: آخر تحديث

فنلندا بين إدارة المخاطر والتخطيط المستقبلي

31
33
26
مواضيع ذات صلة

لا نبالغ في الجزم أن سياسة عدم الانحياز سواءً في الاصطفافات العسكرية أو التحالفات اللوجستية  التي طالما انتهجها ساسة فنلندا؛ تجنبًا لأي حالة استعداء من جارتها الشرقية (روسيا) التي تشترك معها في حدود بطول 1340 كيلو متر انتهت رسميًا وبمباركة دول حلف الناتو الأوربي، ودعم شعبي في الداخل الفنلندي منقطع النظير لضرورة الانضمام الى الناتو.
في حين يدرك الفنلنديون حجم المخاطر المتوقعة، والوعي بجدية التهديدات المصرح بها من الجانب الروسي في حال أقدمت فنلندا بهذه الخطوة التي تعتبر اشتراك عسكري رسمي ضد روسيا إن كانت فكرة الانضمام تصب في سياسة التوسع العدائية للناتو ضدها.
فالنظرة المختصرة لبعض العواقب حتى الآن لا تخرج بشكل كبير عن سيطرة الحكومة الفنلندية وإدارتها، فمثلًا لا تعد مشكلة قطع صادرات الكهرباء من روسيا لدى الشعب الفنلندي مؤثرة؛ خاصةً في ظل امتلاكهم محطة طاقة نووية ضخمة وطاقة كبيرة للرياح مما يؤهلها للاكتفاء ذاتيًا وربما مصدرًا إضافيًا لها ويعزز ذلك نسبة استيراد فنلندا للطاقة من روسيا لا تتجاوز 10% ويمكن لها تعويض أي عجز على المدى القصير بسهولة من دول البلطيق في حال الحاجة، وهذا ينطبق على أهمية الغاز الروسي الذي هو الآخر يمثل 5% من مزيج الطاقة الذي تحتاجه فنلندا في بعض الصناعات ويقلل هذا الاحتياج العمل المبكر للحكومة الفنلندية مع استونيا في صفقة  شراء سفينة للغاز الطبيعي المسال، ويدعم نظرة استحكام فنلندا لاقتصادها واستقلاله؛ تقليل المصروفات وإعادة إدارة البوصلة المالية الى الداخل الفنلندي فيما يخص تحديث البنية التحتية مثلًا، فقد شرعت الحكومة في إنهاء بعض العقود الجارية الغير مهمة مع روسيا أبرزها إنهاء عقد إيجار قناة (Saimaa). 
من الملفت يقين الساسة الفنلنديون وتوقعهم الصدام مع روسيا على المدى الطويل، وعزز ذلك تمركز القوات الروسية منذ عام 2016 على الشريط الحدودي مع فنلندا بعيدًا عن حال انضمام الأخيرة لحلف الناتو أم لا، وهذه الرؤية الصدامية تتوارد بين أفراد الشعب الفنلندي على سبيل الطرفة بأن العدو قادم من هناك في الإشارة الى حدود فنلندا مع روسيا، وفي مقابل ذلك أبدى وزراء خارجية دول الناتو تشجيعهم لخطوة فنلندا النوعية المعلنة في الانضمام للحلف وانتقالها رسميًا من المنطقة الرمادية مع تقديم الضمانات الأمنية والتعامل الهادئ مع الرفض التركي لهذه الخطوة، ودعا الوزراء الى ضرورة تسريع إجراءات الانضمام الذي من شأنه تشجيع ودفع غيرها من الدول المحاذية لروسيا لاتخاذ نفس الخطوة؛ ما يعزز قوة الناتو في اللجم النهائي للعدوان الروسي المتكررخاصة أن الأخير لن يخاطر بحرب في جبهة أخرى.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في