: آخر تحديث

الأديب الكويتي الدكتور خليفة الوقيان يفضح مغالطات الدكتور عبدالرحمن الابراهيم

12
15
8

إيلاف من الكويت: الأديب الكويتي الدكتور خليفة الوقيان يفضح مغالطات أستاذ التاريخ الدكتور عبدالرحمن الابراهيم في قراءة نقدية حديثة ردا على مغالطات كتاب" لا يكتب التاريخ مرة واحدة".
قراءة نقدية :
لكتاب لا يُكتب التاريخ مرة واحدة للدكتور عبد الرحمن الابراهيم
بقلم : د. خليفه الوقيان

اطلعت على كتاب الأخ الكريم الدكتور عبد الرحمن الابراهيم لا يكتب التاريخ مرة واحدة، وهو يضم مقالات عدة . يقول في مقدمة الكتاب: (إن في هذا الكتاب مقالات متنوعة منشورة في العديد من المواقع المتخصصة والمجلات العلمية المختلفة في فترات تباعدت أزمنتها إلا ان موضوعاتها اجتمعت على مزيتين إحداهما : أنها كتبت بقلم ناقد فاحص ، لم يقف عند حدود مجرد النقل والوصف.
وثانيها: أنها قد تخللتها محاولات لإعادة قراءة التاريخ الكويتي والخليجي بشكل ومنهج مباين للمتاح من الأدبيات العربية). (1)

ويقول في نهاية المقدمة: (أسعد برأي القراء وملاحظاتهم ونقدهم، فالنقد البناء يثري العلم، ويوسع الآفاق، ويقوم الاعوجاج ... لذا أرجو ممن يجد خللاً أو لديه نقد أو تصحيح الا يتردد في التواصل عبر البريد الالكتروني). (2)

واستجابة لطلب د.الإبراهيم فسوف أبدي بعض الملاحظات المنهجية عن مقالته ذات العنوان (نسبة الأعيان إلى البلدان في التاريخ الخليجي بين المناهج والأيدلوجيا،العلماء المهاجرون من نجد نموذجاً) لأنه تعرض لوجهة نظري تجاه نسبة عثمان بن سند إلى الكويت أو إلى البصرة بصورة تقتضي الرد الموثق ، إذ انه يسعى لنفي نسبته إلى الكويت. كما تعرض لموضوع نسبة السيد عبد الجليل الطبطبائي إلى أكثر من بلد، وأشار إلى وجهة نظري في هذا الموضوع بصورة مشوهة ، و اقتباسات مبتورة مقتطعة من سياقها ، فضلا عن مخالفته ما ورد في عنوان مقالته (العلماء المهاجرون من نجد نموذجاً) حيث إن عثمان بن سند والسيد عبد الجليل الطبطبائي لم يكونا ممن هاجروا من نجد، وهناك أخطاء أخرى للباحث الكريم تقتضي الرد عليها و تفنيدها. وحيث اني لا أزال أفضل التعامل مع القلم والورق فسوف تكون ملاحظاتي في صورة رد منشور، متاح لكاتب المقالة ؛ مؤلف الكتاب ، وللقراء الذين اطلعوا على آرائه فأصبح من حقهم الاطلاع على ردود من أشار إليهم ، أو انتقد أعمالهم . وسوف يتضمن ردي، او ملاحظاتي إشارات إلى الأخطاء المنهجية التي وقع فيها الكاتب العراقي د.عماد عبد السلام رؤوف فيما كتبه عن سيرة عثمان بن سند، لأن د.الابراهيم اختاره لاعجابه بمنهجه كما يبدو، اذ قال: "هذا ولا يمكن تجاوز ما كتبه المؤرخون العراقيون في التاريخ الحديث في التراجم ، لصلة العراق جغرافيا وثقافياً بالجزيرة العربية، ولعلي اختار ما كتبه الدكتور عماد عبد السلام رؤوف في كتابة "التاريخ والمؤرخون العراقيون في العهد العثماني" .(3)


اعتراضات د.الابراهيم
سوف أعرض فيما يلي آراء د.الابراهيم بشأن ما ذكرته عن عثمان بن سند والسيد عبد الجليل الطبطبائي كاملة، غير مبتورة من سياقها، ثم أورد ردي عليها.
يقول د. الابراهيم: «فهل مولد عثمان بن سند في الكويت يجعله كويتياً حتى قبل أن تُسمى الكويت كويتاً» .(4)
ويقول: (كتب عثمان بن سند اسمه كالتالي على كتابه (سبائك العسجد): (عثمان بن سند البصري) ، وتجد هذا الاسم على جميع النسخ المنسوخة عن المخطوط، وحتى المحقق منها) .(5)

ويقول مكرراً مقولته بأن عثمان بن سند سمى نفسه بالبصري : (ولعل السبب هو محاولة إيجاد عمق ثقافي للدول المؤسسة حديثاً) لذا ما انتقد به الوقيان من وصف الطبطبائي "بالبصري" نجد عثمان بن سند يصف نفسه طوعاً بالبصري، كما جاء في كتابه (سبائك العسجد) المطبوع في الهند 1315 هجري). (6)
ويقول: (عوداً على صراع الكويتيين حول نسبة الطبطبائي إلى الكويت الحديثة نجد الوقيان يحاول إضعاف انتساب الطبطبائي إلى الكويت من خلال بعض الشواهد التي لا تدل على ان علاقته بالكويت كانت علاقة كبيرة ، مثل ما ذكره في كتابه «القضية العربية». يقول الشاعر مشيراً إلى تعلقه بالزبارة:

هواي زباري ولست بكاتم ،،،، هواي ولا مصغٍ للاحٍ وعاتب (7)
ويحاول في موضع آخر من الكتاب ان يكمل نقده فيقول : تشير معظم المصادر العراقية إلى ان اسم الشاعر هو عبد الجليل البصري، نسبة إلى مدينة البصرة التي ولد فيها.. أما في كتابه "الثقافة في الكويت، فيقول: ان عثمان بن سند كان موضع خلاف بين الباحثين من حيث نسبته إلى الكويت أو العراق. وكان الطبطبائي محل خلاف بين الباحثين كذلك في نسبته إلى العراق وقطر والبحرين والكويت. وهذا الأمر مألوف بسبب عدم وجود قيود على التنقل. (8)
ويقول د.الابراهيم . وقد حاول أحد أحفاد عبد الجليل الطبطبائي، محمد الطبطبائي في تحقيق ديوان "روض الخل والخليل" أثبات وجود وأثر جده في الكويت من خلال نسبة مسجد في الكويت لجده عبد الجليل الطبطبائي على الرغم من ان الذي بني المسجد ينتسب إلى أسرة مختلفة هي العبدالجليل. ولم يتوقف الأمر عند هذه النقطة كما يذكر الوقيان في كتاب "القضية العربية" بل عجز محمد الطبطبائي عن إيجاد بيت واحد لجده (في مدح الكويت فلم يستطع). (9)


الرد على اعتراضات د.الإبراهيم
الشيخ عثمان بن سند والسيد عبد الجليل الطبطبائي

سوف ابدأ بالاعتذار من القارئ بسبب اضطراري إلى الاستشهاد بنصوص طويلة مما قاله د.الإبراهيم حتى أمكنة من بسط آرائه وانتقاداته كاملة غير منقوصة، أو مبتورة من سياقتها، كما فعل في عرض ما قلته. ثم أقوم بالرد عليه قال د.الابراهيم: "فهل مولد عثمان بن سند في الكويت يجعله كويتياً حتى قبل أن تسمى الكويت كويتا". (10)
واقول: لماذا لا يكون مولد عثمان بن سند في الكويت، و وجوده فيها نحو اربعة عقود من عمره البالغ نحو ستة عقود، وتأليفه كتابا عن أحد وجهائها أحمد بن رزق، وذكره اميرها الشيخ عبد الله بن صباح الاول وتجوله معه في خور عبد الله، وترجمته لبعض الشخصيات الكويتية في كتاب سبائك العسجد، واهتمام علماء الكويت بمؤلفاته مسوغاً لنسبته إلى الكويت، مثلما نسبه البصريون إلى البصرة، والنجديون إلى نجد والزبيريون الى الزبير، والاحسائيون إلى الأحساء؟
اما قول د.الابراهيم قبل ان تسمى الكويت كويتاً فهل يعقل ألا يعرف الباحث، وهو المتخصص في التاريخ ان الكويت عرفت باسمها قبل ان يولد عثمان بن سند ؛ إذ ذكرها بهذا الاسم الرحالة السوري مرتضى بن علوان ، حين مرً بها في العام 1709م، ومن المؤكد أنها عرفت بهذا الاسم قبل مرور مرتضى بن علوان بها.
وثمة مصادر عديدة تشير إلى أن الكويت تأسست في العام (1613) .(11) أما قوله ان السبب - أي سبب عدي عثمان بن سند كويتياً ، وعدَ الاستاذ خالد سعود الزيد السيد عبد الجليل الطبطبائي كويتياً هو محاولة إيجاد عمق ثقافي للدول المؤسسة حديثاً فالرد عليه لو اننا أردنا إيجاد عمق ثقافي لبلدنا لفعلنا مثلما يفعل كثير من اخوتنا العرب، الذين ينسبون آثار الحضارات القديمة إلى دولهم التي نشأت ، واكتسبت اسماءها الحالية في القرن العشرين.
كان بامكاننا ان نتحدث عن آثار حضارة العُبيد، ودلمون والاغريق وغيرها ، المنتشرة في مواقع عديدة من بلادنا، جزيرة فيلكا ، جزيرة عكاز ، الصبية، كاظمة ... الخ " ولكننا لم نفعل ذلك ،وكنت قلت في كتاب الثقافة في الكويت : أما حضارة الانسان منذ العصر البرونزي، وآثار حضارة دلمون وغيرها القائمة في أرض الكويت فلن ننسبها إلى تاريخنا الثقافي الحديث. ونمد من خلالها عمر ثقافتنا الآف السنين، كما فعل كثير من الباحثين في أقطار عربية أخرى ، ذلك ان تلك الآثار تعود الي امم خلت ، منها من نمت إليها بنسب، مثل صناع حضارة دلمون ، وإن كنا لا نمثل الامتداد الثقافي لهم ، بسبب وجود فجوات تاريخية طويلة بيننا وبينهم، ومنها ما ينسب إلى أمم أخرى كالاغريق، الذين مروا ببلادنا، أو أقاموا فيها حيناً من الزمن في حقب سالفة، ومن بينهم من ((اندمجوا مع السكان الاصليين في جزيرة فيلكا، وتعربوا في رأي بعض كبار المؤرخين)) .(12) غير اننا لا نريد ان نعتسف الحقائق، ونستسلم لمغريات مدِّ تاريخنا الثقافي الآف السنين ونحن نؤرخ للثقافة في كيان حديث نشأ في القرن السابع عشر. (13)
يضاف إلى ذلك انني لم استعر علماً مهماً في مجال الشعر، هو السيد عبد الجليل الطبطبائي، وأضيفه إلى تاريخ الحركة الشعرية في الكويت، على الرغم من وجود باحثين کويتيين لهم كل الاحترام - عدوه شاعراً كويتيا، وكنت أرى خلاف ذلك، فإقامته في الزبارة والبحرين امتدت نحو اربعة عقود، كان خلالها في ظل آل خليفة، وكان له دور ثقافي وسياسي مهم في البحرين، وصل الى حدا انه وقع نيابة عن الشيخ سلمان بن احمد. والشيخ عبد الله بن احمد شيخي البحرين معاهدة الصلح المشترك بين بريطانيا وامارات الخليج العربي اما الكويت فلم يقم فيها سوى السنوات العشر الأخيرة من عمره.
ويقول د.الابراهيم " لذا ما انتقد به الوقيان من وصف الطبطبائي بالبصري نجد عثمان بن سند يصف نفسه طوعاً بالبصري ، كما جاء في كتابه سبائك العسجد ) . لم أفهم المقصود بكلمه (انتقد) غير المشكوله فهل هي (أنتِقد) او (انتَقَد) ، وفي كل الأحوال لم أصف الطبطبائي بالبصري واسمه يرد لدي هكذا ( السيد عبد الجليل الطبطبائي ) وليس البصري، ثم اني رجحت انتسابه للبحرين للأسباب التي أشرت إليها. ولست أدري كيف يسمح الباحث لنفسه بتحريف النصوص وتأويلها بعيداً عن مقاصدها .

