: آخر تحديث

متى ينتهى الاحتلال الإسرائيلي؟!

86
79
73

في مقالةٍ سابقة تناولت فيها "كيف نُنهى الاحتلال الإسرائيلي؟" وخلصنا بمنظومةٍ متكاملة من المقاربات، لا يمكن الإعتماد على مقاربةٍ واحدة مع تأجيل المقاربات والخيارات الأخرى. فهذه الإستراتيجية ثبت فشلها مع خيار التفاوض. 
ففي قضية بحجم القضية الفلسطينية بكل مكوناتها، لا بد من حزمة متكاملة من المقاربات، كل واحدة تدعم الأخرى. 

والإجابة على هذا السؤال تجيب على سؤال مقالتنا اليوم: متى نرى إسرائيل ترحل وتنسحب من الأراضى الفلسطينية ويتم الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية؟
الإجابه قد تبدو صعبة، لكن القاعدة العامة في كل حركات التحرر في العالم، لا يوجد إحتلال دائم، ولا يوجد شعب يقبل بالإحتلال إلى الأبد، وخصوصاً كالشعب الفلسطيني الذي يملك قدرات وعناصر قوة كثيرة.

وكما رحلت الولايات المتحدة من أفغانستان بعد عشرين عاماً من الاحتلال العسكري من قبل أقوى دولة في العالم مع خسائر مالية تجاوزت التريليون دولار وآلاف القتلى بفعل مقاومة الشعب الأفغاني، وبصرف النظر عن الموقف من طالبان وسياساتها. لكن إرادة الشعوب التي رأيناها في نماذجٍ كثيرة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، قد أجبرت أكبر القوى الإستعمارية بريطانيا وفرنسا والبرتغال وإسبابنا وغيرها على الرحيل. 

هذا قانون حتمية النضال والتحرر الوطني. وملخصه في كلماتٍ بسيطه أنه لا يوجد شعب مهما كان ضعفه يقبل ان يعيش تحت إحتلال شعبٍ آخر.
وإسرائيل ليست مستثناة من ذلك. فحتما سترحل إسرائيل من الأراضى الفلسطينية، كما رحلت من غزة بفعل المقاومة. وغزة الصورة الصغرى للصورة الفلسطينية الكبرى.
اليوم إسرائيل مستمرة في إحتلالها لأراضي الدولة الفلسطينية في الضفةِ الغربية، وما زالت تمارس حصارها لغزة التي شهدت أربعة حروب في أقل من عقدين، وبقيت إرادة الشعب الأقوى.
والشعب الفلسطيني في كل مدن الضفة الغربية يمارس رفضه ومقاومته للإحتلال. والقدس الشرقية والشيخ جراح أنموذجاً قوياً برفض الإحتلال الإسرائيلي. 
وهنا نحن أمام نموذجٍ مختلف عن النماذج الإحتلالية الأخرى. كما ذكرنا أن القوى المحتلة جاءت من الخارج في صورة قوتها العسكرية.
أما في النموذج الإسرائيلي، فالصورة مختلفة، لأن الإحتلال من الداخل، وألأرض كلها واحدة ومتكاملة، وقد تكون غير قابلة للإنقسام. 

إسرائيل لا تعترف أنها دولة إحتلال، وتقيم المستوطنات وتزرعها في قلب الأرض الفلسطينية. واليوم هذه المستوطنات تبتلع أكثر من نصف أراضي الضفة الغربية، ويتواجد بداخلها ما يقارب المليون مستوطن. وهذا يزيد من حجم التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني، ولا تعترف ان هناك شعب تحت الاحتلال، وتتعامل مع الشعب الفلسطينيى كعددٍ سكاني له إحتياجات إقتصادية وبعض الحقوق الإجتماعية، ولا تعترف له بالحقوق السياسية. 
ومن ناحية أخرى تقيم الحواجز العسكرية بين المدن الفلسطينية وتمارس أقصى درجات إمتهان الكرامة الوطنية للمواطن الفلسطيني. 

هذه الصورة من الاحتلال أشدّ من كل صور الإحتلال التي عانت منها شعوب العالم الثالث، وأكثرها خطورةً. 
هذا النموذج من الاحتلال سيفجّر كل مقومات الرفض الفلسطينية، ولنا في نموذج الأسرى الست الذين حطموا أسوار السجن العالية والمتجذره أرضا بآلاتٍ بسيطة ليخرجوا من سجنهم وحتى ولو لأيامٍ قليلة. لكن العبرة في الدلالة أن الشعب الفلسطيني لن يقبل أن يستمر تحت الاحتلال، وسيكسر كل القيود ويسترجع أرضه ليعيش بكرامة كأي شعبٍ آخر.

والشعب الفلسطينى يملك كل القوة الشاملة، ويملك قوة الإرادة والصمود والتحدي،..
وهذا ليس كلاماً تنظيرياً. فمنذ ان احتلت إسرائيل الأرض الفلسطينية عام 1967 والشعب الفلسطيني يعبّر عن رفضه بإنتفاضتين كبيرتين. وإستمرت كل صور المقاومة كما نراها في بيتا نابلس وفي الخليل وجنين ورام والله والقدس وكل المدن الفلسطينية.
المقاومة مستمرة وخصوصاً في شكلها السلمي والشعبي. لكن هذه المقاومة تحتاج لمزيدٍ من التفعيل على الأرض، كما تحتاج لإبراز الجانب العنصري الإضطهادي الذي تمارسه إسرائيل. 


ويبقى السؤال متى يرحل ومتى ينتهى الاحتلال؟ قد تصعب الإجابة المحددة، لكن لا يمكن أن يبقى الاحتلال إلى الأبد. 
وهذا يتطلب إنتفاضةً سلميةً شاملة مدعومة بتفعيل كل الخيارات الأخرى بالذهاب إلى المحاكم الدولية ومحاكمة الاحتلال كمجرم حرب، وبتفعيل قرارات الشرعية الدولية والمسؤولية الدولية، وبإستنهاض البعد العربي وتحميل الدول العربية مسؤولياتها، وخصوصاً تلك التي لها علاقات سلام.

..وقبل كل هذا بإنهاء الإنقسام وإعادة بناء مؤسسات الدولة تحت الاحتلال وببناء النظام السياسي التوافقي وتجديد الشرعية السياسية، وصياغة رؤيتها الوطنية للمرحلة الإنتقالية. والعمل على جعل فلسطين قضية مجتمع، وشعوب العالم كما هي قضية دول، وأمن وإستقرار عالمي.
ولتدرك إسرائيل.. لا أمن وبقاء وسلام إلا مع الشعب الفلسطيني، وبإنهاء إحتلالها والبحث بعد ذلك عن صيغ للتعايش السلمي.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي