لا أسوأ من أنْ يصاب بعض الأشقاء الفلسطينيين بتلك العقدة التاريخية، التي بقيت تلازمهم، وحيث أنّ بعض الفصائل والتنظيمات الصغيرة الشكلية التي أُخترعت إختراعاً من قبل الذين بقيت أيديهم تمتدُ إلى الساحة الفلسطينية، ومن بين هؤلاء دولٌ عربية وغير عربية كبيرة وصغيرة.. فالمهم أنْ يكون للعديد من العرب والمقصود هو الدول التي تصف نفسها بأنها تقدمية ويسارية.. ولو "مَغزَّ إبرة" كما يقال في ساحة فلسطين.
والمعروف أنّ حركة "فتح" التي كانت لقاءً وطنياًّ فلسطينياً بدون تنظيمات ولا فلسفات ولا نسج تطلعات، لا يسارية ولا ماركسية ولا لينينية، وأيضاً ولا إسلاموية.. وهذا وأنه عندما "تقع الشاة"، كما يقال، يكثر سلّاخوها وتتسابق بعض الدول العربية وبخاصة تلك التي كانت تصف نفسها بأنها يسارية.. وماركسية – لينينية إلى إختراق دوائر الفلسطينيين كلها، وحيث أنّ هذه التنظيمات قد فرضت نفسها من خلال الدول التي تنتمي إليها على منظمة التحرير وعلى الهيئات الفلسطينية كلها فرضاً، وحيث أنّ تنظيماً واحداً بقائدٍ واحدٍ ومعه عددٌ من الذين قد "دسَّتهم" بعض المخابرات العربية في الساحة الفلسطينية.
والمعروف إنه ما كان للثورة الجزائرية العظيمة أنْ تُحقّق ذلك الإنتصار التاريخي الهائل على فرنسا التي كانت تعتبر أكبر دولةٍ إستعماريةٍ في العالم لو أنّ حالها كانت مثل الحالة هذه التي بقينا نراها في الساحة الفلسطينية، وإذْ أنّ ياسر عرفات (أبوعمار)، رحمه الله، كان مضطراً في أيٍ من الإجتماعات الفلسطينية الرئيسية أن يُقبِّل رؤوس العديد من مبعوثي الدول العربية وبخاصة غير الكبيرة ولا الأساسية!!.
لقد كان الشعار في ذلك الحين، والبعض يقول وحتى الآن، أنه ما دام أن قضية فلسطين هي قضية عربية فإنّ البعض كانوا يسعون الى أنه يجب أن تكون منظمة التحرير ويكون المجلس الوطني الفلسطيني.. وكل شيءٍ أسهماً للمخابرات العربية وأيضاً وغير العربية.
وهكذا فإنّه كان على ياسر عرفات (أبو عمار)، رحمه الله، في كل إجتماع فلسطيني وكلِّ مجلسٍ وطنيٍ أنْ يُقبِّل رؤوس "المندوبين" العرب كلهم في كل صباح ومساء وأنه كان يُوزعُ الهيئات القيادية على مندوبي الدول العربية وبخاصة الدول التي تدّعي أنها يسارية، وهكذا فإنه كان يُقبِّلُ رؤوساً متعدّدة وكثيرة خلال كل إجتماع فلسطيني رئيسي.. وبخاصة الإجتماعات الوطنية، وعليه فإنّ بعض العرب قد تساءلوا وبقوا يتساءلون هل يا ترى أنّ ثورة الجزائر العظيمة قد إنتصرت لو أنّ حالها قد كانت على هذه الحالة.. وهذا ينطبق على ثوراتٍ كثيرةٍ من بينها الثورة الفيتنامية والثورة الكوبية!!.