: آخر تحديث

«تعفّن الدماغ» والمقاطع التافهة

4
4
3

عقل العقل

بداية يرمز مصطلح «تعفن الدماغ» إلى مصطلح مجازي حديث من قبل دار نشر جامعة أكسفورد البريطانية للدلالة على تدهور الحالة الذهنية للفرد نتيجة للإفراط في استهلاك المحتوى التافهة في الإنترنت. قد يرى البعض أن الانخراط في وسائل التواصل الاجتماعي لساعات وفترات طويلة هو متعة كبيرة لا يضاهي شيئاً آخر حتى الآن في عالم اليوم، لا شك أن التصفح لمواقع التواصل قد يجلب السعادة الآنية والشعور بالراحة والإنتاجية ومن يشاهد مجموعات (الواتساب) يعرف ماذا أتحدث عنه، فالكل يشارك في مواد مختلفة، وهناك حالة من التسابق والتشاحن في تلك المجموعات، أما موقع (التيك توك) فهو نجم المرحلة لكل الفئات العمرية، فالفرد الآن قد يسافر وحده دون خشية من عزلة أو وحدة ما دام هاتفه الخاص معه وعنده اتصال بالإنترنت على مثل هذه المواقع التي قد تعطيك إحساساً بأنك تعرف كل الأخبار والمعلومات وكل ما يجري ليس في مدينتك أو بلدك، بل في كل مكان في العالم، هذه المواقع خلقت نجوماً ومشاهير لها في كل ثقافة وبلد، ويغلب عليهم السذاجة والسطحية، لكن تجد المتابعين بالملايين، ورغم التشريعات والقوانين إلا أن ضبط ما يطرح في هذه الحسابات صعب ومستحيل، ورغم اعترافنا بسذاجة هؤلاء المشاهير إلا أننا نجد أنفسنا نتابعهم ساعاتٍ طويلةً، وفي النهاية تفكر ماذا خلصت من هذه المتابعة، تجدها صفرية وقد يكون لها تأثيرات سلبية على طريقة تفكيرنا وتعاملنا مع الظروف المحيطة بنا على أرض الواقع. إن الاعتقاد بأن حالة «تعفن الدماغ» ممكن الشفاء منها عن طريق تقليص ساعات استخدام الإنترنت خصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي وذلك من خلال خلق عادات جديدة وممارسة الرياضة أو هوايات جماعية مثل الرسم أو الموسيقي قد يكون صحيحاً في بعض الأحيان، وعندما تكون هناك ظروف مناسبة لأن هذه الممارسة الإدمانية الهروبية قد تكون هي السبيل الوحيد للترفيه الذاتي بعيداً عن الرقابة المجتمعية، نشاهد الآن أشخاصاً مختلفين في الأماكن العامة يتصرفون بطرق غريبة نتيجة انخراطهم في تصفح مواد في تلك المواقع تحلق بهم بعيداً عن أرض الواقع وتعطيهم الإحساس بأنه يمكنهم أن يحلوا مشكلات العالم بتعليقاتهم على مواد ومقالات في شبكة الإنترنت، فهم يتوعدون ويحرمون ويحللون كل ما لا يتفق مع قناعاتهم وتجد الكثير يتبعهم في هذا السلوك، مثل موقع اليوتيوب الذي أعتقد أنه من أفضل منتجات الثورة المعلوماتية، تجد مواد مفيدة وجادة في أغلب التخصصات، لكن لاحظت أن البعض يستفيدون من محاضرات متنوعة، لكن لا يعجبهم وجود موسيقي مصاحبة لتلك البرامج المفيدة، فهمهم الأول هو وجود موسيقي وترديد أنها محرمة في تعليقاتهم حتى تكون الموسيقي هي القضية بعيداً عن أصل القضية الأساسية. ختاماً من المشهد الواقعي أمامنا نجد الكوارث للبعض منا من يفتح الميكرفون ويصور بين السماء والأرض ويتحدث دون تدقيق وتفكير رزين ويجني على نفسه ومصالحه، فالجمهور الافتراضي لا يرحم وقد يفسر ما يشاهده أو يسمعه بعيداً عن المقصود فعلاً، وهذا طبيعة جماهير هذه الوسائل الاجتماعية والشواهد كثيرة، قد تحمل لنا العقود القريبة القادمة وجود عيادات طبية تعالج «تعفن أدمغة» البعض منا في ظل هذه السلوكيات الخاطئة التي نتعامل معها مع وسائل التواصل الاجتماعي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد