الوسط العلمي في مجال علم الأكوان الكوسمولوجيا يجهد لإثبات صحة النموذج الكوني أو الكوسمولوجي البديل للنموذج التضخمي الذي طرح في سنوات الثمانيات من القرن الماضي، رغم كثرة المعطيات والمشاهدات التي أثبتت حقيقة حدوثه، لا سيما بعد انتهاء مهمة التلسكوب الفضائي المتطور بلانك الذي أطلق لهذا الغرض ولمهمات أخرى إضافية كوضع خارطة عالية الدقة للسماء أو الفضاء وعلى نحو مجسم، ويطرح الوسط العلمي اليوم فرضية لا تقل غرابة عن فرضية التضخم تقول بأن الكون المرئي قد شهد، في مراحل سابقة لولادته، عبر حدث الانفجار العظيم،، فترات متتالية، دورية وتعاقبية وتبادلية، بمعنى آخر أن الكون المرئي كان موجوداً قبل الانفجار العظيم، وفي نهاية دورته السابقة وصل إلى حدوده التطورية والتوسعية القصوى ثم بدأ بالارتداد والانكماش على نفسه إلى أن وصل إلى نقطة الفرادة التي تجاوزت فيها مادة الكون حدودها القصوى من الكثافة والسخونة أدت إلى وقوع الانفجار العظيم وتوسعه المفاجيء الذي عرف بالتضخم الكوني العظيم والفوري، ومن ثم استمراره بالتمدد والتوسع، حيث نعيش اليوم في وسط مرحلة تطوره الحالي، ومن ثم سيعيد الكرة مرة أخرى. فالتضخم هو الصيغة أو النموذج المعياري الذي يستند عليه علم الكونيات المعاصر بعد أن تم اقتراحه كتطوير لنظرية البغ بانغ أو الانفجار العظيم، وللخروج من المآزق النظري الذي وصلت إليه تلك النظرية وتفاقم المفارقات فيها، فجاءت فرضية التضخم الكوني الكبير لإنقاذ النظرية وتدعيمها. وكعادة العلماء بدءوا بإخضاع هذه الفرضية للاختبارات والتجارب ومعرفة مدى توافقها مع نتائج الرصد والمشاهدة. فلقد سجلت أجهزة تلسكوب أو مرصد بلانك الفضائي قياسات وحسابات لم يسبقها مثيل بخصوص توزع الحرارة في صورة الأشعة الخلفية المكروية الأحفورية المنتشرة للكون. وثبت لنا من خلال التحليل العلمي العميق لتلك النتائج أن البنيات والهيكليات الكبرى التي نعيش فيها داخل هذا الكون كانت قد نجمت بالفعل عن تغييرات طفيفة، يستحيل تفاديها في الميكانيك الكمومي أو الكوانتي، والتي أنتجها الفراغ الكمومي او الكوانتي. والافتراض المقبول من قبل أغلبية العلماء بهذا الصدد هو أن تلك التغيرات قد اكتسبت بعداً وحجماً كوسمولوجياً في أعقاب التضخم الكبير واستمرار التوسع المتسارع، والتساؤل هو لماذا البحث عن بدائل ونماذج أخرى إذا كان هذا النموذج مقبولاً؟ لأنه في العلم لا يوجد شيء ثابت وقطعي ومطلق ونهائي. فمن الناحية المعرفية المحضة، حتى لو كانت النظرية العلمية تفسر كل المعطيات الحالية المتوفرة، فهي ليست بالضرورة حقيقية وصحيحة. فالقياسات والحسابات وحدها لا تكفي لتبني درجة مطلقة من الثقة بقدرتها على وصف الطبيعة على نحو أكمل. فكيف نعرف أنها قادرة كذلك على وصف وشرح وتفسير المعطيات والمستجدات المستقبلية التي سوف نكتشفها إن آجلاً أم عاجلاً؟ لقد اقترح العالم الفيزيائي كارل بوبر في كتابه " منطق الاكتشاف العلمي Logique de la découverte scientifique الصادر سنة 1934، معيار أساسي سمي بمعيار الدحض le critère de réfutabilité يقول:" إذا سمح المنطق بوجود معطيات من المشاهدات énoncés d’observations، تكون مناقضة لمعطيات النظرية، فمعنى ذلك أنه يمكن دحضها لو تبين أنها صحيحة " لأن العلم يستند إلى هذه المسلمة أو هذا المبدأ. بتعبير أوضح، إذا كان من الوهم الاعتقاد بإمكانية إثبات صدقية وصحة نظرية علمية فمن الممكن إيجاد مشاهدات يمكنها أن تدحضها des observations qui l’ infirmeraient، فالباحث العلمي الحقيقي هو الذي لا يريد بأي ثمن أن يثبت أنه على حق أوعلى صواب، بل هو الذي يفكر على العكس ويبحث باستمرار عن السبل والوسائل ليثبت أنه كان مخطئاً، وعندما لا يعثر على ذلك ستثبت نظريته صحتها بنفسها شاء أم أبى.
