في الثالث عشر من شهر يوليو -تموز من العام الحالي، أضرب الممثلون والعاملون في السينما وفي التلفزيون في هوليوود عن العمل. وأمام جمع غفير منهم، قالت فران دريشير(FRAN DRESCHER) زعيمة النقابات التي تدافع عن حقوقهم مستحضرة ذكرى الثورة الفرنسية: "لقد تمكن الشعب أخيرا من تحطيم أبواب قصر فرساي،.. وها أننا اليوم هنا".
ومعلنة عن اضراب تاريخي في هوليوود، أضافت فران دريشير قائلة: "نحن مُستغلون من قبل أقلية جشعة. وأنا مصدومة جدا من الطريقة التي بها يعاملنا هؤلاء الذين نعمل معهم. وكيف يجرؤون على القول بإنهم يخسرون أموالا في حين أنهم يُسلّمون الملايين لرؤساء عملهم. إنه شيء بغيض ومقزز للغاية وعارا عليهم أن يكونوا على هذه الصورة القبيحة". وتقصد فران دريشير بـ"الأقلية الجشعة" جمعية منتجي السينما والتلفزيون التي ُتحمّلها فشل كل المفاوضات.
وانطلاقا من الرابع عشر من الشهر المذكور، توقفت كل الأعمال والمشاريع في مجال السينما والتلفزيون، وانقطع تصوير مسلسلات وأفلام وبرامج ترفيهية. وأجبر نجوم كبار من أمثال دنزل واشنطن، وبول مسكال، وبيدرو باسكال عل مغادرة مالطة عائدين إلى بلادهم بعد أن توقف تصوير فيلم هناك تاركين ديكورا باهض التكلفة.
وفي لندن، وجد كريستوفر نولان نفسه وحيدا في أول عرض لفيلمه عن أوبنهايمر "أب القنبلة الذرية" بعد أن تخلى عنه نجوم الفيلم كيليان مورفي، وايميلي بلونت، وفلورنس بوغ، ومات دامون الذين التحقوا بهوليوود للتعبير عن تضامنهم مع المضربين. كما توقف تصوير الفيلم الأخير للنجم الكبير كلينت ايستوود لأن مقاطعة الاضراب في هوليوود تعتبر "خيانة عظمى".
ويتزامن توقف الممثلين عن العمل مع توقف كتّاب السيناريو عن عملهم أيضا وعددهم 11500. وآخر اضراب لهؤلاء حدث عام 1960، وكانت خسارة شركات الإنتاج فادحة إذ أنها بلغت مليارين من الدولارات. وقد استمر اضراب الممثلين أربعين يوما.
أما اضراب كتّاب السيناريو فقد دام مائة وأربعين يوما. وكان رئيس النقابات في تلك الفترة رونالد ريغن الذي أصبح في ما بعد رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية. ويقول ريان شميدت المحامي المتخصص في الملكية الثقافية بإن آخر عقد بين الممثلين وشركات الإنتاج يعود إلى عام2020، أي الى الفترة التي اكتسح فيها وباء الكوفيد العالم برمته. وبسبب ذلك أغلقت قاعات السينما أبوابها لكي يتحول Streaming إلى شيء مهم للغاية في حياة الناس الذين أصبحوا يفضلون مشاهدة الأفلام في بيوتهم بواسطة "نات فليكس. لذلك ارتفعت عائدات هذه الشركات بشكل كبير، ليجد العديد من الممثلين أنفسهم محرومين من حقوقهم خصوصا وأن هذه الشركات تتكتّم على مرابيحها.
ومنذ الرابع عشر من شهر يوليو -تموز من العام الحالي يتجمع الممثلون وكتّاب السيناريو أمام شركات الإنتاج الكبرة مثل "بارامون"، و"نات فليكس"، و"ديزني"، و"أمازون" مُتحدّين الحرارة الشديدة، ورافعين لافتات عليها مطالبهم .ويقول أحد المضربين: "ليس هذه اضراب من يكسبون المليارات. وإنما هو اضراب من لا يحصلون إلاّ على أقل من 26000 دولارا في السنة. وهذا لا يكفي لاحتياجاتهم الخاصة العائلية. وأنا اعتبر تضامن النجوم الكبار الذين يتنقلون في طائراتهم الخاصة مكسبا كبيرا لنا".
ومعبّرا عن تضامنه مع نقابات الممثلين وكتّاب السيناريو الأمريكيين، يقول المخرج الفرنسي سيديريك كلابيش بأن اضراب هوليوود شبيه بناقوس يحذّرنا من مخاطر كبيرة سوف يواجهها العالم في المستقبل القريب. فالذكاء الاصطناعي يطرح أسئلة هامة لا أحد يقدر على الإجابة عنها. فهل يمكن مثلا أن نعوّض السيناريست بـCHAT GPT
وأن نعوض الممثل بكائن افتراضي؟
مثل هذه الأسئلة سوف تتم الإجابة عنها في السنوات القليلة القادمة. وإذن نحن بصدد دخول عصر جديد لا يزال غامضا ومجهولا بالنسبة لنا".