كان لا بد ان اقوم بتحقيق اسم السيد عبد الجليل ما دمت أترجم له . كما فعلت مع عثمان بن سند وقد احصيت الأسماء التي ذكرتها المصادر ولم اكتف بالاطلاع على غلاف كتاب له ، قلت :
(تشير معظم المصادر العراقية التي اطلعت عليها إلى أن اسم الشاعر هو السيد عبد الجليل البصري .. ويتفق معها في التسمية صاحب فهرس الاعلام ، وصاحب أعيان القرن الثامن عشر.

ولربما أشير إليه أحياناً باسم السيد عبد الجليل، كما جاء في تاريخ الكويت، وصفحات من تاريخ الكويت ومن هنا بدأت الكويت وكذلك ديوانه طبعة بومباي، وطبعة البحرين وطبعة دمشق . وقد يشار اليه باسم عبد الجليل الرفاعي وعبد الجليل بن السيد ياسين الشافعي ، اما اسمه الكامل فهو : السيد عبد الجليل السيد ياسين بن ابراهيم بن طه بن خليل بن صفي الدين الطباطبائي الحسني .(15)

وقد ترك د.الابراهيم كل هذا التحقيق العلمي للأسماء العديدة التي سمي بها السيد عبد الجليل وتعلق بالبصري، الاسم الذي ذكرته مصادر عراقية ، ولم اعتمده فيما كتبت عنه . على الرغم من ان الانتساب للبصرة ليس سبّة . فهي بلد العلم والعلماء.

أما الشق الثاني من الجملة ، وهو (نجد عثمان بن سند يصف نفسه طوعاً بالبصري )... فردي عليه هو ان د.الابراهيم يكتفي -كما يبدو- بالاطلاع على أغلفة مؤلفات عثمان بن سند ، ولا يدخل إلى متنها ، ويتعرف على الاسم الذي يعرف به المؤلف نفسه ، ويذكر اسمه ، وقد حققت أشهر الأسماء التي أطلقت عليه ، وهي : الوائلي والفيلكاوي، والفيلكي ، و البصري والنجدي .. وقلت ولعل التسمية الصحيحة له ، هي التي يختارها هو، ويذكرها في مؤلفاته، وهي (عثمان بن سند)، فحسب . وهذا الاسم هو الذي يتكرر في خطب مؤلفاته أو في ختامها. (16)

يقول في نهايه كتابه، سبائك العسجد " : " يقول موشي بروده، وناظم قلائده و عقوده ... الملتجي إلى كرم الصمد "عثمان بن سند" وفقه الله في القول والعمل ويقول في ختام كتابة أصفى الموارد من سلسال أحوال الإمام خالد " تم كتابة وتبيضاً من يدأ فقر الورى "عثمان بن سند" لاربع خلون من جمادى الآخرة من شهور سنة 1234 هجرية )
ويقول في كتابه " الدرة الثمينة في مذهب عالم المدينة - ( نظم العشماوية ) : وبعد ، فالمشهور بابنِ سند عثمان ) ذو الذنب الذي لم يعدد .. ويقول في كتابه : " نظم العمروسى الموسوم بأوضح المسالك على مذهب الإمام مالك " وبعد، فالمعني بابنِ سند عثمان، عوفي من عيون الحسد ....

كما ان ناسخ الكتاب التزم بالاسم الذي اختاره المؤلف لنفسه ، إذ قال :
هذا كتاب نظم العمروسي الموسوم بأوضح المسالك على مذهب الإمام مالك للامام العالم العلامة الحبر البحر الفهامة الأديب الأريب الضارب مع الأقدمين بأوفر نصيب من جد في طاعة الله واجتهد الشيخ (عثمان بن سند ) سقى الله ... ومن المحققين لبعض كتب ابن سند من ذكره باسم (عثمان بن سند الوائلي الفيلكاوي ) مثل الاستاذ عبد الرحمن راشد الحقان . الذي حقق كتابه ( الدرة الثمينة في مذهب عالم المدينة، وثمة من أعاد نشر كتابه (سبائك العسجد في أخبار احمد نجل رزق الأسعد ) مع الالتزام بالاسم الذي اختاه المؤلف لنفسه ، وهو( عثمان بن سند )، ومنهم الأستاذ عادل محمد الزنكي .. وفيما يلي صور لما توافر لدي من مؤلفات عثمان بن سند، وفي مقدمتها كتابه (سبائك العسجد) ، الذي استشهد به د.الابراهيم غير مرة، إذ يتبين أنه لم يسم نفسه في ذلك الكتاب البصري .. وكذلك الحال فيما يتعلق ببقية مؤلفاته مثل : أصفي الموارد والدرة الثمينة ، وأوضح المسالك ..... أما الأسماء التي يضعها النساخ أو الناشرون للكتب فلا تعد بديلا للاسم الذي اختاره المؤلف لنفسه . وثمة محققون التزموا بالاسم الذي اختاره المؤلف ..



 



(1) كتاب : سبائك العسجد
في أخبار احمد نجل رزق الأسعد



(2) كتاب : الدرة الثمينة
نظم العشماوية




(3) كتاب : أصفي الموارد




4) كتاب: نظم العمروسي
أوضح المسالك علي مذهب الامام مالك



(5) كتاب : الدرة الثمينة في مذهب عالم المدينة
نظم العشماوية






وحتي في حال افتراض تسمية نفسه بـ (البصري) فهذا الأمر لا يغير من حق الباحثين الكويتيين في نسبته للكويت للمسوغات التي يذكرونها ، ولا يقتضي الأمر نفي نسبته إلى الكويت لمجرد وجود صفة أو لقب البصري في نهاية اسمه لدى بعض ناشري كتبه، فهناك أسر كويتية كريمة تحمل أسماء مدن غير كويتية ، مثل : الحساوي والبغدادي والبهبهاني والنجدي والمصري، فهل نقول عنهم انهم اختاروا طوعاً تلك الأسماء فهم غير كويتين قياساً على ما ذكره د.الابراهيم عن عثمان بن سند ؟ و يقول د.الابراهيم بعد ذكر نسبة محمد الطبطبائي مسجد العبد الجليل لجده ، ولم يتوقف الأمر عند هذه النقطة كما يذكر الوقيان في كتابة " القضية العربية بل عجز محمد الطبطبائي عن إيجاد بيت واحد لجده في مدح الكويت " .

لم أقل في مدح الكويت ، بل قلت عن الكويت والأمانة العلمية تقتضي من الباحث الالتزام بالنص المقتبس، الذي يشير إلى مصدره . وهذا القول جاء ضمن مقالة من حلقتين نشرتها في جريدة القبس الكويتية بتاريخ 1و2012/4/2م وهي تتضمن نقداً لتحقيق د. محمد الطبطبائي لديوان ، (روض الخل والخليل )، للسيد عبد الجليل ، ثم استشهدت بها في كتاب (القضية العربية في الشعر الكويتى) كنت أرى عدم وجود ضرورة لتغيير الحقائق والتواريخ لا ثبات حب السيد عبد الجليل للكويت ، فلو لم يكن يحبها لما اختارها وطنا له، ولأسرته الكريمة بعد اضطراره الخروج من البحرين في العام 1842م - كما يقول بسبب الاحداث التي اشار إليها في ديوانه .

وسوف اذكر فيما يلي الجملة التي اقتطع د.الابراهيم جزءاً منها ، ووظفها لغير الغرض الذي جاءت من اجله . قلت في نقد تحقيق الديوان :
(حاول أحد أحفاده ، وهو د. محمد عبد الرزاق الطبطبائي أن يجد له بيتاً واحداً عن الكويت فلم يستطع ، فاستعار أبياتاً من قصيدة للشريف الرضي، ورد فيها اسم "كاظمة"، كان السيد عبد الجليل قد قام بتشطيرها فنسبها لجدة ، وفاته ان البيت الذي ذكرت فيه كاظمة من نظم الشاعر العباسي الشريف الرضي .

يقول د. محمد الطبطبائي في المقدمة التي كتبها لديوان . "روض الخل والخليل " للسيد عبد الجليل لقد وردت الكويت، وحنينه لها ، والتي لا يهنا إلا بها ، حيث قال عندما كان على شاطئ الفرات :


وهل أبيت وداري عند "كاظمة" ،،،، قرير عين بعين بين أزهار
لم أنس جيرتنا ومترع المنحنى (كذا) ،،،، داري و سمّار ذاك الحي سمّاري
تضوع ارواح نجد في ثيابهم ،،،، فهاج شوقي لمغنى فيه أوطاري (17)


وهذا القول لا يقصد به الانتقاص من قدر الشاعر السيد عبد الجليل ، بل القصد هو نقد تحقيق د.محمد للديوان، وبيان الأخطاء التي شابت تحقيقه و يعود د.الابراهيم مرة أخرى إلى الاقتباسات المبتورة من سياقها بالصورة التي تتفق مع قناعاته المسبقة ، أو بسبب التوجيه الايديولوجي الذي انتقده. يقول : " نجد أن الوقيان يحاول اضعاف انتساب الطبطبائي إلى الكويت من خلال ذكر بعض الشواهد التي لا تدل على ان علاقته بالكويت كانت علاقة كبيرة ، مثل ما ذكره في كتاب القضية العربية، يقول الشاعر مشيراً إلى تعلقه بالزبارة :

هواي زباري ولست بكاتم ،،،، هواي ، ولا مصغ للاح وعاتب (18)

وأقول في الرد على هذا الزعم : ورد هذا البيت من الشعر خلال توثيق سيرته منذ الولادة حتى الوفاة.

