في خضم الأزمات الداخلية والخارجية التي يواجهها النظام الإيراني، يبرز ارتباط وثيق بين تصاعد وتيرة الإعدامات وبدء جولات جديدة من المفاوضات النووية. هذا الارتباط ليس صدفة، بل هو استراتيجية مدروسة تهدف إلى قمع الشعب الإيراني ومنع أي انتفاضة شعبية قد تندلع نتيجة الضعف الذي يكشفه النظام في هذه المفاوضات.
خلال عام 2024، سجّل النظام الإيراني زيادة ملحوظة في عمليات الإعدام. ففي شباط (فبراير) 2024، بلغ عدد الإعدامات 124 حالة، أي ما يقرب من ستة أضعاف مقارنة بالشهر المماثل في السنة 2023 (21 إعدامًا). وفي نيسان (أبريل) 2024، تم تسجيل 23 عملية إعدام، بينما كان العدد في الشهر نفسه من عام 2023 قد بلغ 4 حالات فقط. لكن مع اقتراب المفاوضات النووية، تصاعدت وتيرة الإعدامات بشكل غير مسبوق.
في شهر نيسان (أبريل) 2025، نفّذ جلادو خامنئي ما لا يقل عن 83 حكم إعدام، بينهم 6 سجناء سياسيين و5 نساء، وكان اثنان من الضحايا دون سن 18 عامًا عند ارتكاب الجريمة المنسوبة إليهما. وتشمل هذه الإعدامات أحداثًا مروعة وقعت في يومي الإثنين والثلاثاء، 21 و22 نيسان (أبريل) 2025، حيث أُعدم 10 سجناء في سجون مختلفة. في يوم الإثنين، 21 نيسان، أقدم جلادو خامنئي على تنفيذ حكم الإعدام بحق السجين السياسي حميد حسيننجاد حيدرانلو شنقًا في سجن أورمية، رغم الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها عائلته أمام السجن لعدة أيام رفضًا لهذا الحكم الإجرامي. في اليوم نفسه، تم إعدام أربعة سجناء آخرين وهم: ماهان حيدري في سجن سپيدار – الأهواز، سعيد دريكوند في سجن بارسيلون – خرمآباد، ومحمد أحمدزاده وبهنام برگپوش في سجن ياسوج. وفي صباح الثلاثاء، 22 نيسان (أبريل)، تم تنفيذ حكم الإعدام بحق وحيد نارويي (30 عامًا) وأربعة سجناء آخرين في سجن يزد.
إضافة إلى ذلك، أقدم جلادو السلطة القضائية للملالي يوم الثلاثاء 15 نيسان (أبريل) على إعدام خمسة سجناء هم: غلامعلي ماشااللهي في أراك، سهراب حيدري، چراغعلي قاسمي، وفيضالله كرمي في قم، ومرضية إسماعيلي في قزوين. كما تم يوم الخميس 17 نيسان (أبريل) إعدام أحمد ياوري في گرگان، ويوم الأحد 20 نيسان (أبريل) أُعدم كل من جواد گودرزي في درود، وسعدالله گرگيج البالغ من العمر 29 عامًا من المواطنين البلوش في زاهدان. وبذلك، بلغ عدد الإعدامات منذ بداية عهد بزشكيان في 22 تموز (يوليو) 2024 حتى اليوم 1051 إعدامًا.
في السنوات الماضية، كانت أعداد الإعدامات خلال شهري اسفند وفروردين أقل بسبب عطلة النوروز وتزامنها مع شهر رمضان. لكن هذا العام، ارتفع عدد الإعدامات في نيسان 2025 إلى 83 حالة، أي أربعة أضعاف ما سُجّل في نيسان (أبريل) 2024 (23 إعدامًا)، و21 ضعفًا مقارنة بنيسان (أبريل) 2023 (4 إعدامات). هذا التصعيد الوحشي في الإعدامات يعكس الطريق المسدود والمميت الذي تواجهه الفاشية الدينية الحاكمة في إيران، حيث يحاول خامنئي عبثًا من خلال القتل والإعدامات أن يوقف انتفاضة الشعب وسقوط نظامه المحتوم.
إنَّ المقاومة الإيرانية تجدد دعوتها إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، وجميع الهيئات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، لإدانة هذه الموجة المتصاعدة من الإعدامات الوحشية في إيران، واتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ حياة السجناء المحكومين بالإعدام، خصوصًا السجناء السياسيين.
في خطبة صلاة عيد الفطر، كشف خامنئي عن مخاوفه الحقيقية، مشيرًا إلى أن التهديد الأكبر لا يأتي من الخارج، بل من الداخل، حيث إمكانية اندلاع ثورات وانتفاضات شعبية. هذا الخوف يدفع النظام إلى تسريع وتيرة الإعدامات، وخاصة ضد السجناء السياسيين، بهدف بث الرعب في نفوس الشعب ومنع أي تحركات احتجاجية. إن المقاومة الإيرانية، التي تمثل صوت الشعب التواق إلى الحرية، تؤكد أن هذه الإعدامات ليست سوى محاولة يائسة من النظام للحفاظ على بقائه في مواجهة الضغوط المتزايدة.
خامنئي نفسه وصف المفاوضات النووية بأنها "غير شريفة"، وهو وصف يكشف عن إدراكه للتنازلات التي يضطر لتقديمها. هذه التنازلات، التي تُظهر ضعف النظام وعجزه، تصل كرسالة واضحة إلى الشعب الإيراني، الذي يستعد لاستغلال هذه الفرصة للانتفاضة. ولذلك، يلجأ النظام إلى الإعدامات كأداة لقمع أي تحركات محتملة، محاولًا منع موجة الاحتجاجات التي يراها وشيكة.
إن هذه الإعدامات، رغم طابعها الإجرامي، تحمل رسالة عميقة: النظام يعيش حالة من الرعب من تداعيات المفاوضات النووية وما قد تؤدي إليه من إشعال انتفاضة شعبية. المقاومة الإيرانية، التي تقود النضال من أجل التغيير الديمقراطي، تواصل فضح جرائم النظام وتعبئة الشعب لمواجهة هذا القمع. إن الشعب الإيراني، الذي يعاني من ظلم النظام وقمعه، يرى في هذه اللحظة فرصة تاريخية لتحقيق الحرية والعدالة.
في النهاية، تكشف هذه التطورات عن مأزق النظام الإيراني، الذي يحاول عبثًا إخماد جذوة المقاومة الشعبية. لكن التاريخ يعلمنا أن القمع، مهما بلغت وحشيته، لا يمكنه إيقاف شعب مصمم على نيل حريته. المقاومة الإيرانية، بدعمها لإرادة الشعب، ستواصل نضالها حتى إسقاط هذا النظام وإقامة إيران حرة وديمقراطية.