المملكة العربية السعودية، من خلال رؤيتها الوطنيّة 2030، أصبحت ذات حراكٍ لا يكاد يتوقف في شتّى مناحي الحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والتعليميّة، ومن المؤكّد أنّ ذلك الحراك هو نبضٌ تعيشه الجامعات في مختلف التخصصات. وفي هذا السياق، وقّعت جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن ممثلةً بكليّة اللغات اتفاقيةَ تعاونٍ مع جمعيّة الترجمة، يوم الأربعاء الأول من أكتوبر للعام 2025م، ومن الفألِ الحَسن، وحُسنِ الطالع أن تَزامنَ التوقيع مع احتفاليّة اليوم العالميّ للترجمة التي نظمتها كلية اللغات تحت شعار "الترجمة والحرف اليدويّة، هُويّة وطنيّة ورسالة عالميّة"، شهدها مهتمون بالترجمة من طالباتٍ وعضوات هيئة تدريس ومنسوبات جمعية الترجمة وممتهني هذه المهنة ذاتِ الأثر المعرفيّ والثقافيّ. هدفت الاتفاقيّة لتطوير برامج اللغة والثقافة والترجمة الاحترافيّة والتخصصيّة، ودعم المحتوى الثقافيّ؛ بما يُعزز حضور الهُويّة الوطنيّة عالميًا، وكذلك تعزيز المشاريع البحثيّة والتدريبيّة التي تربط طالبات الكلية بالمجتمع المهنيّ.
وحينما تتعاونُ جهتانِ مهتمتان بالترجمة بمختلف فروعها؛ فإنّ ذلك يعني أن تأخذ الترجمة نفسًا عميقًا يدفع بها نحوَ آفاقٍ أرحبَ وأوسع. فكليّة اللغات بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن تُعلّم اللسانَ الإنجليزيّ والفرنسيّ والصينيّ، وتنتظرها لغاتٌ أُخَر؛ إذ تضم حاليًّا أربعةَ أقسامٍ أكاديميّة: قسم الترجمة، والأدب والدراسات الثقافيّة، واللغويّات التطبيقيّة، واللغات الآسيويّة. وتضم الكليّة 136 عضوَ هيئة تدريس، وتُصدِر مجلةً علميّةً محكّمةً في دراسات اللغة والأدب. وتحتضن الكليّة بين جنباتها 1100 طالبة في مراحل البكالوريوس والدبلوم العالي والماجستير، وتضم ناديًا طلابيًا للغات؛ يُعنَى بتنمية وتطوير المهارات القياديّة والخطابيّة، وإتاحة الفرصة للطالبات لممارسة الترجمة والتدقيق اللغويّ، وكسب الخبرات في المجال، وصقل مواهب المسرح والفن الأدبيّ؛ من كتابةٍ وتمثيلٍ وإخراج. مُخرجات تلكم الكليّة، مخرجاتٌ متميّزة؛ إذ حصدت طالباتها 40 جائزة في مسابقاتٍ محليّة وإقليميّة ودوليّة.
والقلب الآخر لهذه الاتفاقيّة هو جمعيّةُ الترجمة؛ تلك المظلة الوطنيّة للمترجمين السعوديين، عضو الاتحاد الدوليّ للمترجمين؛ حيثُ تعمل الجمعية على تنظيم قطاع الترجمة، وإثراء حركتها وصناعتها داخل المملكة العربية السعودية، وتقديم الاستشارات، وإقامة الفعاليات المحليّة منها والدوليّة، وتعزيز استخدام التقنية في مجال الترجمة، ونسج شراكاتٍ فاعلة، والاعتناء بالقدرات البشريّة، وتأصيل دور الترجمة؛ باعتبارها وسيلةً مهمة للاتصال بين الثقافات.
وحينما تتعاونُ جهتان تحملان على عاتقيهما هَمَّ الترجمة -ككلية اللغات وجمعيّة الترجمة-؛ يكونُ المُخرَج على مستوى الطموح. ومن المؤكّد أنّ ما تمتلكه جمعية الترجمة من خبرةٍ وما تحتضنه كليّة اللغات من مادة علميّة تجعل المُخرَج -بإذن الله- على مستوى المُبتغى الذي ترنو إليه الرؤية الوطنية 2030 التي أكّدت على أهميّة تطويرِ القطاع الثقافيّ؛ بصفته رافدًا معرفيًّا واقتصاديًّا مهمًا.
ومن هُنا نُبارك للترجمة تربعها على قلبينِ كبيرين -كلية اللغات بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن وجمعية الترجمة-؛ فمن خلال شراكتهما يتدفقُ العلم والمعرفة عبر شرايينهما؛ ليكونَ للترجمةِ مزيدَ تألقٍ ونتاجٍ فكريٍّ وثقافيّ؛ حيثُ إنّ الترجمة هي الوسيلة التي يُتعرَّفُ من خلالها على الحراك العالميّ، والمستفيد من ذلكم التعاون الترجمةُ ذاتها؛ إذ هي المُخرَج الذي ينتظره المجتمع وسوق العمل. بارك الله في الجهود، ونفع بالثمرة.