سلطان ابراهيم الخلف
في كل عام تمنح جوائز نوبل لكل من يقدّم خدمة للبشرية في ميادين الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام. الوحيدة من بين تلك الجوائز، هي جائزة نوبل للسلام التي يدور حولها لغط كبير، بعد أن فقدت أهدافها الإنسانية النبيلة، وتحوّلت إلى ألعوبة، تتدخل فيها الأهواء السياسية، والمصالح الضيقة، في حسم اختيار المرشح لها، ما يجعلها أقل أهمية من الجوائز الأخرى، التي تحكمها شروط ومعايير علمية دقيقة.
فقد حاز رئيس الوزراء السابق للكيان الصهيوني الإرهابي مناحيم بيغن، جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الرئيس أنور السادات، عام 1979، مع علم لجنة الترشيح بأن بيغن، كان زعيم عصابات منظمة «أرغون» الإرهابية التي ارتكبت مجزرة دير ياسين حيث قتلت 360 فلسطينياً، وشرّدت الفلسطينيين من ديارهم.
كما أنه وراء اغتيال ممثل الأمم المتحدة الكونت برنادوت، عام 1948، ووصفت الحكومة البريطانية حينها البولندي مناحيم بيغن، بأنه «زعيم التنظيم الإرهابي أرغون».
بذلك تكون جائزة نوبل للسلام محاولة سخيفة، لتبييض سجل الإرهابي بيغن، وتصويره على أنه من صانعي السلام في العالم.
في العام 2014، وفي عمر 17 عاماً، حازت الفتاة الباكستانية ملالا يوسفزاي، جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الناشط الهندي كايلاش ساتيارثي، وكان حصولها على الجائزة بدوافع سياسية خبيثة، حيث استُغلّت الفتاة إعلامياً في الهجوم على «طالبان باكستان»، وتعرّضت لمحاولة اغتيال من قبل الجماعة، بعد نشر إذاعة «بي بي سي» البريطانية مدوّنة لها تهاجم فيها الجماعة، وتنتقدها بطريقة استفزازية، من دون أن تعلم الفتاة المسكينة أنهم يستغلونها، ويعرّضون حياتها للخطر، لأغراض سياسية خارجية، في الوقت الذي كانت فيه أفغانستان تحت الاحتلال الأميركي، والصراع على أشده بين «طالبان» وقوات التحالف بزعامة الأميركيين.
وقد ينتابك الذهول، وأنت تشاهد الإرهابي البولندي نتنياهو، وهو يسلّم الرئيس الأميركي ترامب ظرفاً يتضمن كتاب ترشيح منه لنيل جائزة نوبل للسلام، على أنقاض غزة، ودماء أبنائها التي سفكها على كل ذرة من ترابها.
ولعل جائزة نوبل للسلام للعام الحالي 2025 لم تذهب بعيداً، بعد أن خسرها الرئيس ترامب، فقد نالتها المعارضة اليمينية الفنزويلية مارينا كورينا ماتشادو، المدعومة من نتنياهو وترامب، وكانت عبّرت في مكالمة هاتفية مباشرة مع الإرهابي نتنياهو عن دعمها لحرب الإبادة التي يشنها على غزة، وهنأها الإرهابي نتنياهو، على فوزها بالجائزة، وعلى جهودها في تعزيز الديموقراطية والسلام!
المعروف أن «عقرب السلام» مارينا ماتشادو، من أشد المناصرين لمواصلة العقوبات الأميركية على بلدها فنزويلا، والتي تسببت بتجويع الشعب، وتدمير اقتصاده، وهي تطالب بتدخل عسكري أميركي، وهو ما يحدث حالياً، من أجل القضاء على النظام الحالي، وتنصيبها رئيساً لفنزويلا بدلاً من الرئيس الحالي مادورو، رغم ما يسببه ذلك من خراب لفنزويلا، لا يختلف عما سببه من خراب للعراق.
خطأ ألفرد نوبل، أنه لم يخطر على باله أن جائزته للسلام ستستغل لأغراض سياسية شريرة، في عالم تحكمه قوى الشر، ولو علم بذلك، ربما قام على الفور بإلغاء جائزته للسلام من دون تردّد.

