: آخر تحديث
اعترافاً بمسارها الفكري وقيمة إسهاماتها الشعرية وعمق أبعادها الإنسانية

الإيفوارية تانيلا بوني تفوز بجائزة "تشيكايا أوتامسي" للشعر الإفريقي

3
1
2

إيلاف من أصيلة: أعلنت مؤسسة منتدى أصيلة بالمغرب، مساء الاثنين، عن منح جائزة "تشيكايا أوتامسي" للشعر الإفريقي، في دورتها الثالثة عشرة (2025)، للشاعرة الإيفوارية الكبيرة تانيلا بوني، وذلك "اعترافاً بمسارها الفكري، وقيمة إسهاماتها الشعرية، وعمق أبعادها الإنسانية"، وهي القيم التي تمثل الركائز المميزة لهذه الجائزة في الشعر الإفريقي.
وسيجري تسليم الجائزة للشاعرة الفائزة  يوم الخميس 9 أكتوبر المقبل، خلال حفل رسمي كبير، يُنظّم في إطار موسم أصيلة الثقافي الدولي السادس والأربعين، الذي ينظم ما بين 26 سبتمبر الجاري و12 أكتوبر المقبل.

وترأس لجنة تحكيم الجائزة لهذه السنة، الشاعر السنغالي أمادو لامين صال، رئيس مسار البينالي الدولي للشعر في دكار، والحائز على جائزة تشيكايا أو تامسي للشعر الإفريقي في أصيلة (2018)، وضمت اللجنة في عضويتها الكاتب والصحفي الموريتاني بيبوس ديالو، والشاعر والأستاذ الجامعي المغربي نبيل منصر، وأستاذ الآداب العليا والمدير السابق للكتاب والقراءة السينغالي أبو مبو، والكاتب ورئيس المجموعة الإفريقية للبروز والتواصل، الإيفواري محمد ندا، ومديرة مسرح كريسطالبباريس، كاترين سافارت من فرنسا، وأمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، حاتم البطيوي.

وأوضح بيان للمؤسسة، تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منه، أن لجنة تحكيم الجائزة، اجتمعت أخيرا، في سياق فعاليات الدورة الخريفية لموسم أصيلة لهذه السنة، وقررت بالإجماع، بعد تلقي ترشيحات من مختلف الجنسيات واللغات، وخوض حوار نقدي معمق، وإجراء مداولات ومشاورات مستفيضة، منح الجائزة للشاعرة الإيفوارية.

سيرة تانيلا

ولدت تانيلا بوني في أبيدجان عام 1954، وتُعد من أبرز رموز الحركة النسوية في إفريقيا، وأحد أهم الأصوات الشعرية النسائية المعاصرة في القارة.

وتميزت كتاباتها بدمج الالتزام الاجتماعي والثقافي مع الجمالية الشعرية، حيث سلطت الضوء على قضايا الهوية والمرأة والمجتمع الإفريقي.

بَرزت موهبة تانيلا بوني الشعرية منذ مرحلة دراستها الإعدادية، وواصلت تطويرها رغم توجهها نحو مجالات الفلسفة والرواية والمقالة الأدبية. وتمكنت من ترسيخ مكانتها في المشهد الشعري الإفريقي من خلال إنتاج غني وذي عمق فكري، يتسم بأسلوب رصين يعكس قضايا الهوية والصراع بشكل موجز ورفيع، بعيدا عن المبالغة. هذا الأسلوب أكسبها احتراماً وشهرة واسعة في الأوساط الثقافية الفرنكوفونية والإفريقية. وقد حصلت على عدة جوائز أدبية مرموقة من بينها جائزة أحمدو كوروما (2005)، وجائزة أنطونيو فيكارو (2009)، وجائزة التميز في الآداب من رئاسة كوت ديفوار (2017)، وجائزة تيوفيل غوتييه من الأكاديمية الفرنسية (2018) وجائزة المهرجان الدولي للشعر الفرنكوفوني(2023).

ونشرت بوني عدداً كبيراً من المقالات في مجلات أدبية وأكاديمية مرموقة، وأطلقت منذ عام 2002 مبادرات متعددة لتشجيع الشعر في كوت ديفوار. كما شغلت منصب رئيسة اتحاد كتاب كوت ديفوار (1991-1997)، وكانت من المنظمين الأساسيين للمهرجان الدولي للشعر في أبيدجان. إلى جانب ذلك، تؤدي بوني دوراً فعالاً وقيادياً في عدد من المنظمات الثقافية والفكرية، وهي كذلك عضوة مشاركة بأكاديمية المملكة المغربية.

وتتناول كتابات تانيلا بوني ومجموعاتها الشعرية موضوعات متعددة تشكل فضاءً للتأمل والتعبير والتنديد والمقاومة، حيث يمنح شعرها صوتاً لمن لا صوت لهم.

أوتامسي وأصيلة

تجدر الإشارة إلى أنه في صيف عام 1988، أعلن الراحل محمد بن عيسى، الأمين العام السابق لمؤسسة منتدى أصيلة، عن إحداث جائزة تعنى بالشعر الإفريقي، تمنح كل ثلاث سنوات لأحد الشعراء الأفارقة المرموقين؛ أطلق عليها اسم "جائزة تشيكاياأوتامسي للشعر الإفريقي"، تكريماً لذكرى هذا الشاعر الكونغولي، الذي واظب على حضور مواسم أصيلة منذ عام 1981.

وعرف أوتامسي بحبه لأصيلة وتقديره لأهلها؛ وسبق له أن كتب عنها: "هي مدينة. الفن سيد مصيرها، وسيد شارعها. تولّد رغبة عارمة في أن تتحول الحياة إلى عيد يُحتفى به في كل وقت. ولجميع الأسباب. أصيلة أحبها حباً هو الهيام. أصيلة، لا أتوقف عن الرجوع إليها واستعادة مذاق السكينة والصبر. بلدة سرعان ما تعرف خفاياها مثل قلب تحبه، مع ذلك لا تتوقف عن التماس الدليل على أنك ما زلت محبوباً. والبرهان في ضوء جدرانها الكلسية البيضاء. الشمس تعطيها مذاق الحلوى. هنا تحس شهوة عارمة للحياة، تشتهي أن تكون قطة تطلب لطف الملامسة. جدران أصيلة نشيد هامس للأيدي التي شكلتها".

وسبق للشاعر العراقي الراحل بلند الحيدري، الذي عرف هو الآخر بعشقه لأصيلة، وإعجابه بتجربة وقيمة موسمها الثقافي الدولي، أن تحدث عن عشق الشاعر الكونغولي الراحل للمدينة المغربية، عبر قصيدة رائعة هزت وجدان كل من قرأها، أعطاها عنوان "وأصيلة إذ تحيا... أحيا"، قالها في رثاء أوتامسي، نقرأ في بعض مقاطعها: "تشيكايا - لا تمضِ - يا من أحببت بوهجك كل الأرض - لا تمضِ - فأصيلة قد كبرت... صارت أجمل من كل صبايا - الدنيا - وأصيلة إذ تحيا... نحيا - صارت تفهم سر الدمعة والضحكة في عينيك - وصارت تعرف مَن قطع كل أصابعي العشر - ومَن ألقى في النهر بعمري - ومَن داس رؤايا - صارت تكتب شعراً... ولمن ستغنّي - حفظت كل حكايات الإنس - وكل حكايات الجن - وصارت شيئاً منك وشيئاً مني - وصارت تعرف أن العم تشيكايا من بعض صباها - تؤمن أن تشيكايا لن ينساها - لكن تشيكايا - لوّح لي ولها ومضى في العتمة حتى أقصى - أمداها - هلمات تشيكايا؟! - (...) - لا لم أسأل - أتململ في الحرف لأحرج هذا الصمت - لأحرج هذا الموت - فأنا أعرف - وأصيلة تعرف... أنك ما متّ - وستأتي في هذا الصيف، وبألفَي طَيف - وستأتي في الصيف القادم... لا بد أن تأتي - وكما كنت كبيراً - وكما أنت... كبير... أكبر من كل الموت - هل مات تشيكايا؟! - لوّح لي بيديه وقال: سآتي - فأصيلة بيتي - وستبقى بيتي - وأصيلة إذ تحيا... أحيا - وستبقى أكبر من أن تبحث عني في رجل ميت".

فائزون بالجائزة

تعد تانيلا بوني ثاني شاعرة إيفوارية تتوج بهذه الجائزة، التي سبق أن فاز بها عدد من الشعراء المرموقين، وهم: إدوار مونيك(جزر موريس) عام 1989، وروني ديبيست (هايتي) عام 1991، ومازيني كونيني (جنوب إفريقيا) عام 1993، وأحمد عبد المعطي حجازي (مصر) عام 1996، وجون باتیست لوطار (الكونغو برازافيل) عام 1998، وفيرا دوارطي (الرأس الأخضر) عام 2001، وعبد الكريم الطبال (المغرب) عام 2004، ونيني أوسندا(نيجيريا) عام 2008، وفامة ديان سين (السنغال) مناصفة مع المهدي أخريف (المغرب) عام 2011، وجوزي غيبو (كوت ديفوار) عام 2014، وأمادو لامين صال (السنغال) عام 2018 وبول داكيو(الكاميرون) عام 2022.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات