في صباحات نجد، حين تتهادى الشمس على أطراف الرياض القديمة، يولد بعض الناس ليكونوا أبناءٍ للوقت، وليصيروا من صنّاعه. وُلِد عبد الله بن عبد اللطيف الفوزان في الثالث والعشرين من يونيو عام 1967، في مدينةٍ تعرف كيف تربي الرجال وتصنع المجد. لم يكن هذا الفتى العادي ابنًا فقط لعائلة عريقة، ولكن كان مشروعًا لرؤيةٍ أبعد من السيرة، وأعمق من المهنة.
نشأ عبد الله في مدينة الخبر، تلك المدينة التي تُطِل على البحر وكأنها تسترق السمع من الموج، ودرَس فيها، كما يدرس الفجر تفاصيل الطريق قبل أن يضيئه. ما لبث أن شدّ رحاله إلى العاصمة من جديد، طالبًا في جامعة الملك سعود؛ حيث نهل من المحاسبة ما يكفي ليقرأ العالم بالأرقام، لكنه قرأه أيضًا بالمعنى والهدف، وهذا هو الفرق بين رجل أعمال... وصانع أثر.
النجاح ليس مصادفة
منذ تخرّجه في عام 1990، وعبد الله الفوزان لا يمشي على الأرض فحسب، بل يمشي في رؤيته الخاصة: أن يكون للثروة معنى، وللعمل نَفَس. لم يكن نجاحه في تأسيس "الفوزان القابضة" نهاية السطر، وإنما بدايته؛ فقد اختار أن يكون في قلب مجتمعه، لا على هامشه. أن يبني مؤسسات لا لتجني الربح، بل لتوزّعه.
أنشأ جائزة اليونسكو الفوزان الدولية، ومركز الفوزان للتوحد، وبنك الطعام السعودي، وأكاديمية لإعداد قادة العمل غير الربحي. أترى؟ هذا رجلٌ لم يكن يريد أن يُذكر اسمه، بل أن يترك أثره. لم يشغل المناصب، وإنما شغل القلوب.
منزله لا على التلّ، بل في وسط الناس
ما أجمل أن يكون رجل بحجم الثروة، ويختار أن يكون قريبًا من الناس. يتحدثون عنه في المجالس، لا لأنه يُحسن إدارة الأرقام فحسب، ولكن لأنه يُتقن إصلاح الحياة. عرف أن "الربح الأكبر" هو في خدمة المجتمع، وأن المجد لا يُصنع من زجاج ناطحات السحاب، بل من قلوبٍ تطمئن بأن في هذه الأرض رجالاً لا ينسون واجبهم.
ليس عبد الله الفوزان -فقط- رئيسًا لمجلس إدارة، ولكن هو أبو مشعل؛ الاسم الذي ينطوي على دفء، على ذاكرة، وعلى قُرب من الأفئدة. في هذا اللقب البسيط تسكن فلسفته كلها: الإنسان قبل العنوان.
عبد الله الفوزان، رجلٌ عاش في زمنٍ كثرت فيه الأبواب، فاختار أن يكون مفتاحًا لها كلها. بنى، وأسس، ودعم... لكنه في كل ذلك، لم ينسَ أن ما يُخلّد ليس ما نملكه، بل ما نمنحه. وفي حديثه، وسيرته، ومشاريعه، نسمع صدى طموحٍ لا يهدأ، وإيمانٍ بأن الوطن ليس مجرد خريطة، حيث هو مجتمع حيّ، يحتاج إلى قلب نابض... مثله.
وإنا هنا إذ ابارك له شرف نيل وسام الملك عبدالعزيز فإنه لايفوتني أن أثني عل مبادرات وجهود والده الشيخ عبداللطيف وعمه الشيخ محمد (الفوزان أخوان) اللذان اعطيا للوطن ولمحافظتنا الغالية الزلفي جل اهتمامهم وامدوها بعطائهم وما اكثر مآثرهما وللتذكير لا الحصر تكفلهما بمركز الفوزان للولادة والأطفال ومركز التأهيل بالزلفي وغير ذلك من المشاريع الخيرية التي يتجاوز ما تم اعتماده لها مئات الملايين.
بارك الله في ماقدماه من إحسان وكتب ذلك في ميزان حسناتهما ووالديهما.