من هذا المنظور يقوم علماء الفلك والكونيات بالبحث عن نظريات بديلة لتلك التي رسخت نفسها وفرضت وجودها وأثبتت نجاعتها وفعاليتها. وهي لا تتكهن بنفس التداعيات أو النتائج النظرية النموذجية أو المعيارية بل تلهم الكثير بالتحدي وإجراء المزيد من التجارب الجديدة. ولكن ما ذا سيحدث لو إن نظريتين مختلفتين كلياً تقودان إلى نفس النتائج تماماً؟ لقد سبق لمثل هذا الوضع أن نتج وكان من المستحيل إجراء اختيار بينهما. ففي سنوات العشرينات من القرن العشرين، على سبيل المثال، تنبأت نظريتا الميكانيك التموجي la mécanique ondulaire، لشرودينغر Schrodinger، وميكانيك المصفوفة la mécanique matricelle لهايزنبرغ بنفس النتائج للتجارب التي أجريت في نطاق الميكانيك الكمومي أو الكوانتي la mécanique quantique. عندها قيل آنذاك أن هناك صيغتين أو مقاربتين مختلفتين لنفس النظرية. فغالباً ما يكون إعداد وصياغة وتطوير نظرية بديلة، بمثابة طريقة جيدة لاكتشاف وتشخيص محدودية النظرية المفضلة أو السائدة خاصة عندما يتضح بجلاء أن النظريتان متعادلتان وبالتالي يغدو من المجدي فهم الأولى بمنظار آخر أو من زاوية أخرى، بفضل آليات ومنهجية النظرية الثانية المعادلة أو المساوية لها بالقيمة العلمية لكنها الأقل شهرة. وفي حالة العكس فسوف يتوفر لدينا نوعين من التوقعات أو التكهنات والتنبؤات، ولن يبق أمامنا سوى انتظار نتائج تجارب جديدة بقدر الإمكان لإزالة الإلتباس والغموض القائم، بعد إزالة واستبعاد كافة الاحتمالات المستحيلة أو غير الممكنة أو التي تطرح مشاكل وتحديات جديدة مستعصية، وبالتالي فإن الفرضية الباقية، حتى وإن كانت غير محتملة، هي التي ستكون جيدة وصالحة. فنموذج التضخم paradigme de l'inflation يحل إشكالات النموذج الكوسمولوجي المعياري، خاصة بغياب وسائل أخرى لحلها، لكن ذلك لا يجعل من هذا الافتراض هو الحقيقة المطلقة الواقعة والفعلية ولا يوجد غيرها.
