: آخر تحديث

نزح السلاح الفلسطيني.. يوقظ ذاكرة نهر البارد!

9
7
7

ملفت في توقيته وملابساته تصريح قائد القوات الدولية في جنوب لبنان الجنرال أولدو لاثارو بأن الوضع على طول الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل قابل للاشتعال في أي لحظة، واستدرك بأن "طريق السلام في الجنوب هو طريق سياسي"!

موقف الجنرال الأممي جاء في ظل معلومات عن احتمال تأثر عمل قوات يونيفيل بقرار المنظمة الدولية تخفيض ميزانيتها بنسبة تتراوح بين 35 و40 بالمائة، وأيضاً وسط تسارع التطورات التي تصب في خانة السلام العربي الإسرائيلي. ولم يكن مشهد المبعوث الأميركي توماس برّاك وهو يرفع علم بلاده في قلب دمشق معلناً ضرورة إطلاق حوار سوري إسرائيلي حدثاً لن يطال في شظاياه السياسية لبنان والجوار.

لقد خرجت دمشق من دائرة الصراع العسكري مع إسرائيل، وهي تحجز لنفسها مكاناً في معادلة الشرق الأوسط الجديد، مكاناً يليق بحجم التفاهمات المعلنة وغير المعلنة مع واشنطن. لكن ذلك لا يخفي حقيقة أن دمشق ـ أو أحمد الشرع ـ تتلطى بالتفاهمات الإقليمية والدولية لتمرير مرحلة عدم الثقة وحالة اللاأمان في المجتمع السوري بسبب الانقسامات الفئوية والطائفية، والتي أوقدتها تصرفات فصائل غير محسوبة على سوريا أو السوريين.

في المقابل، إيران على أعتاب اتفاق تاريخي مع الولايات المتحدة، وهذا يعني أن حزب الله الذي سبق وخرج بـ"قدر" التفوق العسكري الإسرائيلي من ميدان المواجهة القتالية يستعد لارتدادات "قضاء" التفاهم السياسي الأميركي الإيراني داخلياً وإقليمياً.

يدرك لبنان العهد الجديد أن إعادة بناء دولة المؤسسات وحدها تحصن الكيان اللبناني من أجندات الحقل الداخلي وحسابات البيدر الإقليمي، ويسجل التاريخ للرئيس جوزف عون الدور المحوري الجريء الحكيم في التعامل مع نزع سلاح حزب الله أولاً وتطويق منظومة الفساد التي تحولت إلى ما يشبه مؤسسات متكاملة تجذرت بحكم واقع دويلات الطوائف بأعلام على مدى عقود لا أعوام. بيد أن طريق إعادة بناء دولة الكيان الجامع يواجه أيضاً تحديات قديمة جديدة، وسلاح المخيمات الفلسطينية هنا يمكن أن يكون نموذجاً مؤلماً.

الواضح أن عملية نزع سلاح المخيمات الفلسطينية قد تخطف الأولوية من نزع سلاح حزب الله، لا سيما وأن حركة حماس ومن يدور في فلك توجهاتها لن تعبّد دروب التعاون مع الجيش كما بدا من تسريبات مصادر محسوبة على الحركة، إذ اعتبرت أن "للفصائل رأيها في قرار إنهاء الوجود العسكري الفلسطيني ولم يتم التواصل معها". ونقلت صحيفة الشرق الأوسط عن مصادر تابعة لحركة حماس قولها: "القضية ليست أن هناك أوامر واجبة التنفيذ.. ويجب معالجة الأوضاع الاجتماعية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين".!

هذا الموقف يصب في خانة القلق الأمني، لا بل ويحيي الذاكرة على مشاهد معركة نهر البارد حين خاض الجيش اللبناني اشتباكات دامية مع جماعة الإسلام في المخيم الواقع شمالي لبنان عام 2007.

ثم، ثم، إلى ماذا ترمي حماس عندما تشير إلى معالجة الأوضاع الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، والسلطة اللبنانية تفتقد لإحصاءات دقيقة عن أعدادهم داخل الجزر الأمنية التي يقطنونها؟!

أهمية هذه القضية تنبع من إلغاء آلة الحرب الحكومة الإسرائيلية ما يسمى بحق العودة للاجئين، لا بل وتركّز على إطلاق قوافل تهجير لاجئي المخيمات في غزة والضفة الغربية نحو الأردن وسيناء المصرية. فهل المطلوب هنا إدخال لبنان في دوامة التجنيس مع كل ما تحمله هذه الكلمة من أخطار على كيان قائم على مجاميع طائفية محسوبة بميزان المحاصصة؟!

لا شك أن العهد الجديد في لبنان لديه الإرادة والعزيمة، وأظهر قدرة على المضي في خيار استعادة دولة المؤسسات، ويجب في المقابل على القوى السياسية ملاقاته في مواجهة التحديات، لا شحذ المزايدات الشعبوية التي تغني الأزقة الطائفية وتسمن هوس استقطاب صناديق الاقتراع العام المقبل. الأيام حبلى بالمفاجآت.. وبعضها قد يطل على أشرعة المعاناة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.