وسوف أبين فيما يلي السياق الذي جاء فيه هذا البيت قلت : وإذا ما اتجهنا إلى قطر فسوف نرى القطريين ينظرون إليه بصفته واحداً من شعرائهم. إذ جاء في مقدمة ديوانه (هذا ديوان السيد عبد الجليل الطبطبائي القطري الموطن ، وصاحب الديوان من شعراء البادية. ولد في قرية الزبارة، وعاش فيها روحاً من الزمن ، وتزوج فيها ، ثم تعرضت الزبارة لاعتداء عن طريق البحر فرحل فيمن رحلوا وسكن العراق الجنوبي فترة من الزمن ، فتغنى بالشعر في ذكر أحبابه حيث يقول :

ففارقت طيب العيش بعد فراقها ،،،، ولا ساغ لي يوماً لذيذ المشارب

وذكر محب الدين الخطيب خلال عرضه لسيرة حياته انه و عندما كان في السابعة والعشرين من عمره كان متوطنا الزبارة ... واتفق ان تغيب عنها في الشمال لتعهد مصالح له ، وترك في بيته بقطر أهله وولده فوقع عليهم الحصار من سلطان بن سعيد امام عمان، ويقول الشاعر مشيراً إلى تعلقه بالزبارة :

هواي زباري ولست بكاتم ،،،، هواي ولا مصنع للاح وعاتب

ويتبين من هذا الاقتباس ان الذي استشهد بهذا البيت هو محب الدين الخطيب في سياق ترجمته لحياته ، وكان لا بد من عرض وجهة نظره ضمن ما ذكرته المصادر عن سيرة السيد عبد الجليل ، و يتبين من هذا التوضيح مدى تعسف الباحث في تحريف الكلم عن مواضعه ، ولي أعناق النصوص حتى تتفق مع رؤية مسبقة لديه للانتقاص من جهود الآخرين.


التقليل من شأن الكويت ثقافياً

لا أدري لماذا يصر د.الابراهيم على التقليل من شأن الكويت في مجال الثقافة والعلم . يقول : ( عُرف عن الكويت منذ تأسيسها كثرة الأميين فيها. ولعل الدليل على ذلك أن أول مدرسة نظامية تأسست في الكويت كانت المباركية في عام1911م ).(19)

إن عدم وجود مدارس تسمى نظامية في القرون الأولى لتأسيس الكويت لا يعني عدم وجود التعليم ، وشيوع الأميه . بماذا يفسر الباحث وجود العدد الكبير من علماء الدين والقضاة والشعراء والكتاب والمؤرخين، وربابنة السفن العابرة للمحيطات ، المحيطين بعلوم البحار والفلك ، والتجار الذين انشأوا المكاتب التجارية في آسيا وأوروبا، والمثقفون الذين انشأوا مؤسسات المجتمع المدني الثقافية والاجتماعية مثل : الجمعية الخيرية العربية ومكتبتها 1913م والمكتبة الأهلية1922م ، والنوادي الأدبية في الكويت 1924م ، وفي الهند وعدن في الوقت ذاته ، وذوى الوعي السياسي المبكر، الذين طالبوا بإنشاء مجلس الشورى في العام 1921م ، والذين كان لهم حضور في الحركة العربية السيرية في العام 1935م.

كل هؤلاء وأولئك تعلموا ، وأقاموا علاقات ثقافية واقتصادية وسياسية مع الآخر. وبنوا وطناً احتل مكانة مميزة في المنطقة ، أشاد بها الرحالة والزوار الاجانب . حدث ذلك قبل ان ينشأ ما سمي التعليم النظامي، وقبل دخول القرن العشرين، فلماذا نشيع ثقافة عدم الثقة بالنفس، ونستسلم لثقافة الاستعلاء التي يشيعها بعضهم عن دول الخليج والجزيرة العربية .

ومن جهة أخرى فإن قول الباحث الكريم "عُرف عن الكويت منذ تأسيسها كثرة الاميين " رأي غير علمي، فما معنى ذلك الفعل المبني للمجهول "عُرف " وإلى متى يستمر هذا التوصيف للكويت، أي منذ تأسيسها إلى متى؟ فإن لم يحدد الزمن فالجملة تعنى أن الحالة مستمرة حتى الآن .


وحتى في حال شكوى بعض الأدباء من شيوع الجهل ، فالشكوى ينبغي ان تقرأ في حدود أدبيات مرحلة الصراع الفكري الذي شهدته الكويت في مطلع القرن العشرين بين تيار الغلو الديني الذي مثله الشيخ عبد العزيز العلجي والشيخ احمد الفارسي وأنصارهما من جهة ، والتيار الاصلاحي، الذي مثله الشيخ عبد العزيز الرشيد والشيخ يوسف بن عيسى والشاعر صقر الشبيب وغيرهم ثم تيار التنوير الذي مثله عيسى القطامي وعبد اللطيف النصف وخالد الفرج وسيد مساعد الرفاعي واحمد خالد المشاري وحجي جاسم الحجي، وسليمان وخالد العدساني و أحمد بشر الرومي وغيرهم من جهة أخرى .

فالشكوى من الجهل يُقصد بها الجهل في فهم منطق العصر لدى المتأثرين بتيار الغلو الديني، ولا يقصد بها الاصلاحيون والتنويرون ان المجتمع أمي، كما فهمها د.الابراهيم.

واحسب ان وصف الشيخ يوسف بن عيسى بأنه أحد العلماء التنويريين غير دقيق، فهو والشيخ عبد العزيز الرشيد من العلماء الاصلاحيين .


بين د.الابراهيم ود.عماد رؤوف .(20)

وصف د. الابراهيم مقالاته بأن موضوعاتها اجتمعت على ميزتين احداهما : أنها كتبت بقلم ناقد فاحص وثانيهما انها قد تخللتها محاولات لإعادة قراءة التاريخ الكويتي والخليجي بشكل ومنهج مباين للمتاح من الأدبيات العربية.


ولأن الباحث ناقد فاحص فقد توقعنا منه أن يتصدى للمغالطات والأخطاء التي شابت ما كتبه د.عماد عبدالسلام رؤوف عن سيرة عثمان بن سند، وعن فيلكا بدلا من الاعجاب بمنهجه في كتابه (التاريخ والمؤرخون العراقيون في العهد العثماني ) و توجيه الانتقاد إلى من تصدى لمغالطاته، فضلا عن انتقاده المؤرخين الكويتيين الرواد ، الذين قدموا لنا مادة ثرية نفيسة قبل افتتاح الجامعة ، ثم انهم لفرط تواضعهم اختاروا لمؤلفاتهم مسميات دالة على محتواها ، وأنها لا تستغرق التاريخ كله ، فالاستاذ سيف الشملان سمّى كتابه "من تاريخ الكويت" . كما سمى برنامجه التاريخي التوثيقي المهم في التلفزيون " صفحات من تاريخ الكويت "، أما الشيخ يوسف بن عيسى فكان اسم كتابه "صفحات من تاريخ الكويت" ، وقال في مقدمته "هذه نبذة يسيرة من تاريخ الكويت، ألفتها لأبناء المدارس" أما الأستاذ راشد الفرحان فقد سمى كتابه "مختصر تاريخ الكويت " وأعده وهو طالب. وكان هدفه وضع بديل للكتب الرخيصة التي كان ينشرها بعض الاعلاميين الذين يزورون الكويت .

أما الشيخ عبد العزيز الرشيد فكتابة "تاريخ الكويت" لا يزال عمدة في بابه، وليس بإمكان أي مشتغل في التاريخ أن يتجاوزه أو يستغني عن العودة إليه . كما قدم الأستاذ عبد الله الحاتم مادة قيمة جليلة النفع في : توثيقه للبدايات في كتابه " من هنا بدأت الكويت ".

أما الأخطاء التي شابت ترجمة د. عماد رؤوف لسيرة عثمان بن سند فسوف أشير فيما يلي إلى أمثلة منها :

يقول في مقدمة تحقيقه لكتاب عثمان بن سند "مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود" : ولا نملك معلومات ما يوضح"(كذا) زمن هجرته فيلكا، وما كان عليه من العمر يوم فعل ذلك. و من المحتمل أن تكون هجرته هذه ضمن نزوح جماعي قامت به بعض فروع قبيلته إلى البر المقابل، أعني بلاد الأحساء إبان ذلك العهد، واستمر في العهود التالية .(21)

وهذا القول المرسل لا يستند إلى مصادر معلومة، فهو يقر بأنه لا يملك معلومات توضح زمن هجرة ابن سند من فيلكا ، تم يتوقع ان تكون الهجرة ضمن نزوح جماعي قامت به فروع من قبيلته دون ان يبين سبب هذا النزوح الجماعي المفترض ، الذي لم يقل به أحد من قبل، وقوله هذا يوحى بأن موطن قبيلة عنزه هو جزيرة فيلكا، وان حضورها في الجزيرة كبير بدليل أن فروعاً منها غادرتها إلى البر المقابل ، ولعله لا يعلم ان فروعاً من أسرة "السند" لم تغادر جزيرة فيلكا إلا حين قام النظام العراقي بغزو الكويت في العام 1990م .


والمحقق د.عماد يعد الأحساء البر المقابل لجزيرة فيلكا، التي يقول هو عنها إنها تفصلها عن اليابسة خمسة عشر ميلا، على حين تبعد الأحساء عنها مئات الكيلومترات. ويبدو أنه لا يريد أن يذكر بأن البر المقابل الجزيرة فيلكا هو مدينة الكويت ..
أما قوله "ابان ذلك العهد والعهود التالية" فلم يبين العهد أو العهود التي يقصدها .

أما جزيرة فيلكا التي انجبت العالم الكبير عثمان بن سند، و من سبقوه ، ومن جاؤوا بعده من العلماء والربابنة والفنانين فيقول عنها ، ولم تكن فيلكا قد أنجبت حتى ذلك الحين إلا زراعاً وصيادين غاصة ( كذا ) يزرعون بهدوء بساتين جزيرتهم، ويصطادون السمك واللؤلؤ من حولها ، لا يكادون يسمعون من أخبار العالم إلا لماما وهم الذين تفصلهم عن اليابسة خمسة عشر ميلاً ، لا تقطعها السفن ، وجلها سفن صيد إلا لسبب يتعلق ببيع يتحصل لدى غاصتها من لؤلؤ ، وعند صياديها من سمك. (22)

هل يعقل ان تأتي هذه المعلومات المرسلة المغلوطة، والاسلوب الانشائي، المعتمد على الخيال من باحث أكاديمي ، وكأنه يتكلم عن" جزر الواق واق" أخطاء فادحة في التاريخ والجغرافيا ومعرفة مغاصات اللؤلؤ ، البعيدة عن جزيرة فيلكا ، وكيفية بيع اللؤلؤ.


وجزيرة فيلكا التي يستهين بها د. عماد ، أو يجهل تاريخها أنجبت قبل مولد عثمان بن سند بنحو قرن من الزمن علماء عرفنا منهم الشيخ مسيعيد بن أحمد بن مساعد بن سالم الذي نسخ الموطأ للإمام مالك في العام 1094 و 1682م، ومهمة النساخ في القرن السابع عشر لا يستهان بها. وقد بين المحقق الشيخ محمد بن ناصر العجمي ما قام به الشيخ مسيعيد ، يقول : " وقد نسخت بخط أنيق مشكول ، اعتنى بها ناسخها .. وقد جعل نص الكتاب في إطار بالخط الأحمر، كما انه حلاة ببعض الحواشي .. وألحق به ما فاته من بعض الكلمات أو السطور، وذكر في أول المخطوطة، وقبل العنوان بعض الفوائد والفضائل حول الموطأ ، ثم ذكر انه برواية يحى بن يحيى الليثي عن مالك .. وأشار إلى ما اشتمل عليه الموطأ من الكتب ابتداء بالصلاة ) (23)

و ما قام به الشيخ مسيعيد لم يكن نسخاً للمخطوطة فحسب بل هو تحقيق لها أيضاً ، مما يدل على وجود بيئة علمية في فيلكا مكنته من الوصول إلى درجة عالية من الاتقان في عمله العلمي . وإذا كان د. عماد ، وربما د. الابراهيم أيضاً يستغربان وجود بيئة ثقافية في الكويت يمكن ان تنجب عثمان بن سند، و من هم في مستوى علمه ، فماذا يمكن ان يقولا عن وجود الشيخ مسيعيد ومجايليه في فيلكا قبل مولد عثمان بن سند بنحو قرن من الزمن ، ثم وجود من جاؤوا بعده ممن وصلتنا بعض المخطوطات التي قاموا بنسخها، مثل الشيخ عبد الله بن على بن سعيد بن بحر، الذي نسخ الرسالة الفقهية لأبي زيد محمد بن عبد الله بن ابي زيد القيرواني في العام 1138هـ / 1726 م ، وكذلك نسخ كتاب الأربعين لمحي الدين يحيى النووي في العام 1156هـ / 1743 م ، أي قبل أن يولد عثمان بن سند .
ولا يتسع المجال لذكر مزيد من النساخ والمؤلفين الاوائل مما يدل على وجود بنية ثقافية أسهمت في تكوين عثمان بن سند وغيره


ويفتقر د.عماد إلى الدقة في الإحالة إلى المصادر، ومن الشواهد ما يتعلق بموضوع استقرار عثمان بن سند في البصرة ، يقول :"استقربه المقام في البصرة، وذلك في حدود عام 1204هـ / 1789م) ويحيل إلى مصدره في ذلك القول، وهو كتاب " أصفى الموارد من سلسال احوال الإمام خالد لعثمان بن سند.(24) ولدى العودة إلى ذلك المصدر نجد ابن سند يتحدث عن استاذه البيتوشي، الذي التقى به في الاحساء أو هجر البحرين، إذ يقول عنه، وعن سماعه منه ، ومشاركته إياه في شرح الشافية في الصرف وسمعت شرح سقط الزند عام الف ومائتين واربع من الهجرة .(25)

فالذي يشير إلى حدوثه في العام 1204ه هو سماعه لـ "سقط الزند " من االبيتوشي في الأحساء ، وليس نزوله هو البصرة، بمعنى الاستقرار فيها ، أما سفره إلى البصرة وغيرها من المدن في ذلك العام للالتقاء بالعلماء فهو أمر ممكن الحدوث، ويتفق مع طبيعته في التنقل بين الأمصار. و يشير د.عماد إلى ان ابن سند كان يدرس عدة اعوام في الجامع. الكوازي والمدرسة المحمودية ، ثم يجمع سنة 1217 هـ / 1794م بين المحمودية والمدرسة الخليلية .(26)

وفيما يتعلق بجمعه بين المحمودية والخليلية في العام 1217هـ / 1794م ، فهذا الرأي غير صحيح، فتاريخ جمعه بين المدرستين كما ذكر محمد بهجة الأثري هو العام – 1227هـ / 1812 ، ثم ان العام 1217 للهجره يعادل العام 1802/1803م ، وليس العام 1794م كما ذكر المحقق د.عماد . (27)
وهكذا يتبين ان المحقق د.عماد غير دقيق في نقل ما تذكره المصادر التي يحيل اليها. ويبدو أن التاريخ الأرجع لنزول عثمان بن سند البصرة ، بمعنى الاستقرار فيها هو العام 1220هـ/ 1805/1806م. حسب رواية نعمان الآلوسي ومحمد بهجة الأثري .(28)
ويروي الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السند عن أخيه محمد ان قريبهما عثمان ولد في جزيرة فيلكا، ونشأ في الكويت، وقرأ على الشيخ عبد الله الشارخ .. وسافر من الكويت إلى البصره سنة 1217 هـ / 1802/ 1803 م .(29)

ويقول د.عماد عن تاريخ استقرار ابن سند في بغداد بيدأن أمراً جدَّ بعد سنة 1233هـ / 1816م اضطره إلى مغادرة البصرة نهائياً، تاركاً أهله ليستقر في بغداد حتى آخر حياته" (30) ثم يقول في موضع آخر من الكتاب نفسه ( مطابع السعود) : « و صلت إليه رسالة من داود باشا يطلب منه القدوم إلى بغداد ، فامتثل للأمر، ودخلها في 12 ذي الحجة 1241هـ/1825م (31) فأي التاريخين نعتمد لاستقراره في بغداد ؟
و يقول د. عماد : « وكان من حسن طالع الجزيرة أن يولد في يوم من أيام سنه 1180 هـ/ 1766م طفل دعي « عثمان». وكان أبوه ويدعى سند من رجال قبيلة عنزة العدنانية التي تقيم في فيا في نجد وسواحلها ثم يحيل الى ما قاله الشيخان محمد وعبد الله آل سند بقوله : أورد الشيخان ... نسب عثمان بن سند على النحو الآتي، عثمان بن محمد بن احمد بن راشد (32)


والحقيقة ان الشيخ عبد الله السند نقل عن أخيه محمد ان الاسم هو ( عثمان بن سند ) وليس عثمان بن محمد إذ قال : « وكان سند بن محمد له ابن اسمه عثمان ولد في جزيرة فيلكا . ونشأ في الكويت، وقرأعلى الشيخ عبد الله الشارخ ، وسافر من الكويت إلى البصرة سنة 1217 هـ .(33)

وقد نقل المحقق د. عماد الخطأ في الاسم عن مصدرين وسيطين كما قال هما :

علماء نجد خلال ثمانية قرون، وإمارة الزبيربين هجرتين، إذ انهما نقلا رواية الشيخ عبد الله السند بصورة مغلوطة، ولم ينتبها إلى قوله: كان سند بن محمد له ابن اسمه عثمان .. فظنا ان محمداً والد لعثمان. وهو في الحقيقة والد لـ (سند)، وكان على المحقق ان يعود إلى المصدر الاصيل کتاب عبد الله عبد الرحمن السند " من مائدة النبوة "بدلا من الاعتماد على المصادر الوسيطة التي نقلت عنه .

ولدى ذكر مؤلفات عثمان بن سند قال د.عماد عن "الدرة الثمينة والواضحة المبينة في مذهب عالم المدينة" ، وهي منظومة في فقه الإمام مالك، ذكر الشيخ محمد بهجة الاثري ان منها نسخة في خزانة كتب العلامة نعمان الآلوسي . ولم نقف عليها في الفهرس .. كما لا وجود لها في مكتبة الأوقاف ببغداد . (34)


والحقيقة ان " الدرة الثمينة " هي " نظم العشماوية" ، التي نسخها راشد بن عبد اللطيف بن عيسى بن احمد، الذي يبدو انه من سكان جزيرة فيلكا ، وقد آلت هذه المخطوطة إلى الملا عبد القادر السرحان مختار جزيرة فيلكا واحد فقائها وقام الاستاذ عبد الرحمن راشد الحقان بتحقيقها ونشرها (35) .
وقد اشار ابن سند إلى تسميتها بالدرة الثمينة بقوله :

"سميته بالدرة الثمينة ،،،، في مذهب العالم للمدينة "

وبعد، فإن قيام الباحثين الكويتيين بنسبة عثمان بن سند إلى الكويت لا يصادر حق البصريين في نسبته إلى البصرة ، فتنقل العلماء والادباء بين الأمصار أمر مألوف في الزمن الذي وجد فيه. عثمان بن سند والسيد عبد الجليل الطبطبائي وغيرهما .

وما أود بيانه في هذه المقاله هو الرد على من ينكرون على الباحثين الكويتيين حقهم في التعريف بعلماء ولدوا في الكويت ، وعاشوا فيها شطراً كبيراً من أعمارهم فضلاً عن الرد على المغالطات التي يقع فيها بعض الباحثين، ثم انى لست الباحث الوحيد. الذي اضاف ابن سند إلى التاريخ الثقافي للكويت ، فقد تناوله بالبحث كل من حمد السعيدان وخالد سالم محمد و عدنان الرومي وعبد المحسن الجار الله الخرافي وعبد الرحمن الحقان و عادل محمد الزنكي .. وغيرهم



ــــــــــــــــــــــــــــــ

الحواشي والهوامش

1- عبد الرحمن الابراهيم - لا يكتب التاريخ مرة واحدة - ص 7
2 - المصدر السابق - ص 16
3- المصدر السابق ص 335
4 - المصدر السابق ص 340
5 - المصدر السابق ص 246 ح 2
6 - المصدر السابق ص 340-341
7 - المصدر السابق ص 338 - 339
8 - المصدر السابق ص 339
9 - المصدر السابق ص 339-340
10 - المصدر السابق ص 340
11- انظر : محمد بن عثمان بن صالح : روضة الناظرين عن مآثرعلماء نجد وحوادث السنين 1/7ط2.
و.ج . ج سلدانها - ترجمة وتعليق د. فتوح الخترش : التاريخ السياسي للكويت في عهد مبارك ص- 11 ط2
عبد العزيز الرشيد : تاريخ الكويت - ص 29 - ط 2
محمد خليفة النبهاني : التحفة النبهانية 6/126
12- انظر: جواد على : مجلة المجمع العلمي العراقي - م 31 ج 3 ص 207 تموز - يوليو 1980م.
13 - د.خليفة الوقيان - الثقافة في الكويت - بواكير - اتجاهات - ريادات ص 18 ط6
14 - انظر: خالد سعود الزيد : أدباء الكويت في قرنين 1/44 ط 2
د. خليفة الوقيان القضية العربية في الشعر الكويتى ص 26 ط 2
15 - أنظر : القضية العربية في الشعر الكويتي – ص 23 ط 2
16 - الثقافة في الكويت - ص333- 334
17 - انظر: ديوان الشريف الرضي - تحقيق د.احسان عباس 1/517
18 - القضية العربية في الشعر الكويتي ص26
19 - التاريخ لا يكتب مرة واحدة هي 262
20 - ذكر د. عماد رؤوف في مقدمة تحقيق كتاب ( مطالع السعود ...) أن السيدة سهيلة تولت نسخ الكتاب وأنه قام بمتابعة المؤلف فيما أورد من معلومات تاريخية وبلدانية ، وشرح ما غمض وكتابة المقدمة ، لذلك سوف تكون ملاحظاتنا موجهة إليه وحده دون السيدة سهيلة . وسوف تقتصر الملاحظات على ما جاء في المقدمة فقط .
21 - مطالع السعود ص 8
22 - المصدر السابق ص 7
23 – "الموطأ" ، للإمام مالك بن أنس - نسخه الشيخ مسيعيد بن أحمد بن مساعد بن سالم . أعده للنشر الشيخ محمد بن ناصر العجمي .
24- انظر: مطالع السعود ص 11
25 - عثمان بن سند : أصفى الموارد من سلسال احوال الامام خالد - ص 102
26- مصالح السعود ص 15
27- انظر: الثقافة في الكويت ص 327 - 332
28 - انظرة الثقافة في الكويت ص 324 ط 6
29 - عبد الله عبد الرحمن السند : من مائدة النبوة ص 192-193
30 - مطالع السعود : ص 19
31 - المصدر السابق ص 20
32 - المصدر السابق ص 7 ح 3
33 - من مائدة النبوة ص 193-194
34- مطالع السعود ص 25
35 - انظر: عبد الرحمن راشد الحقان : الدرة الثمينة في مذهب عالم المدينة ص 13-17 والثقافة في الكويت في ص ص 74 – ط 6


 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات