تمرد جماهير وشعوب الديمقراطية والحريات لا سيما على المستوى السياسي لها أكثر من حل قمعي وقرار تعسفي، خارج مبادئ العدالة وقواعدها القانونية والدستورية، مثل السجن من دون محاكمة عادلة وإجراءات قانونية سليمة، والتعذيب والإذلال وزرع الخوف والهلع في نفوس بريئة!
ويمكن أن تلجأ السلطة المستبدة إلى الترهيب، وأثارة الفزع في الضمير البشري والبيوت والمجتمع لمنع الشعوب من الاقتراب من محظوراتها وعدم خوض تجارب التفكير خارج الصندوق، ولا التفكر الفلسفي والسياسي والاجتماعي، فكل ذلك من الأمور المحظورة من السلطة الأحادية.
هي وقائع موحشة بشكلها وتفاصيلها، ووقائع معاناة تستنفر الضمير البشري، ومع ذلك، يُفرض بقوة قمعية ومتوحشة القبول في مظاهر ووقائع حتى لو كانت تلك المظاهر نشازاً استثنائياً وغير مقبولة منطقياً وقانونياً وثقافياً.
ولكي نفهم ظاهرة القمع والتوحش ضد الجماهير التي يُفترض إنها حرة، لابد أن نفهم الأسلوب الحكيم والعقلاني في إقناع السلطة المستبدة أو التي لديها ميول عدائية ضد الحريات، وقناعات قمعية، في ظل عالم انترنت وحريات الذي يُفترض أن يكون غير مقيد!
ليس كل دول العالم العربي تنشد الحريات والازدهار لشعوبها مثل سوريا إبان حكم عصابة الأسد، ولا ليبيا القذافي صاحب أوهام "الكتاب الأخضر"، ولا والعراق بحقبة الطاغية صدام حسين الذي توهم بتحرير فلسطين عبر العبور جنوباً نحو الكويت!
تربعت منظمة التحرير الفلسطينية على قمة الانتهازية والنكران للكويت من دون منافس خلال حقبة تاجر القضية العربية ياسر عرفات، كما فعل عبدالله صالح في اليمن من أفعال وأعمال ابتزاز وانتهازية!
التعبير عن الرأي والقاعدة الشعبية يبدو في ظاهره بسيطًا، لكنه في جوهره ليس كذلك؛ فالسلطة مليئة بأصحاب الإرث القمعي والعداء التاريخي للديمقراطية، التي تبدو لها مظاهر غير حضارية، حتى لو أجمعت عليها دول العالم كافة!
أما الطبقة المتوسطة أو الأقل أي الفقيرة والمديونة لأسباب اجتماعية ملحّة أو لبناء المستقبل، فهي جماهير عرفت المعاناة وكابدت الظلم، في حين أن أصحاب السلطة المستبدة لا يعرفون تلك المعاناة، ولا يفهمون لغة الطبقات الكادحة الباحثة عن ملاذ للحريات والديمقراطية.
المسرح السياسي والاجتماعي يحتل الصدارة في شرق يئن من الظلم ومن غياب الحريات، تحت سلطة أحادية تسعى إلى تصفية جماهير الديمقراطية والحريات والتعددية الفكرية، واقتلاع جذور التفكير في حال مغاير لحال السلطة التي لا علاقة لها بالتجديد والتحديث والقبول بالديمقراطية.
التحوّل الجماهيري من الكمّ إلى الكيف محظور في شرقٍ تُحظر فيه الحريات، وعالم لا يحترم رأي أغلبية حقيقية، سواء كانت مختارة أو عشوائية متجانسة؛ فقوة الجماهير والشعوب الحرة تعتبر ترفًا اجتماعيًا وسياسيًا، لا حقوقًا مكتسبة!
ليس كل الشعوب تبحث عن ثورات، أو تمرّد مدني، أو علاقة عدائية مع سلطة تم اختيارها أساسًا على أسس ديمقراطية؛ لكنها سلطة تغيّرت مع الزمن والظروف، وانقلبت ضد هذه الشعوب التي نصّبتها ومنحتها حق القيادة والحكم، لكنها لا تعترف بالتاريخ ولا بالنشأة!
هي معادلة سياسية صعبة الاستيعاب والهضم، بل مفزعة، حين تتمرّد السلطة ضد جماهير الحريات وشعوب ارتضت الثقة المتبادلة في زمن مضى، في حين الطرف الآخر، أي سلطة القرار، نكثت العهد والوعد والعقد!
يمكن تعريف السلطة بأنها نظام حكم أحادي، أو مزيج من ديمقراطية مهجّنة، أو حكومة مثقلة بالأنانية، أو سلطة سياسية متنفّذة، أو نفوذ اقتصادي يسعى لتحقيق منافع ومكاسب تجارية عبر تحالفات سياسية مع سلطة انتقائية، تقف ضد حرية الرأي والتعبير والديمقراطية!
*إعلامي كويتي