: آخر تحديث

خالد منتصر.. دكتور العقول

0
0
0

يعتبر الدكتور خالد منتصر، الذي أغلق عيادته، وتفرَّغ لمهمة أكثر قدسيةً، أحد أفضل المتصدين للعقليات المتحجرة التي تسيطر على مختلف المنابر الدينية والإعلامية في مصر.

بسبب قوة منطقه ووضوح حججه، ونجاحه في إسكات الكثير من الأصوات المخربة والمزمجرة، والشديدة التخلف، تصدى له أخيراً داعية «مودرن»، وطلب منه ترك الحديث في الدين والتفرغ لوظيفته الطبية في العيادة، فجاء رد الدكتور منتصر كالتالي، بتصرف: يطلب مني «فضيلة الشيخ المبجل» التفرغ للطب، متناسياً أنه لم يتفرغ هو نفسه ولا أي رجل دين في مصر لمهامهم الدينية المعروفة، بل أصبحوا يملؤون فضاء الإعلام، ويفتون في كل أمر، فوصلوا لفقه الفضاء، وأفتوا في الفلك والطب والفيزياء والرياضة والأزياء وعلوم الوراثة، وحتى الصرف الصحي، دون مبالغة، وأطفال الأنابيب، بخلاف حكم نكاح البهيمة والرضيعة والحمل المستكن.

ويستطرد الدكتور منتصر بأنه يطمئن الشيخ، وأتباعه، بأنه أغلق عيادته للأمراض الجلدية منذ أكثر من ٣ سنوات، وتفرغ للتصدي لإثارة الأسئلة وتنوير العقول ونشر الفكر العلمي ومحاربة الخرافات والتجارة بالمرضى «الغلابة» ومحاولة رفع ضغط بعض رجال الدين، أو «سماسرة السماء»، كما يسميهم، وهو عنوان لواحد من أشهر كتبه. ويزيد قائلاً بأنه اكتشف أن شفاء الملايين من مرضى العقول أصبح أهم لديه من شفاء عشرة أو مئة من مرضى الجلد. وإنقاذ عقل الوطن أهم من إنقاذ جلد البدن، وإن ألف طبيب بإمكانهم معالجة مرضى الجلد بطريقة أفضل منه، لكن مثقفين كثيرين تقاعسوا عن دورهم في تنوير العقول والتصدي لهجمة الجهل، ومناقشة الفكر الديني، خوفاً من قلة الشعبية ونقص الجماهيرية ورعباً من الخروج من دفء القطيع. كما طمأن د. منتصر الجميع بأنه، منذ أن أغلق عيادته، قبل ثلاث سنوات، كتب رواية ستكشف وتعري التيار المتأسلم وكل هؤلاء السماسرة، وأنه سيستمر في أن يكون مصدر صداع مزمن لكل سمسارة الدين وتجار الخرافة، إلى أن يتسلم الراية منه من هو أفضل منه من الشباب الذي صاروا بالآلاف، وأصبحوا يقضّون مضاجع أصحاب بوتيكات الخرافة ويهدمون حصون ملاك بازارات تغييب العقل باسم السماء. ورداً على الطلب أو الأسطوانة المشروخة المتعلقة بالطلب من غير رجال الدين التفرغ لأبحاثهم في الطب، فهل يعني ذلك أن لو الكبار مجدي يعقوب، ومحمد غنيم وأبوالغار، كتبوا الانتقادات التي يكتبها، هل كانوا يقبلونها منهم، ويقومون بتنفيذها، لأنهم متفرغون تماماً للأبحاث؟!

اللعبة مكشوفة، فأغلب رجال الدين يريدون الساحة خالية لهم، ولعبتهم مكشوفة ومفقوسة، والقصة باختصار أن ما أصبح يكتبه أخذ يوجعهم، ولا يعرفون كيف يواجهونه ويردون عليه، وبالتالي اختاروا، كالعادة، طرقهم المعهودة، بالتكفير والشتم والسباب.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد