: آخر تحديث

المستهدفات التنموية الاستراتيجية.. الآمال والتطلعات

2
2
2

لا شيء يبعث على السرور ويُدخل البهجة للقلوب مثل قراءة أخبار اقتصادية سعودية تعلن عن وصول عدد من القطاعات التنموية للمرحلة النهائية من تحقيق مستهدفاتها قبل الوصول لتاريخ استحقاقها عام 2030 ضمن رؤية المملكة وفقاً للاستراتيجية المُعلن عنها سلفاً. ولستُ هنا بصدد سرد تلك القطاعات، فهي كثيرة ومعلومة، وقد أفاض في الحديث عن تفاصيلها غير واحد من الفضلاء المختصين بالشأن الاقتصادي عبر مختلف وسائل الإعلام، لكنني وقفتُ متأملاً ومحققاً ومدققاً في مراحل العمل الإداري الذي أفضى إلى هذه النتيجة المميزة والوطنية بامتياز.  

في البداية، يجب التسليم بأن أي رؤية طموحة ستبقى في بطون محاضر الاجتماعات، وسيُحكم عليها إثر ذلك بالفشل الذريع ما لم يكن وراءها قائد مُلهِم يستطيع مشاهدة الصورة من كافة الزوايا؛ يعطي الصلاحيات وفي ذات الوقت يتابع عن كثب مراحل التنفيذ، ولا يتوانى في إصلاح أي اعوجاج يعترض طريق تحقيق المستهدفات بإقالة من يثبت تقصيره، كما ويملك الشجاعة في العدول عن أي قرار إذا ثبت عدم جدوى الاستمرار في تنفيذه. وكل هذه الصفات موجودة في عرّاب رؤية السعودية 2030، سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ورعاه وسدّد خُطاه. لذلك فإن المحصلة المنطقية قطع شوط كبير من تحقيق مستهدفات الرؤية أو إنجازها قبل التاريخ المحدد لانتهائها، كما حصل في كثير من القطاعات.  

من أبرز الأسباب أيضاً وجود رجال مخلصين من أصحاب المعالي الوزراء ونوابهم وكبار التنفيذيين آمنوا بهذا الحلم الوطني الكبير، وباشروا في اتخاذ كافة الأسباب التي تضمن الوصول إليه، فاستقطبوا الكفاءات الوطنية والأجنبية، ومكّنوا أبناء وبنات الوطن من صغار ومتوسطي الموظفين، وحفّزوهم، ولم يبخلوا عليهم بالدعم المادي والمعنوي؛ المادي عبر تسارع الترقيات وفق أدائهم وإنجازاتهم، والمعنوي بالتحفيز وإلحاقهم بالدورات التدريبية والتطويرية داخل المملكة وخارجها، والتعامل معهم ليس بروح الفريق الواحد فحسب، بل تعداه ليكون بروح الأسرة الواحدة، في تطبيق عملي على أرض الواقع لتوجيهات القيادة الرشيدة. فكان الجميع في كل المواقع عند حسن الظن بهم، فلا تسل حينها عن الثمار اليانعة لمجهود فرق العمل.  

وأمام هذه الأرقام الرائعة، ينقلب البصر خاسئاً وهو حسير، وهو يشاهد حال بعض القطاعات المستهدفة في برنامج الرؤية، وحالها كما قيل في المثل الشعبي السعودي (على حطة يدك)، فلا جديد يُذكر ولا خطوات ملموسة توازي الضخّ المادي الحكومي، ما يطرح تساؤلاً مستحقاً: ماذا يفعل هؤلاء القوم؟! في الحقيقة لم أجد الإجابة، لكن في مثل هذه البيئات في العالم أجمع، يكاد يكون أول الأسباب عدم اختيار الكفاءات القيادية، وانعدام معيار الأهلية المهنيّة، واستبدالها بمعيار آخر، وهو إما الأهل والعشيرة أو الأصدقاء، كما قال الرمز السعودي المرحوم الدكتور غازي القصيبي في كتابه "حياة في الإدارة" بأنه "لا شيء أسوأ من تحول شلّة الأصدقاء إلى زملاء في العمل". هذا في حال الموظفين العاديين، فكيف إذا كان هذا الشيء موجوداً لدى كبارهم في القطاع؟ لا شك أن العواقب ستكون وخيمة، وإنْ عاجلاً أو آجلاً سينكشف عوار ذلك المسلك؛ ويزداد الأمر سوءًا عندما يتظافر سوء العمل مع يد تبطش بكل كفاءة وموهبة لتترك العمل بالإكراه وسط هذا الجو المشحون بكل الطاقات السلبية. ولعمري إن قطاعاً كهذا لن تفيد معه كل طرائق تحسين السمعة، سواءً بشراء جوائز معدومة الاستحقاق أو استجداء ثناء غير صادق من أحد، على سبيل المثال، فالحال سيصبح مثل المرأة التسعينية التي تنفق الأموال الطائلة على عمليات التجميل وتنتظر أن يُقال لها: ما أجملكِ يا ابنة العشرين!! على أية حال، لا يخامرني أدنى شك بأن المُقصّر أياً كان سيُحاسب على تقصيره جزاءً وفاقاً.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.