: آخر تحديث

ما شاهد وجه زوجته

3
3
2

أحمد المغلوث

على هامش اليوم الوطني دُعيت مع مجموعة من زملاء الدراسة، بعضنا كان من المرحلة المتوسطة والبعض الآخر كانوا في المرحلة الثانوية، وقلة كانوا من خريجي الجامعة. كانت الأجواء رائعة وخصوصاً أن مجلس مزرعة صاحبنا ومضيفنا أبي سعد الذي أسعده الله بأن كان نصيبه من ورث والده هذا البستان.

«المزرعة» وكان حمام السباحة الواسع الذي تحيط به الأروقة التي تحاكي العمارة الشهيرة بالأحساء، بل إنها بدأت أكثر جمالاً وتميزاً في تنفيذها وعمدانها الشامخة، التي تكاد تقول إنني أكاد أنافس أعمدة المدرسة «الأميرية». مضيفنا ومنذ حصل على الثانوية التحق بشركة النفط الشهيرة في المنطقة وكان كما كان قبل ذلك عاشقاً للقراءة والاطلاع، بل كان من رواد مكتبة الشركة في الظهران، لذلك كان يحسن الحديث وكلماته خلال أحاديثه أو حتى «سواليفه» تشف وتعبّر عن ذكاء حاد وكنز من المعلومات وإصرار وحتى عناد عندما يطرح موضوعاً أو يعبّر عن رأي في جوانب الحياة..

وعلى هامش السهرة أثار زميلنا المخضرم أبو عبدالمحسن، وكان أكبرنا عمراً، بل من الذين درسوا في القاهرة، وأيضاً كان من عشاق القراءة التي يعتبرها متعته الحقيقية والدائمة. كان صريحاً وواضحاً عندما قال دعونا من «لعب الورق» ولنناقش موضوعاً مهماً وحساساً وهو «ديمومة» العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة، خاصة بعد مضي سنوات الشباب. فقاطعه صاحبنا أبو سعد: يبدو أنك تتهرَّب من لعب الورق خايف أن تخسر، فرحت تثير موضوعاً أكل عليه الزمن وشرب. يتحدث وهو يتكئ على المسند المزدان بالورود المطرزة بالخيوط الملونة ويده تحرِّك «سبحته» اللؤلؤية والتي تكاد تشرق بلونها المضيء. عندها تطلع إليه يوسف الذي تقاعد مؤخراً من إحدى الإدارات الحكومية وهذه أول مرة يجتمع مع «شلتنا» التي اختارت هذا الوقت وهذه المناسبة الوطنية العظيمة وما زالت فرحتها حتى هذا المساء تداعب مشاعرهم، بل مشاعر كل مواطن ومواطنة وحتى المقيم في هذه الأرض الطيِّبة. اعتدل يوسف في جلسته وقال مخاطباً أبا عبد المحسن: بداية الزواج كما يُقال خاصة بالنسبة لجيلنا الكبار الذين تجاوزوا عقدهم الثامن لم يتح لهم مشاهدة زوجاتهم، وأنا وأقولها بصراحة واحد منهم لم تتح لي التقاليد ولا العادات رؤية زوجتى إلا ليلة «الدخلة» ويبدو أنني كنت محظوظاً؛ فكانت والحق يُقال أفضل مما كنت أتوقّع، بل وأحلم. والحمد لله. وربما لا تصدقون أنني صليت أكثر من مرة؟ شاكراً الله على توفيقه ثم حسن اختيار شقيقتي التي رشحتها لي. وأضاف بعدما احتسى رشفة من «استكانة» الشاي المنعنع: الحياة الزوجية تحتاج من الزوجين لطولة البال وربما يحدث احتكاك أو اختلاف في وجهات النظر نتيجة لظروف قاهرة فلا شك أن استمرار الاحتكاك والمواجهات يضاعف من حدة المشكلة إذا كانت صغيرة فتجعلها تتحول إلى مشكلة أضخم خاصة إذا كان بين الزوجين مسافة كبيرة في الوعي أو عدم فهم الآخر بصورة محببة ولطيفة من هنا تتفجر المسألة بين الزوجين. عضَّ بومشعل على شفته السفلية وقال: الله يرحم جدي مشعان يحلف ما شاف وجه جدتي مع أنها أنجبت له أربعة أولاد وبنتين.

وأضاف وهو يبتسم لما سألت أبوي معقولة جدي ما عمره شاف وجه جدتي. فرد عندنا وبعض القبائل تفرض الأعراف في بعض المجتمعات البدوية عادات صارمة وقوية فلا تكشف الزوجة وجهها لزوجها. غير معقول غير معقول جاء صوت أبو إبراهيم زميلهم الذي اقترب أكثر من حلقة النقاش وقال: كنت أسمع عن هذه الظاهرة لكني لم أصدق.. وقبل أن يكمل جاء خادم البستان معلناً عن جاهزية عشاء المندي، فتوقف الحديث.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد