منذ مطلع الألفية الجديدة، حصل الياباني ماكوتو شينكاي المولود عام1973، على شهرة عالمية واسعة بفضل أفلام الصور المتحركة التي برع فيها إخراجًا وقصة.
وقد بدأ غرامه بالتصوير وهو فتى يحب أن يرسم صورا لشخصيات الروايات التي كان يدمن على قراءتها. وفي عام1999، أنجز فيلمًا قصيرا بعنوان:" هي وقطها".
وقد أحرز هذا الفيلم الذي يدوم خمس دقائق فقط على عدة جوائز رفيعة خولته أن يقتحم عالم الصور المتحركة بحماس وبعزيمة ثابتة.
أما الفيلم الذي جعل منه نجما عالميا بامتياز، فكان بعنوان YOUR NAME الذي اعتبره كبار النقاد أفضل فيلم في مجال الصور المتحركة. إذ أنه حقق أرباحا هائلة تقدّر بـ375 مليون دولار.
وخلال مروره بباريس مؤخرا، وذلك بمناسبة عرض فيلمه الجديد:"سوزوم"، التقت به جريدة LES ECHOS الفرنسية لتجري معه حوارًا تحدث فيه عن طوكيو، وعن بلاده التي تعاني من الكوارث الطبيعية، وعن افتنانه بالسماء.
وفي بداية الحوار، كتبت"ليزيكو" تقول:" ما يدعو للغرابة، هو أن ماكوتو شينكاي يبدو شبيها بشخصيات أفلامه، فكما لو أنه هارب من الشاشة السينمائية".
الملصق الدعائي لفيلم فانتازيا بعنوان "Suzume" للمخرج الياباني ماكوتو شينكاي
وفي فيلمه الجديد "سوزوم" ظلّ متعلقًا بالشبيبة، وبقصص الحب الأولى، وبطريقته في إبراز التناقضات والفروق بين المدينة والريف، وبعشقه للطبيعة.
والشخصية الرئيسية في فيلم "سوزوم" فتاة مراهقة تستعين بالسحر لمقاومة الزلازل.
وفي حواره مع "ليزيكو"، يقول ماكوتو شينكاي :"أكثر من مرة في الأسبوع تعيدني أحلامي إلى سنوات شبابي. وقد احتفظت إلى حد هذه الساعة بخوفي من الليلة التي تسبق الامتحانات، وهو نفس الخوف من المجهول الذي أعبّر عنه في أفلامي. وأنا أشترك مع شخصياتي السينمائية في الشعور بالاختناق في عالم يختنق بدوره. والحقيقة أن عالم اليابان في زمن طفولتي وشبابي لم يعد موجودا. شباب اليوم يتواصل بفضل وسائل الاتصال الاجتماعي. وهو أقل عزلة مني في ذلك الوقت. وأنا لا أدري إن كنت قريبًا منه، لكني أشعر أني لست بعيدا عن المراهق الذي كنت".
ويضيف ماكوتو شينكاي قائلا بإنه لما غادر منطقته الجبلية التي كانت تتمتع بطبيعة خلابة ليلتحق بالجامعة في طوكيو، وجد نفسه غريبًا وحزينًا في مدينة كبيرة ووسخة. لذلك كان عليه أن يعيش فيها ثلاث سنوات لكي يحبها، ويتقبل نمط حياتها الصاخب، واشتداد الزحام فيها في الليل كما في النهار.
ويرى ماكونو شينكاي أنه يحرص في جميع أفلامه على أن يصور العالم لا كما هو، بل كما يراه، أي أنه ينفذ إلى اعماقه غير المرئية ليستكشف ما هو خفي وسري.
ويعكس فيلمه الجديد "سوزوم" تداعيات كارثة الزلزال الذي ضرب اليابان عام2011، والذي خلّف أضرارا جسيمة. ومن خلال الخرائب والأطلال هو يرغب في أن يبرز الصورة الجديدة لبلاده وقد شاخت وتعبت، وباتت مهددة بكوارث طبيعية مدمرة. كما أن عدد سكانها في تضاؤل مستمر.
وبمرارة يقول ماكوتو شينكاي:"نحن لا نختار المكان الذي نولد فيه. وأنا ولدت في اليابان، وابنتي أيضا. لذا علينا أن نتقبّل المحيط الذي نحن فيه، وأن نضحك، ونحب ونلهو ونعيش بالأمل دائمًا. لذلك فإن شخصيات فيلم "سوزوم" تبدو سعيدة وسط الخرائب".