"فسحة صغيرة بعيدة عن السياسة ومنغصاتها"
مثلما أن لكل شيء مرتبة ومنزلة، فإن لحديث الحب أيضًا درجاته في الكلام من حيث الصدق أو الكذب، أو الثقة العمياء والتشكيك، وربما اللامبالاة بما يقول الحبيب، أو الشكّ والريبة بما يعتمل في النفس واللسان. ووفق هذا المعنى ومستوى اليقين والشكّ بما يُقال بين الأحبّة، يمكننا إيجاز ما ذكرناه بما يلي:
المرتبة الأولى وهي مرتبة اليقين التام
مؤداها أن يصدق الحبيب كلّ ما سيقوله المحبوب قبل أن يتفوّه المحب، ودون أن ينبس ببنت شفة كما يقول أسلافنا، بما عنده من كلام يقوله. وهذه مرتبة العشق العالي الدرجة إلى حدّ الوله والهيام إلى حدّ العمى.
المرتبة الثانية: وهي مرتبة الثقة المطلقة
وهي أن يصدق الحبيب كل ما يقوله المحبوب عندما يتكلم ويبوح بما عنده، وهذه مرتبة الحب المتبادل بما يصرّح به اللسان لما في دواخل القلب والعقل.
المرتبة الثالثة وهي المخالطة بين الشكّ واليقين
وتعني أن يصدق الحبيب جزءًا مما يقوله المحبوب بعد أن يقول ما عنده.
المرتبة الرابعة: وهي مرتبة غياب الثقة وعدم التصديق
وخلاصتها أن لا يصدق الحبيب شيئًا مما يقوله المحبوب ولو أقسم بأغلظ الأيْمان.
المرتبة الخامسة: وهي حالة اليأس المفرط من الصدق
ويقينها أن لا يصدق الحبيب شيئًا مما سيقوله المحبوب حتى قبل أن ينطق.
المرتبة السادسة: وهي حالة العزم على القطيعة وبروز الغضب والفراق الذي لا عودة منه
وقرارها: أن لا يدع الحبيبُ المحبوبَ يتكلم لأنه لن يصدقه بأي حال من الأحوال، ولو نطق وتشفّع بأغلظ الأيمان.
أما المرتبة السابعة والأخيرة: وتسمى مرتبة الفصل والقطيعة أو الوصل والاقتران
وختامها أن يصمت الحبيب ويغيب المحبوب. وهذه مرتبة التوبة أو الأوبة، وهي الفقرة التي يُتخذ فيها قرار الوصل أو الفصل؛ فهما سيان في الحب في قبوله أو صدوده.
وللناس فيما يقول الحبيب مراتب ومذاهب ورغائب.