: آخر تحديث

ماذا تعني اتفاقية تبادل العملات بين مصر والإمارات؟

26
30
26

أبرمت مصر والإمارات اتفاقية لمبادلة العملات المحلية، وقعها محافظا البنكين المركزيين في البلدين. وتتيح اتفاقية مبادلة العملات، تبادل السلع والبضائع بين أطرافها بالعملة المحلية لكل منها، بقيمة ما تم الاتفاق عليه في إطارها، وهو في حالة مصر والإمارات، بنحو خمسة مليارات درهم إماراتي و42 مليار جنيه مصري.

وسيكون هذا المبلغ وفقا لسعر الصرف السائد في وقت محدد، ما يعني أن مصر ضمنت بموجب الاتفاقية الأخيرة، الحصول على خمسة مليارات درهم إماراتي، حتى لو انخفضت قيمة الجنيه المصري، أمام الدولار مرة أخرى.

أحد الأهداف التي تؤمل عادة من توقيع مثل هذه الاتفاقيات، يتمثل في تخفيف الطلب على الدولار الأمريكي، من خلال تمويل علاقات البلدين التجارية بالعملة المحلية، وكذلك إصلاح أي خلل في منظومة أسعار الصرف وتأمين الديون الخارجية بتكاليف أقل.

يُضاف إلى ذلك، رغبة الحكومة المصرية بالتحرر من الاضطرار إلى الطلب المتزايد على شراء الدولار، سواء من السوق المحلية، أو عن طريق الاستدانة الخارجية، من خلال السندات أو الديون.

أما الإمارات فقد حصلت بموجب الاتفاقية على أموال مصرية بسعر الصرف الحالي. ومن الممكن أن تزيد قيمة هذه الأموال، حال عودة الجنيه المصري إلى الارتفاع مقابل الدولار. ويمكن للإمارات أن تستثمر بها في السوق المصرية.

وفي حين لم يعلن الجانبان تفاصيل الاتفاق أو الغرض منه، يرى خبراء أن الاتفاقات المماثلة تستهدف عادة التحوط من التعرض لمخاطر التقلب في أسعار الصرف، أو المضاربة على العملة، أو لخفض تكلفة الاقتراض بالعملة الأجنبية.

وأصابت الاتفاقية السوق السوداء للدولار في مصر بالارتباك، انتظارا لما يمكن أن تسفر عنه، عند تطبيقها.

هل لـ "بريكس" علاقة بالاتفاقية؟

من جهة أخرى، يرى خبراء أن الاتفاقية الأخيرة، والتي تسمح باستيراد القاهرة للمواد النفطية بالجنيه، وتعزز الاستثمارات الإماراتية في مصر، هي أولى ثمار الإعلان في أغسطس/آب الماضي، عن انضمام ست دول جديدة، من بينها هاتان الدولتان العربيتان، لتجمع "بريكس" الاقتصادي، الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وذلك اعتبارا من الأول من يناير/كانون الثاني المقبل.

ويشيرون في هذا الصدد، إلى ما يسعى إليه ذلك التجمع، من اعتماد عملات أخرى في التجارة العالمية، بدلا من الدولار.

وفي عام 2022، بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والإمارات نحو 4.9 مليار دولار.

وتستورد مصر من الإمارات بنحو 2.9 مليار دولار بينما تصدر بـ 1.9 مليار دولار.

وبحسب خبراء، سيتسنى للشركات الإماراتية في ظل الاتفاقية، تحويل أرباحها إلي الإمارات، بالجنيه المصري، وكان ذلك أمرا محظورا قبلها. كما تستطيع تلك الشركات أن تحول الأرباح أيضا إلى عملتها الوطنية، الدرهم، بعيدا عن الدولار.

وبالرغم من محدودية حجم المبلغ المنصوص عليه في الاتفاقية، فإنها تفتح الباب أمام توسيع هذا المفهوم حال نجاح تطبيقه، لتخفيف الطلب على الدولار في السوق المصرية.

وقد سلكت البنوك المركزية للدول ذات الاقتصادات القوية، طريق إبرام اتفاقيات مبادلة للعملات، وبخاصة بعد أزمة وباء كورونا.

وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) الأكثر نشاطا في هذا الإطار، حيث بدأت بوادر هذه الاتفاقيات في الظهور عام 2008.

وقدّم الفيدرالي الأمريكي 580 مليار دولار للبنوك المركزية في بلدان أخرى، من خلال اتفاقيات مبادلة عملات خلال الأزمة المالية العالمية 2008، وفقا لصندوق النقد الدولي.

وبموجب هذه الاتفاقيات، يمنح الفيدرالي الأمريكي، كمية من الدولارات لهذه الدول، على شكل قروض قصيرة الأجل، مقابل رهن عملاتها المحلية، بحيث تتمكن تلك البُلدان من تمويل جميع احتياجاتها، وسد العجز في ميزانياتها، ودفع فوائد القروض المستحقة عليها.

أما مصر فقد وقعت اتفاقا مماثلا مع الصين في عام 2016 لمبادلة العملات، بقيمة 18 مليار يوان، أي نحو 2.6 مليار دولار، لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.

ونفذت الصين اتفاقيات مبادلة، مع ما يزيد على 30 بنكا مركزيا حول العالم بحلول عام 2022، وذلك لزيادة استخدام اليوان كعملة احتياط عالمية، ولتحفيز التجارة الثنائية.

ولم يفصح البنكان المركزيان المصري والصيني، عن كيفية تنفيذ الاتفاقية المبرمة في هذا الشأن بين البلدين. وتخلت مصر في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، عن ربط الجنيه بالدولار، وذلك لما قالت إنه جذب الاستثمارات والقضاء على السوق السوداء.

"الهروب" من هيمنة الدولار

لا تقتصر محاولات الهروب من هيمنة الدولار، على تلك الاتفاقيات المرتبطة بالتجارة العالمية، إذ تعاني الدول ذات الاقتصادات الضعيفة، من عدم توافر الدولار لديها، من أجل استيراد احتياجاتها، وسداد ديونها.

ورغم طموح دول في "بريكس" وغيرها للخروج من عباءة الدولار، فإنه لا يزال العملة الأكثر قوة في العالم، إذ يسيطر على 41% من المدفوعات العالمية، طبقا لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك SWIFT. وتبلغ حصة اليوان 2,4% من مدفوعات SWIFT.

ووفقا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، فإنه في الفترة ما بين عامي 1999 و2019، شكّل الدولار ما نسبته 96% من الفواتير التجارية في أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية، و74% في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، و79% في باقي بقاع العالم.

ورغم ذلك، فقد بدأت المخاوف تسري في أوساط المستثمرين، من أن الدولار قد يفقد بعضا من مكانته، وسط تغيرات وتوترات جيوسياسية، تدعم قوة العملات الأخرى حول العالم، وتحاول إيجاد نظام مالي عالمي جديد، بعيدا عن العملة الأمريكية.

ولكن مؤسسة مورغان ستانلي، إحدى أكبر المؤسسات المصرفية الأمريكية، تقول إنه لا يوجد وسيط نقدي عالمي يشكل تهديدا حقيقيا للدولار، الذي يمثل أكبر عملة احتياط في العالم. فما زال الدولار يسيطر على 60% من احتياطيات البنوك المركزية العالمية، ويأتي من بعده اليورو بنسبة 21%.

غير أن استمرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في تبني سياسة يتم في إطارها رفع سعر الفائدة، وما يعقبه ذلك من خطوات مماثلة تتخذها البنوك المركزية لمعظم دول العالم، يدفع تلك الدول لمحاولة الخروج من دائرة هيمنة الدولار، حسب خبراء.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد