إيلاف من لندن: هل يمكن أن تكون هذه أول صورة ملونة على الإطلاق للملك عبد العزيز؟ وهل تضم هذه المجموعة الفوتوغرافية أول صور ملونة التقطت في المملكة العربية السعودية؟
هذه الأسئلة المثيرة تتردد أصداؤها في لندن، حيث افتتح معرض استثنائي يكشف عن كنوز بصرية نادرة توثق رحلة تاريخية قامت بها الأميرة أليس، حفيدة الملكة فيكتوريا، إلى المملكة عام 1938.
المعرض، الذي تنظمه مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالتعاون مع سفارة خادم الحرمين الشريفين بلندن ويستمر حتى 14 تشرين الثاني (نوفمبر) في الجمعية الجغرافية الملكية المرموقة، يقدم للجمهور مجموعة ثرية من الصور التي التقطتها الأميرة بنفسها خلال زيارتها الرائدة.
من هي الأميرة أليس وما أهمية رحلتها؟
تعتبر رحلة الأميرة أليس وزوجها إيرل أثلون في أواخر عام 1357 وبداية 1358 هـ (1938م) حدثاً تاريخياً بحد ذاته. فقد كانت الأميرة أليس أول فرد من أي عائلة مالكة بريطانية أو أوروبية يزور المملكة العربية السعودية رسمياً. وقد حظيت الزيارة باهتمام كبير من القيادة السعودية آنذاك، وتشرف الزوجان الملكيان بلقاء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، في لقاء أرست قواعده روابط تاريخية عميقة بين المملكتين.
كنوز بصرية نادرة: ماذا يكشف المعرض؟
يشتمل المعرض على صور فوتوغرافية نادرة باللونين الأبيض والأسود، لكن المفاجأة الأكبر تكمن في وجود بعض الصور التي يُعتقد أنها أول صور ملونة التقطت في السعودية على الإطلاق. بل إن إحدى هذه الصور، التي تجمع الملك عبد العزيز مع زوج الأميرة البريطانية ويظهر فيها أيضاً الأمير (الملك لاحقاً) فيصل والأمير (الملك لاحقاً) عبد الله بن عبد العزيز، قد تكون أول صورة ملونة معروفة للملك المؤسس.
رحلة الأميرة أليس: عبور الجزيرة العربية عام 1938
لم تكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل كانت رحلة استكشافية ملحمية استغرقت حوالي ثلاثة أسابيع، وثقتها الأميرة أليس بعدستها خطوة بخطوة. انطلقت القافلة الملكية من غرب المملكة وعبرت قلب الجزيرة العربية إلى شرقها. مروراً بالطائف، ثم بئر عشيرة والدوادمي، وصولاً إلى الرياض حيث أقاموا في قصر الضيافة الملكية بالبديعة وزاروا الدرعية التاريخية.
واصلت القافلة رحلتها نحو ساحل الخليج العربي، فتوقفت في الأحساء، ثم العقير، فالدمام. ومن هناك، أبحر الوفد إلى مملكة البحرين، قبل أن يستقلوا الطائرة عائدين إلى القاهرة ثم إلى وطنهم.
ولم تكتف الأميرة بالصور الفوتوغرافية، بل قامت أيضاً بتصوير فيلم سينمائي عن الرحلة، وكتبت مذكراتها على شكل رسائل مؤثرة وجهتها إلى ابنتها، مما يجعل توثيقها لهذه الزيارة شاملاً وفريداً.
المكتبة الحارسة للذاكرة
وتحتفظ مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالمجموعة الأصلية الكاملة لصور الأميرة أليس، والتي تضم 324 صورة فوتوغرافية نادرة. وتأتي استضافة هذا المعرض كجزء من دور المكتبة المحوري كحارسة للذاكرة الوطنية والإرث الثقافي. فهذه المؤسسة الثقافية والمعرفية الخيرية، التي أنشأها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عام 1988م في الرياض، تضع الإنسان وتنمية جوانبه الفكرية في صلب اهتمامها.
وتهدف المكتبة إلى توفير مصادر المعرفة وتنظيمها وتيسيرها للباحثين، وتوثيق تاريخ المملكة والملك المؤسس، ورصد التراث العربي والإسلامي وإحيائه. كما تلعب دوراً مجتمعياً بارزاً عبر إقامة الندوات والمعارض، ودعم البحث العلمي والنشر، وتنمية ثقافة الطفل والمرأة.
وتتبنى المكتبة مشاريع ثقافية مستدامة ضخمة، مثل "موسوعة المملكة العربية السعودية" التوثيقية، و"مركز دراسات الفروسية"، و"مركز الترميم" للحفاظ على التراث، و"مركز الفهرس العربي الموحد" لنشر الفكر العربي، و"المكتبة الرقمية العربية"، بالإضافة إلى "جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة"، مما يجعلها منارة معرفية رائدة في المنطقة.