أشهر بديل لفرضية التضخم الكبير البدئي الذي حدث مباشرة بعد الانفجار العظيم هو فرضية أخرى تقول بأن الكون المرئي، قبل انبثاقه الحالي، كان في حالة تقلص وانكماش قصوى أو ما يعرف بالإنكماش الكبير la grand contraction وبالإنجليزية يعرف بإسم Le Big Crunch، حيث حصلت عملية ارتداد كبرى عن بلوغ الكون المرئي الحدود الحرجة في توسعه فإنهار على نفسه وعاد إلى نقطة الفرادة الكونية الأولى ليعود ويتوسع من جديد في عملية دورانية تعاقبية، لأنه إذا ما قبلنا فكرة أن الكون يتوسع، وشهد عملية تضخم، فهذا يعني أنه كان في الماضي السحيق أصغر بكثير. وبالعودة إلى الوراء بمساعدة معادلات نسبية آينشتين العامة، سوف نكتشف أن الكون وما فيه من مادة وطاقة ومحتوى قد بدأ بحجم صفر أو مايقارب الصفر وهي نقطة التفرد الكوني والتي عرفت بالفرادة الكونية la singularité الأصلية ولكن لا يوجد معنى فيزيائي مفهوم لحجم معدوم في الكون أي حجم أو حيز مكاني فارغ taille nulle، لأن ذلك سيعني أن الطاقة فيه لانهائية من هنا فإن تقديراتنا وحساباتنا وفرضياتنا العلمية تعكس عجزنا، فإذا دل ذلك على شيء، فإنه يدل على جهلنا المطبق لحقيقة الأمر. فنحن لا نفهم ما حصل بالضبط لأننا نفتقد لنظرية الثقالة الكمومية أو الكوانتية أو الجاذبية الكمومية la gravité quantique، اللازمة والضرورية للتعاطي مع هذه المعضلة ودراسة الظواهر الثقالية في المستوى الأقصى للطاقة. هناك فرضية أخرى تقول بأننا يمكن أن نتخيل بأن المادة المكونة للكون المرئي كانت في حقبتها البدئية ذات ماهية تختلف كلياً عنها في الوقت الحاضر، والتي نقيسها وندرسها وبالتالي يمكن للجاذبية حينئذ أن تكون نافرة أو طاردة ودافعة وليست جاذبة répulsive، لكي تمنع حدوث الفرادة وتتسبب في عملية الارتداد وإحداث القفزة الكونية rebond، ومن محاسن هذه الفرضية والنموذج الناجم عنها أنها تنهي مشكلة الفرادة لأنها تلغي وجودها. ولكن مالعمل مع باقي المشاكل التي حلها نموذج التضخم؟ أهم هذه المشاكل كما ذكرنا سابقاً هو " الأفق الكوني l'horizon، والمقصود به الحدود القصوى للكون المرئي فلا يمكننا رؤية أجسام فضائية كونية إلا إذا كانت المسافة التي تفصلها عنها يقطعها الضوء ليصل إلينا بصورها وبالتالي إشعاعات تلك الأجسام الأولية التي نشأت منذ ولادة الكون والمحددة من قبل النموذج المعياري بنقطة الفرادة الكونية وهذا الحد القسري أو هذا القيد يترجم من الناحية الرياضياتية بزاوية قائمة قصوى angle maximum على سطح الكرة السماوية لانستطيع، فيما يتعداها، رؤية الارتباط corrélation القائم عند التدقيق في الأشعة الكونية الخلفية الأحفورية الميكروية للكون المرئي التي أعطاها لنا تلسكوب بلانك الفضائي، وسوف نلاحظ أن مثل هذه الارتباطات بين مسافات الزوايا هي أعلى من الحد المعروف، وهو الأمر الذي يبقى لغزا غير قابل للتفسير ويطرح مشكلة هي تلك التي نسميها بمشكلة أو معضلة الأفق، لذا فإن نموذج الارتداد rebond يلغي على نحو آلي أوتوماتيكي هذه الفرادة أي مشكلة الأفق ففي هذا النموذج نجد أن كل الأشياء ذات أصل واحد أو نفس الأصل، لأنه بغياب اللحظة صفر يمكننا أن نعود القهقري بعيداً في الزمن ونتأكد من توافق مشاهداتنا من نموذجنا النظري.
من المعضلات التي تثير المفارقة والغرابة هناك ما يتعلق بشكل الكون، فالنسبية العامة تقول أنه محدب أو منحني والمشاهدات تقول إنه مسطح أو شبه مسطح فالقياسات رباعية الأبعاد أي المجسمة تقول أن تقريباً شبه معدوم pratiquement nulle، وفي كون يبدو وكأنه مسطح ومنبسط فإن كثافة الطاقة التي يحتويها هذا الكون تمتلك قيمة مرتبطة كلياً بسرعة التوسع وهي التي نسميها بالكثافة الحرجة la densité critique. والحال أنه في كون في حالة توسع فإن الطاقة، وإن كانت مختلفة بالأساس على نحو طفيف، سوف تأخذ وبسرعة قيم متباعدة أكثر فأكثر على النقيض مما تعطيه لنا مشاهداتنا، وهذه هي مشكلة التسطح la platitude، وعلى العكس، في حالة مرحلة التقلص والإنكماش contraction حيث تحاول التقريب بين كثافة الطاقة وقيمتها الحرجة، فالتوسع يبتعد عن التسطح، والتقلص يقترب منه. ويكفي أن نتخيل أن الزمن الذي تدفق منذ بداية التوسع يكون قصيراً أمام مدة الإنكماش والتقلص و لا شيء يمنع من أن يكون لهذا الزمن مدة لا متناهية، أي أن الإنكماش يستغرق وقتاً زمنياً لامتناهياً للوصول إلى كون مسطح مما يحل المشكلة أو المعضلة المتعلقة بشكل الكون المرئي. وأخيراً وليس آخراً، هناك معضلة توحد الخواص isotropie، فكوننا المرئي يبدو ظاهرياً موحد الخواص أي أننا نلحظ ونرى خصائص إحصائية statistiques ثابتة كتوزع الضوء والمادة التي تبدو هي هي ذاتها من أي زاوية أو إتجاه نظرنا إليها أو قسناها. والحال أنه لاشيء يثبت أو يضمن أن هذا هو واقع الحال في أي كون كان على وجه العموم، والأهم من ذلك هو أن الاختلافات التي تبدو ضعيفة الآن في كون هو حقاً موحد الخصائص والذي يجب أن يسود كل هذه الديناميكية عند الاقتراب من الفرادة الأولية الأصلية وينطوي على ذلك سلوك فوضوي مضطرب comportement chaotique، فمختلف الاتجاهات تتحول على نحو عشوائي من التمدد و التوسع إلى التقلص والإنكماش، وهذا يعني أنه ما كان يمكن لكوننا أن ينبثق ويظهر من مثل هذه الحالة غير المستقرة أو المضطربة. وفي حالة الارتداد rébond فالوضع أسوء وأخطر، لأن فترة التقلص والإنكماش سوف تفاقم المشاكل والمعضلات والتحديات وبالتالي ينبغي اللجوء إلى مرحلة جديد من التقلص تكون أبطأ بكثير لتجعل الكون المتولد متجانساً ومتوحد الخصائص isotropie بما فيه الكفاية قبل بدء عملية التوسع، وقد وصفت هذه الحال بتعجل بأنها الـإكبيروتيك ekpyrotique وهو مصطلح مأخوذ عن الإغريقية ekpyrisis و يعني الاحتضان embrassement وهي إشارة مرجعية إلى الرؤية التعاقبية الدورية أو الحلقية للكون عند الفلاسفة الإغريق الـمتحملون stoïciens، كما ذكرنا في القسم الأول من هذه الدراسة.
السائل الغريب Fluide exotique:
إن مفهوم الارتداد يطرح بحد ذاته مشاكل عويصة فكما نعرف في الفيزياء المدروسة في المناهج الجامعية استناداً إلى النظريات القائمة والسائدة، فإن المادة الموجودة في الكون المرئي في الوقت الحاضر تقود بلا رجعة irrémédiablement، إلى فرادة يكرهها العلماء، كلما توغلنا بعيداً في الماضي. وهذا يعني، أننا إذا شئنا توليد حالة ارتداد يتوجب علينا اللجوء إلى مادة غريبة في ماهيتها exotique كي نتفادى الفرادة. أو بعبارة أخرى علينا العثور على شيء ما كي يجعل الطاقة سالبة، ولكن ينجم عن ذلك في نفس الوقت هموم وعقبات أخرى إذ أن مثل هذه المادة الغريبة تكون غير مستقرة على نحو عنيف، وبالتالي لا بد من إجراء مقاربة مختلفة نوعاً ما، كالميل نحو وجود سائل غريب Fluide exotique، يعرف بالمكثف الوهمي أو الشبحي condensat fantôme، والذي يمكن أن تكون فيه الطاقة سالبة، خلال فترة زمنية غاية في القصر لكي لا يترك الوقت الكافي للاضطرابات وعدم الاستقرار instabilités أن يندلع، ولكن ما يكفي من الوقت اللازم للارتداد أن يحدث. بعبارة أخرى، كما في حالة نموذج التضخم، يتعين علينا أن نفترض وجود حقل عددي أو رقمي champ scalaire، ذو خصائص فريدة كي تتاح الفرصة لحدوث الارتداد. قد تبدو هذه المقاربة أو هذا الحل خاص جداً إلا أن هذا السائل المفترض وجوده هو ذاته، الذي سيكون المسئول عن مرحلة الاحتضان أو الإكبيروتيكـ ekpyrotique، يكفي أن نضفي عليه بعض الخصائص التكميلية المحسوبة بدقة متناهية.
وفي سياق هذه الفكرة ذاتها، علينا أن ننتبه لوجود بعض المخاطرة في أن يغدو الكون المرئي، أثناء مخاضه وتقلصه أو إنكماشه، أقل تجانساً وغير موحد الخصائص، مما يقود إلى حالة من عدم الاستقرار كذلك. ويمكننا التخلص، ولو نظرياً على الأقل، من هذا الإشكال وهذه الصعوبات باللجوء إلى الميكانيكا hلاحتضاني، أو الآلية الإكبيروتيكية mécanisme ekpyrotique، لكنها حالة لاتدوم طويلاً أو إلى الأبد، وخلال الفترة التي يتقلص فيها الكون ويثب أو يرتد rebondit حقاً يصبح خطراً من جديد حيال وضع عدم الاستقرار، ولتفادي ذلك يجب أن نقوم بتعديلات جوهرية في الشروط التأسيسية أو البدئية وهذا أمر غير ميسر أو غير ممكن. وفي حالة حدوث ارتداد نعتقد أن التقلبات أو الاهتزازات الأصلية الناجمة عن الفراغ الكمومي أو الكوانتي سوف تنتج تقريباً بنفس الطريقة التي تحدث فيها في حالة النموذج التضخمي ومن ثم تنقل إلى ذاكرة الكون المرئي الوليدة بدون تعديلات جوهرية، إن لم يكن هناك توسيع أو تضخيم amplification يسمح بحصول تنامي إلى الحد الذي يؤدي إلى تشكل البنى والهيكليات الهندسية التي نرصدها ونشاهدها اليوم في الكون المرئي.
مهما كان خيارنا، علينا أن نأخذ بالاعتبار مسألتين، الأولى تتعلق بحالة البنيات أو الهيكيليات الكونية التي يمكن أن يكون تناميها مهولاً خلال فترة أو مرحلة التقلص أو الإنكماش. والثانية تتعلق بالجاذبية أو الثقالة التي تكون جاذبة، ولو انهار الكون على نفسه في نفس الوقت الذي تحدث فيه حالة من عدم التجانس inhomogénéités، فهناك خطورة من احتمالية تكون أجسام فضائية مهولة من نوع الثقوب السوداء الضخمة والكثيفة جداً قبل حصول الإنكماش أو الارتداد، والحال أن دراسة وتحليل الأشعة الكونية الخلفية ألأحفورية الميكروية المنتشرة لا تكشف عن وجود آثار لمثل هذه الظواهر أو البنيات والهيكيليات structures. وهذا ما يجعل من الصعب التوفيق بين معطيات نموذج الارتداد والانكماش مع المشاهدات، إلى جانب عدم ضمان عدم وقوع أحداث غير متوقعة وغير مرغوبة نجهلها في الوقت الحاضر عند وقوع عملية الانتكاس أو الارتداد. فالعديد من نماذج الارتداد تتوقع حدوث كارثة كونية في لحظة حدوث الارتداد، وغيرها لا تتوقع أو تتنبأ بشيء ملموس سوى العدم أو العودة إلى نقطة البداية أي الفرادة. لابد من عرض أمثلة لنماذج كونية أو كوسمولوجية مبنية كلياً على نظرية الثقالة أو الجاذبية الكمومية أو الكوانتية la gravité quantique، الغائبة في الوقت الحاضر، والتي لا نعرفها بعد لكننا نعرف بعض الخصائص التي يجب أن تتوفر فيها وتميزها، مثل النظرية الحلقية أو الدورانية والتعاقبية la théorie à boucles، ونظرية الأوتار الفائقة la théorie de supercordes، أو مقاربات أخرى أكثر غرابة وتعقيداً، كنظرية الأكوان المتعددة أو نظرية تعدد الأكوان la théorie de Multivers ونظرية الأكوان المتوازية la théorie des univers parallèles، أو نظرية النموذج المشوه théorie de modèle anamorphique. وبعضها يقوم بعملية جميع بين عدة نظريات والتوفيق فيمابينها.
يتبع
[email protected]