: آخر تحديث

الماينر والحرس وظلام الشعب

3
2
3

في الأيام الأولى من هذا الشهر الإيراني خرداد (22 أيار - 21 حزيران)، أعلنت السلطات الإيرانية أن انقطاع الكهرباء قد يصل إلى ست ساعات في اليوم. بينما يواجه الناس الآن انقطاعات تتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميًا، بدأ كثير من أصحاب المحلات والمصانع يشكون من الخسائر الكبيرة التي يتعرضون لها. الجميع يتحدث عن تدمير مصادر الدخل وتهديد حياة الناس ومعيشتهم. وكأن الغلاء والتضخم لم يكونا كافيين، حتى جاءت أزمة الكهرباء لتزيد الطين بلة.

في وسائل التواصل الاجتماعي، يتساءل كثير من المواطنين عن مصير الطاقة النووية السلمية التي كانت الحكومة تتحدث عنها سابقًا. كيف يمكن لدولة أن تصدر الكهرباء بكميات كبيرة إلى الدول المجاورة، ولكن عندما يأتي الدور على مواطنيها، تتحول سياسة الكهرباء إلى تقنين شديد؟ البعض يرى أن السؤال لم يعد بحاجة إلى تحقيقات عميقة ولا إلى بحث في زوايا مظلمة. السبب واضح أمام الجميع، ويصرخ به الناس في الشوارع دون تردد: إذا انقطعت كهرباء الحرس، تنحل أزمة الكهرباء.

عندما تكون الدولة قائمة على نظام طبقي، من الطبيعي أن يصبح كل شيء، بما في ذلك الكهرباء، موزعًا بطريقة طبقية. المواطنون يرون بأعينهم أن المؤسسات المرتبطة بالحرس الثوري، والمقربة من مركز السلطة، لا تعاني مما يعاني منه الناس في الأحياء العادية. ولهذا فإن أصابع الاتهام تتجه نحوهم عند كل أزمة، سواء كانت فقرًا، أو غلاء، أو فسادًا، أو حتى انقطاع كهرباء.

بينما يواجه الناس الآن انقطاعات تتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميًا، بدأ كثير من أصحاب المحلات والمصانع يشكون من الخسائر الكبيرة التي يتعرضون لها. الجميع يتحدث عن تدمير مصادر الدخل وتهديد حياة الناس ومعيشتهم. وكأن الغلاء والتضخم لم يكونا كافيين، حتى جاءت أزمة الكهرباء لتزيد الطين بلة. وهذا الأمر يكون أشد تأثيرًا على أصحاب المخابز، الذين هم الأكثر تضررًا من انقطاع الكهرباء، لأن قوت الناس الأساسي يعتمد عليهم، ولهذا فقد زادت الضغوط عليهم وبرزت احتجاجاتهم بشكل أكبر بين جميع القطاعات.

الحكومة من جانبها، وكما اعتادت في مثل هذه الأزمات، لا تعترف أبدًا بمسؤوليتها، بل تحاول دائمًا أن تجد جهة غامضة لتحميلها المسؤولية. جهة لا اسم لها، ولا عنوان، ولا وجه معروف. فقط حكايات في الإعلام الرسمي لإبعاد الأنظار عن الحقيقة. المواطنون يذكرون بوضوح أن كثيرًا من الحوادث، مثل الانفجار في جمارك بندر عباس أو مقتل أشخاص في ظروف مشبوهة مثل حادثة شاهچراغ، بقيت دون نتيجة واضحة، وتم نسيانها بعد فترة قصيرة.

مؤخرًا، نقلت القناة الرسمية "شبكة خبر" عن مسؤول في شركة توانير أن السلطات اكتشفت 247 ألف جهاز لاستخراج العملات الرقمية، تستهلك 2500 ميغاوات من الكهرباء، وهو ما يعادل استهلاك أربعة مفاعلات نووية. وقال أيضًا إنه تم العثور على 5000 جهاز جديد في شهر أرديبهشت (22 نيسان - 21 أيار) وحده. المواطنون لا يصدقون هذه الرواية بسهولة. يسألون كيف يمكن إخفاء كل هذه الأجهزة طوال هذا الوقت؟ وأين كانت تعمل؟ وإذا كانت فعلاً تستهلك كل هذا الكم من الكهرباء، فلماذا ما زال الانقطاع مستمرًا، بل مرشحًا للزيادة؟

الكثير من الناس يرون أن هذه التبريرات مجرد تغطية على الحقيقة، وأن أزمة الكهرباء لا تختلف عن باقي الأزمات الاقتصادية في البلاد، مثل انهيار العملة، والتضخم، وارتفاع الأسعار. كل هذه الأزمات نابعة من نفس المصدر، وهو السياسات الفاسدة وسوء الإدارة ونهب الثروات.

المواطنون لم يَعدوا يثقون بهذه الروايات المتكررة. يُدركون أن الأزمة الحقيقية ليست في أجهزة الماينر، بل في السياسات السائدة التي تقوم على: الفساد، السرقة، الاحتكار، والكذب المنهجي. في هذا المجال، قالت السيدة رجوي في تغريدة لها: "انقطاع الكهرباء والمياه في مدن مختلفة، لا سيما المناطق الحارة مثل بوشهر وبهبهان، وسط درجات حرارة تتجاوز 40 درجة مئوية، قد أرهق المواطنين وأثار سخطهم. وقد أدى انقطاع الكهرباء إلى تعطيل أعمال التجار وأصحاب الأفران، وكذلك المستشفيات ومراكز الطوارئ، وتوقف المصاعد في المباني متعددة الطوابق، ما أوصل الناس إلى حافة الانهيار. خامنئي ونظامه ينهبون ثروات إيران بلا توقف أو يهدرونها في المشاريع الصاروخية والنووية وإشعال الحروب، بينما يعاني الشعب من ظروف قاسية وفقـر متزايد. السبيل الوحيد لإنهاء هذا الظلم والجور هو الانتفاض والمقاومة ضد نظام الملالي."

لذلك لا يقبل المواطنون اليوم أي تبرير رسمي، وهم يرددون بوعي كامل شعارات تلخص الوضع بدقة: استغلوا الإسلام وأذلّوا الشعب. عدونا هنا، ليس في أميركا. إذا انقطعت كهرباء الحرس، تنحل أزمة الكهرباء.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.