: آخر تحديث

ما بعد تسليم الرهائن

2
2
2

خالد بن حمد المالك

تسلَّم الإسرائيليون رهائنهم وفقاً للاتفاق بين حماس وإسرائيل، وتطبيقاً لخطة ترمب للسلام، وليس عن طريق الحرب، ولا باللجوء إلى الضغط، وكان يمكن إطلاق سراحهم في بداية الحرب منذ سنتين وليس الآن، غير أن إسرائيل كانت ترى أن لها مصلحة في اللجوء إلى الحرب، وقتل المزيد من الفلسطينيين، وتحويل قطاع غزة إلى مكان غير صالح للحياة.

* *

مع أن إصرار إسرائيل على الحرب عرَّض بعض الرهائن إلى الموت، وعاش الأحياء منهم في أيام صعبة، كانوا خلالها في أجواء الموت، بينما كانت صواريخ دولتهم على أبواب الأنفاق التي كادت أن تُعرِّضهم للفناء، لولا أن حماس كان لها مصلحة في إبقائهم أحياء، للمساومة عليهم، فكان أن وضعتهم في أماكن آمنة.

* *

كان هناك اتفاق مبكر على تبادل الأسرى، ولكن على مراحل، التزم الطرفان بتنفيذ المرحلة الأولى، وبدأ التسليم من الجانبين وفق ما تم الاتفاق عليه، غير أن إسرائيل ما لبثت أن تمرَّدت على الاتفاق، وأوقفت من جانب واحد تنفيذ المراحل المتبقية، إلا بشروط جديدة مذلة ومخالفة لما تم الاتفاق عليه، وهو ما رفضته حماس.

* *

وجاءت خطة ترمب لتنقذ حياة ما تبقى من الرهائن الأحياء من موت محقق إذا ما استمر عدوان إسرائيل، وسط ضغط شعبي هائل في إسرائيل لإجبار نتنياهو وحكومته الصهيونية المتطرفة على إيقاف القتال بأي ثمن، وهو مطلب تبناه الرئيس الأمريكي لحفظ ماء وجه نتنياهو -على ما أعتقد- وهو الصديق والحليف الذي لا يريد له ترمب أن يسقط في بركان الغضب الشعبي في إسرائيل.

* *

لكن ماذا بعد تسلُّم إسرائيل لرهائنها، وتوقف الهدير الشعبي في المدن الإسرائيلية ضد سياسة حكومة نتنياهو المتطرفة، وتم تجريد الفصائل من سلاحها، هل ستكون إسرائيل مستعدة لفتح صفحة بيضاء لعلاقات متوازنة بين فلسطين وإسرائيل، تقوم على قبول إسرائيل بدولة فلسطينية مجاورة لها، والتحرُّر من غلاة الإرهابيين في إسرائيل الذين يرون أن قيام دولة فلسطينية، إنما هو للقضاء على الوجود الإسرائيلي بالمنطقة.

* *

لا نريد أن نسبق الأحداث المتوقعة، ونسيء الظن بخطة ترمب، وفي المقابل لا يمكن أن ننسى تاريخ إسرائيل في عدم التزامها بما كانت وافقت عليه بعد أن تكون قد استفادت من الجوانب التي تخدمها، غير أننا نؤمل أن تكون هذه الخطة نهاية لسياسة المكر والخداع والتهرّب التي ألفناها من إسرائيل، فتكون من الآن ملتزمة بما لها وما عليها، لضمان أمنها وأمن بقية دول المنطقة.

* *

هذه فرصة تاريخية للجميع، ولا بد من التمسك بها واستثمارها، وعدم عرقلتها، وتجنب المساس بها، فيكفي ما عانته منطقتنا من الويلات منذ قيام إسرائيل وإلى اليوم، وآن الأوان لتكون استراحة أبدية ضد الحروب والإرهاب والنزاعات، وتمكين الفلسطينيين وجميع شعوب المنطقة من العيش بأمن وسلام.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد