثيراً من الزلزال، بحجة أنَّ الأضرار الناجمة عن الزلزال يمكن إصلاحها، ولكن عندما تفقد المصداقية السياسية والاجتماعية بين الناس، فإن ذلك يؤدي إلى ضرر أكبر وعواقب سلبية أكثر.
ولذلك، بدأ خامنئي هذا العام بانقسامات سياسية متتالية وسلسلة من الأحداث الزلزالية، بما في ذلك الحركات الاحتجاجية المستمرة في جميع أنحاء البلاد. وفي السياق الإقليمي، وصل الوضع إلى نقطة حرجة، ومع تحول الاهتمام نحو النظام الإيراني كرأس الأفعى، انتهى عصر الضرب والهرب.
اشتدت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية مقارنة بالعام الماضي، ولا يزال الارتفاع الكبير في الأسعار يدفع الناس إلى الفقر والبؤس. ونتيجة لذلك، اندلع السخط والاحتجاجات بين مختلف شرائح المجتمع، ولا يكاد يمر يوم دون احتجاجات في الشوارع.
ومن المؤكد أنه من بين كل مصائب خامنئي، فإنَّ السخط الاجتماعي هو الأسوأ لأنه يمكن أن يؤدي إلى الانتفاضة المقبلة، وهو همه الأساسي. وفي كل تجمع واحتجاج وصرخة يرى كابوس الانتفاضة. ونتيجة لذلك، ليس لديه حل آخر غير القمع، وقمع المرأة هو الشكل الأوسع والأكثر سهولة من أشكال القمع الاجتماعي الذي وضعه على جدول أعماله. وهو يحاول بمكر تصوير هذا القمع على أنه حماية "للدين"، و"تعزيز الفضيلة"، و"الإسلام"، و"حرمة الإيمان"، وما إلى ذلك. وفي هذه الساحة أيضاً، تذكرنا وحدات مقاومة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية باستمرار بالجبهة الرئيسية، وهي معركة الشعب ضد نظام الملالي بأكمله، تحت شعار "المرأة والمقاومة والحرية".
ووسط كل ذلك، شهد خامنئي التجربة المريرة لقمع المرأة خلال انتفاضة 2022، وهو يراقبها ويظل حذراً. لقد شهد أيضًا نكران الذات والقيادة للفتيات والنساء الإيرانيات، ويعلم أن نفس ذريعة القمع يمكن أن تصبح نقطة انطلاق وشرارة الاحتجاجات. لذلك، فهو يسير على حبل مشدود، غير قادر على الانخراط في القمع الكامل والعلني بسبب الشكوك والمخاطر التي تنطوي عليها.
ومن الغريب والمفيد حقًا، من منظور تاريخي، أنه في نفس هذه الأيام من العام الماضي، هدد رئيس قوة إنفاذ القانون، أحمد رضا رادان، النساء بإعلان الحرب عليهن.
وفي 7 نيسان (أبريل)، نقلت وكالة أنباء "تسنيم" التابعة لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني عنه قوله: "سيدخل زملائي إلى الشوارع العامة والمركبات والأماكن في 14 نيسان (أبريل)، كما أُعلن في هذه المناطق الثلاث".
وبالفعل، وبالرغم من كل الحيل، مثل الاستيلاء على السيارات، وإغلاق المقاهي، والتحرش بالنساء بسبب حجابهن، والانخراط في عمليات ابتزاز بملايين الدولارات، لم يحقق النظام أي نجاح. وبدلاً من ذلك، شرعت خلال العام في إثارة الحرب الإقليمية، لكنها منيت بالهزائم في كل من تحريضها على الحرب والانتخابات.